" البكاء في القرآن "
" البكاء في القرآن "
أخي الحبيب: عندما يقترن الخوف من الله – عز وجل – بالإجلال والتعظيم تفيض العين بالدمع؛ تعبيرًا عن هذا التأثر العميق، وهذا الدمع ليس تفريغًا لهذه الشحنة الإيمانية، وإنما هو ما يسكب فوقها، فيتذوق العبد برد اليقين، ويحس بثلج الإيمان. وإليك أيها – اللبيب – طرفًا من حديث القرآن عن البكاء:
قال الله تعالى: " وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا " [الإسراء: 109] قال الإمام ابن كثير – رحمه الله تعالى - (تيسر العلي القدير): خضوعًا له – عز وجل – وإيمانًا بكتابه ورسوله " وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا " أي تسليمًا. اهـ.
فعندما يستمع العبد الخاشع لآيات الله تتلى عليه يتأثر بمواعظ القرآن وزواجره فيخر ساجدًا لله تعظيمًا وتوقيرًا وخضوعًا له سبحانه.
وقال الإمام القرطبي – رحمه الله تعالى - (الجامع لأحكام القرآن): " هذه مبالغة في صفتهم ومدح لهم ".
وحق لكل من توسم العلم وحصَّل منه شيئًا أن يجري إلى هذه المرتبة فيخشع عند استماع القرآن ويتواضع ويذل.اهـ.
فانتبه – أخي طالب العلم – فإنما العلم الخشية.
وقال سبحانه وتعالى: " أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ " [النجم: 59، 60].
قال الإمام القرطبي – رحمه الله تعالى - (الجامع لأحكام القرآن) " أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ " يعني القرآن.
وهذا استفهام " تَعْجَبُونَ " تكذيبًا به " وَتَضْحَكُونَ " استهزاءً " وَلَا تَبْكُونَ " انزجارًا وخوفًا من الوعيد.
وقال الله تعالى: " تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ " [السجدة: 16].
قال الإمام ابن كثير – رحمه الله تعالى (تيسر العلي القدير): " تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ " يعني بذلك قيام الليل وقيل الصلاة بين العشاءين ".
وعن أنس: " هو انتظار صلاة العتمة – يعني العشاء ".
" يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا " أي خوفًا من وبال عقابه، وطمعًا في جزيل ثوابه.
قال الحسن البصري – رحمه الله -: " أخفى قوى عملهم – فأخفى الله لهم ما لم ترَ عين ولم يخطر على قلب بشر ". رواه ابن أبي حاتم.
وقال البغوي – رحمه الله تعالى (شرح السنة) – " أي خائفين عذابه، طامعين في ثوابه ".
أخي الحبيب... هذا قليل من كثير عن حديث القرآن عن البكاء ولعله فيه عبرة لمن كان له قلب.
مختارات