" الانطلاقة الثانية والثلاثون "
" الانطلاقة الثانية والثلاثون "
أخي الكريم:
دعنا ننطلق إلى المدينة النبوية في شدة الحر وقد دنت الشمس من الأرض وهاجت الرياح الحادة والسموم الحارقة، هذه هي المدينة كما نراها وقد طاب الثمار وزان الظلال في شدة الحر وحمارة القيظ لكن الرسول والذين آمنوا معه يتهيئون للمسير إلى تبوك في ذلك الوقت: " انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ " وقد منَّ الله عليهم بالمغفرة قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: " لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ " [التوبة: 117] قال مجاهد وغيره: نزلت هذه الآية في غزوة تبوك، وذلك أنهم خرجوا إليها في شدة من الأمر في سنة مجدبة وحر شديد وعسر من الزاد والمال، قال قتادة: خرجوا إلى الشام عام تبوك في لهبان الحر على ما يعلم الله من الجهد، أصابهم فيها جهد شديد حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين كانا يشقان التمرة بينهما.
وكان النفر يتداولون الثمرة بينهم يمصها هذا ثم يشرب عليها، ثم يمصها هذا ثم يشرب عليها، فتاب الله عليهم وأقفلهم من غزوتهم.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في قيظ شديد، فنزلنا منزلا فأصابنا فيه عطش حتى ظننا إن رقابنا ستنقطع وحتى إن كان الرجل ليذهب يلتمس الماء فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع وحتى إن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي على كبده.
والحال اليوم أخي المسلم ليست كذلك بل هي دون ذلك صعوبة ومشقة ومع هذا قل من يعمل وندر من يدعو ويصبر.
مختارات