" أسئلة حول الموضوع "
" أسئلة حول الموضوع "
س1: هل يجوز للداعية أن يأخذ الموافقة من ولاة الأمر أو من الحكومة مثلا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
ج1: الله المستعان، - مع الأسف – هذا السؤال منبعث من واقعنا المريض نحن المسلمين، فالله تعالى يقول: " وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ " [آل عمران: 104] ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرًا...».
فما الذي يربط الدعوة بولي الأمر؟ وما الذي يربط إنكار المنكر بولي الأمر؟! أما الأمور الظاهرة فهذه يعالجها المختصون، ولكن الأمور الداخلية أو الأمور الفردية أو ما إلى ذلك فالمسلم يدعو إلى الله ممتثلاً أمر الله الذي يقول: " وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ " ويقول: " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا " [فصلت: 33]. فليتعامل مع الله ويدعو لولاة الأمور بالدعوات الصالحة وبالهداية لهم، وبأن يعدِّل الله حالهم، ويصلحها، أو يخلص المسلمين منهم، ويبدلهم بأفضل إن كان فيهم شر.
على كل حال إذا كان هناك تنظيمات ودعوته تستدعي أن يتصدر في منبر أو أن يتصدر في مؤتمر أو ما إلى ذلك، وهذا الأمر لا يصل إليه إلا عن طريق من يملك هذا الوضع، وله إشراف عليه، فلا بأس، ويكون هذا من باب التنظيم، أما أصل الدعوة فلا إذن فيه؛ الإذن في الشكليات التي يملكونها كما وضحت ذلك.
س2: هل تبرأ الذمة بإنكار المنكر مرة واحدة أم أن الواجب الاستمرار؟
ج2: لا تبرأ الذمة بإنكار المنكر مرة واحدة، إلا إذا كان منكرًا واحدًا ولم يتكرر ولم يقع مرة ثانية، فالمطلوب المواصلة في الإنكار فيما تكرر أو جدَّ أو أصر عليه صاحبه، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره...» الحديث عام يشمل من رآه أول مرة ومن تكررت رؤيته للمنكر.
س3: كيف نأمر وننهي مرتكب المعصية إذا كان أبًا أو أخًا أو عمًا أو كبيرًا؟
ج3: المشروع أن يبدأ بالأقربين من عشيرته في الدعوة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، يقول الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام: " وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ " [الشعراء: 214]. ويقول تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا " [التحريم: 6].
فالمؤمن يبدأ بمن حوله ولا يجامل في أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر مع قريب أو بعيد، فالله تعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: " كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ " [الأعراف: 2].
وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيبًا، فكان فيما قال: «ألا لا يمنعن رجلاً، هيبة الناس، أن يقول بحقٍ، إذا علمه».
وضرب الله في القرآن أمثلة لما يتعلق بالأبوه ولما يتعلق بالبنوه ولما يتعلق بالزوجة.
* اقرؤوا قصة إبراهيم عليه السلام مع أقرب الناس إليه؛ مع أبيه.
* وقصة نوح عليه السلام مع ابنه.
* وقصة امرأة فرعون مع زوجها.
س4: هل يلزمني لإنكار منكر الأمر بمعروف أن أعرف الدليل وإن كان ذلك المنكر واضحًا عندي؟
ج4: على كل حال أنا أشرت إلى هذا فيما ينبغي أن يتحلى به الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.
والداعية إلى الله يجب أن يكون على علم، وكلمة (على علم) تعني: أن عنده من الله فيه برهان.
فتكون على علم بما تنكره وتكون عارفًا لدين الله وعارفًا للدليل؛ بحيث لو نوقشت يكون عندك في هذا برهان؛ أما أن تقول: هذا منكر، وتسكت، دون معرفة للدليل، ثم إذا سُئلت عن الدليل قلت: أما ما أدري سمعت فلانًا يقول: أنه منكر فأنكرت.
وقد يناقشك فاعل المنكر وينقدك، خاصة إذا كان صاحب حجة ويبين لك أنه معروف.
فالعلم لابد منه والدليل أيضًا في مثل هذه الأمور التي يواجه بها الناس أرى أنه من الضروري معرفتها.
س5: هل كتم الرسول صلى الله عليه وسلم، شيئًا من أمر الدين مداراة خوفًا على الدعوة؟
ج5: لا فلقد أدى الأمانة خير أداءٍ وشهد الله له بالبلاغ. قد يكون هناك من الأمور الخيرية ما أخبر به بعض الناس دون بعض خشية أن يفتتنوا وألا يتحملوا هذا الأمر أو إن كان وعدًا يتكلوا عليه.
أو إن كان وعيدًا أن ييأسوا من رحمة الله – سبحانه وتعالى – ومن ذلك حديث معاذ بن جبل رضى الله عنه قال: «بينا أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم، ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل فقال: «يا معاذ !» قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة، ثم قال: «يا معاذ !» قالت: لبيك رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة، ثم قال: «يا معاذ بن جبل !» قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: «هل تدري ما حق الله على العباد؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا» ثم سار ساعة ثم قال: «يا معاذ بن جبل !» قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: «هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «حق العباد على الله أن لا يعذبهم» (أخرجه البخاري ومسلم) وزاد مسلم في صحيحه: قال: قلت يا رسول الله أفلا أبشر الناس، قال: «لا تبشرهم فيتَّكلوا» (أخرجه مسلم ).
س6: هل يجوز المداراة في أمور المعتقد بقصد جمع كلمة المسلمين مع اختلاف عقائدهم؟
ج6: لا يجوز ذلك. واسمع قول الله تعالى: " قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ " [الممتحنة: 4]. وقوله تعالى: " ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " [النحل: 123].
س7: ما رأيكم بالعمل الجماعي في الدعوة لنصرة الدين؟
ج7: العمل الجماعي مطلوب والله أثنى على المسلمين عمومًا وندبهم أن يلتقوا وأن يجتمعوا.
يقول تعالى: " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا " [آل عمران: 103]، ويقول تعالى: " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى " [المائدة: 2].
س8: هل يجوز الكذب والغش للوصول إلى المصلحة العامة في إنكار المنكر؟
ج8: على كل حال أنا لا أرى أن ينكر منكر بارتكاب منكر. والكذب لا يجوز إلا في حالات ثلاث، كما ورد في الحديث عن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل الكذب إلا في ثلاث: يحدث الرجل امرأته ليرضيها، والكذب في الحرب، والكذب ليصلح بين الناس»( أخرجه الترمذي ).
س9: ما قولك في قول الله تعالى: " يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ " [المائدة: 105]؟
ج9: الآية تفيد الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر في قوله سبحانه: " آمَنُوا "، وقوله: " اهْتَدَيْتُمْ ".
فمقتضى الإيمان الحق والهداية المطلوبة ذلك.
وقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما عن أبي أمية الشعباني قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني، فقلت له: كيف تصنع في هذه الآية؟ قال: أية آية؟ قلت: قوله تعالى: " يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ " ؟ قال: أما والله لقد سألتُ عنها خبيرًا، سألتُ عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحًا مطاعًا، وهوى متبعًا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة؛ فإن من ورائكم أيام الصبر فيهن على مثل قبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم» قال عبد الله بن المبارك: وزادني غير عبثة، قيل: يا رسول الله! أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: «بل أجر خمسين منكم» (أخرجه أبو داود والترمذى وقال: هذا حديث حسن غريب، وأخرجه ابن ماجه) ويلاحظ أن فضل الصحابة مطلق، وأن هذا الفضل مقيد بالحالة المذكورة، والفضل المطلق أفضل من الفضل المقيد.
س10: ما معنى قوله تعالى: " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ " [فصلت: 33]؟
ج 10: المعنى: لا أحد أحسن كلامًا وطريقة وحالة ممن دعا الناس إلى طاعة الله وطاعة رسله؛ وذلك بتعليم جاهلهم، ووعظ غافلهم ونصح معرضهم، ومجادلة مباطلهم على ضوء ما سلف من الله تعالى: " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " [النحل: 125].
مختارات