طبقات الخلق في الآخرة - الأولى: طبقة أولي العزم من الرسل
طبقات الخلق في الآخرة
قال الله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)} [الروم: 14 - 16].
وقال الله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)} [آل عمران: 106 - 107].
الدنيا دار الإيمان والعمل والآخرة دار الثواب والعقاب، والدنيا داء الفناء.. والآخرة دار البقاء.
والإنس والجن يوم القيامة طبقات.. ومنازلهم في الجنة درجات.. وفي النار دركات.
وطبقات المكلفين يوم القيامة ثمان عشرة طبقة:
الطبقة الأولى: طبقة أولي العزم من الرسل.
وهذه الطبقة هي العليا على الإطلاق، فأكرم الخلق على الله، وأخصهم بالزلفى لديه رسله، وهم المصطفون من عباده الذين سَلَّم عليهم في العالمين كما قال سبحانه: {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181)}... [الصافات: 181].
فالله عزَّ وجلَّ اختص رسله بوحيه، وجعلهم أمناء على رسالته، وواسطة بينه وبين عباده، وخصهم بأنواع كراماته:
فمنهم من اتخذه خليلاً كما قال سبحانه: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125)} [النساء: 125].
ومنهم من كلمه تكليماً كما قال سبحانه: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)} [النساء: 164].
ومنهم من رفعه مكاناً علياً كما قال سبحانه عن: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)} [مريم: 57].
ورفع بعضهم فوق بعض درجات كما قال سبحانه: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: 253].
فهؤلاء الرسل أقرب الخلق إليه وسيلة، وأرفعهم عنده درجة، وأحبهم إليه، وأكرمهم عليه، وخير الدنيا والآخرة إنما ناله العباد بفضل الله على أيديهم.
ولم يجعل الله لعباده وصولاً إليه إلا من طريقهم، ولا دخولاً إلى جنته إلا خلفهم، ولم يكرم أحداً من خلقه بكرامة إلا على أيديهم.
وبالرسل عُرف الله، وبهم عُبد وأُطيع، وبهم حصلت محابه تعالى في الأرض من الإيمان والتقوى، والعبادات والطاعات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، والجهاد في سبيل الله.
والأنبياء والرسل درجات، وأعلاهم منزلة أولو العزم من الرسل، وهم المذكورون في قوله سبحانه: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)}... [الشورى: 13].
وأفضل أولي العزم سيد الأولين والآخرين محمد - صلى الله عليه وسلم -.
فهؤلاء هم الطبقة العليا من الخلائق، وعليهم تدور الشفاعة، حتى يردوها إلى أفضلهم وخاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -.
مختارات