" لا إفراط في الهمة "
" لا إفراط في الهمة "
صاحب الهمة العالية لا يهدأ ولا يستقر على حال، كلما حاز منزلة رغب في التي فوقها لأن الهدف المحرك لهذه الهمة هدف أعلى، ولكي يحاز لابد من الاستمرار في السير حتى يبلغ منتهاه؛ قال عمر بن عبد العزيز لدكين لما جاءه: «يا دكين إن لي نفسًا تواقة، لم تزل تتوق إلى الإمارة فلما نلتها تاقت إلى الجنة» ولهذا قيل: «ليس في علو الهمة إفراط في الحقيقة»؛ بل بهذا الإفراط والتزيد تقتل معاني الإسفاف والذل والخضوع وتكسر القيود المثبتة للأقدام على المسير والمهيضة الأجنحة عن التحليق.
ويمثل الإمام ابن القيم لهذه المهمة المتسامية بمثال لطيف يشرح ما قلناه: «مثل القلب مثل الطائر كلما علا بعد عن الآفات وكلما نزل احتوشته الآفات» (الفوائد) وما سقط كثير من شباب الإسلام في أوحال الشهوات وملذات الدنيا إلا عندما ماتت هممهم؛ فأصبحوا كسائمة الأنعام تلتقط ما تشتهي وإن كان فيه حتفها... وقد ناداهم لو كانوا يسمعون، ولا يسمع الموتى النداء الإمام عبد القادر فقال: «... لا يكن همك ما تأكل وما تشرب وما تلبس وما تنكح وما تسكن، كل هذا همُّ النفس والطبع، فأين همُّ القلب؟ همك ما أهمك؛ فليكن همك ربك وما عنده» (الفتح الرحماني).
مختارات