" المطلب الثالث : العلم وصناعة الرجال "
" المطلب الثالث: العلم وصناعة الرجال "
على الشاب ذي الهمة العالية أن يحوز قصبات السبق في مجال العلم والمراد بالعلم هنا العلم الذي يضع في الرجل معانيه العظيمة التي ترفعه فوق كل ما هو مادي وتجنبه فتنة الإغراءات حتى يكون سدًّا يقف عنده كل ما فيه معنى الهدم، أو يكون «كالسماء فوق الأرض لو تحوّل الناس جميعًا كناسين يثيرون من غبار هذه على تلك لما كان مرجع الغبار إلا عليهم وبقيت السماء ضاحكة صافية تتلالأ» العلم الذي يكسب رجله عزيمة النفاذ وعزيمة الصبر حتى تنقلب به حياته الضيقة وعيشه المدقع إلى واحات وارفة الظلال، ريانة الأعطاف، تجري من تحتها الأنهار؛ لأنه يعيش في غنى نفسه.
ولشأن العلم الخطير يبدأ الوحي الإلهي بـ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] ويقسم الرب سبحانه بأداة العلم الخالدة: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1] وقد رفع سبحانه أهل العلم فجعلهم ناسًا لا كالناس؛ أجسادهم في الدنيا وأرواحهم وعقولهم تعمل عمل أهل الجنة {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي تبين أهمية العلم وحقيقته وفضيلة رجاله، يقول الإمام ابن حجر: «يرفع الله المؤمن العالم على المؤمن غير العالم، ورفعة الدرجات تدل على الفضل؛ إذ المراد به كثرة الثواب، وبها ترفع الدرجات ورفعتها تشمل المعنوية في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت، والحسية في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة وقوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]. واضح الدلالة على فضل العلم؛ لأن الله تعالى لم يأمر نبيه بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم، والمراد بالعلم العلم الشرعي»(الفتح).
مختارات