" أثر تطييب الخواطر "
" أثر تطييب الخواطر "
لخُلق تطييب الخواطر أثر كبير، وفعال على النفوس، فكم تُدخل الكلمة الحانية من السعادة على امرأة عجوزٍ، فتترجم تلك السعادة بدعواتٍ صادقة خالصة.
وقد تمسح على رأس طفل يتيم حزين ؛ فيذكرك بهذا الموقف طوال عمره، ويدعو لك مدة حياته، وقد تقف إلى جنب أخيك فتصبره على فقد حبيب له ؛ وعزيز لديه، فلا ينسى لك ذلك الموقف ما عاش ؛ والنّفس البشرية مجبولةٌ على حبِّ من أحسن إليها.
فهجر هذا الأدب الإسلامي الرفيع يزيد من مصاب أهل الابتلاء، ويذهب الألفة والمحبة بين الناس، ويفوت على المسلم من الثواب والأجر الشئ الكثير.
الجانب المظلم: داء التشفي:
وعلى خلاف هذا الخلق الكريم، تجد بعض من قست قلوبهم يفرحون أو يضحكون لحدوث ضرر أو أذى لإخوانهم الذين لم يمسوهم بسوء ولا أذى، وهذا فعل ينافي تعاليم الإسلام، لحديث أنس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»(رواه البخاري، ومسلم ) فنرى في زماننا أناساً قست قلوبهم، وجعلوا من مآسي الناس ونكباتهم مجالاً للضحك والسخرية بهم، ومن صور ذلك:
الفرح بإخفاق أولاد الجيران دراسياً، أو الفرح بتطاول الأبناء على السائق أو الخدم، أو الفرح لمصائب زملاء العمل، أو فرح المرأة لمكروه يصيب أقارب زوجها، أو مصائب ضرتها، أو طلاق صديقتها.
فليحذر هؤلاء ؛ فإن هذه صفة المنافقين: " إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ " [آل عمران:120]، فقد كان المنافقون إذا أصاب المؤمنين خصبٌ، ونصرٌ، وتأييدٌ، وكثروا وعزّ أنصارهم،ساءهم ذلك، وإن أصاب المسلمين جَدْب أو أُديل عليهم الأعداء، لما لله في ذلك من الحكمة، فَرح المنافقون بذلك (تفسير ابن كثير ).
يا عائداً قد جاء يشمت بي قد زدت في سقمي وأوجاعي
وسألت لمّا غبتَ عن خبري كم سائل ليُجيبه الناعي
ولرغبة بعض النفوس في التشفي ممن عاقبها أو ظلمها، فقد أمر سبحانه بالمعاقبة بالمثل في القصاص دون تعدٍ أو تجاوز، فقال تعالى: " فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ " [البقرة: 194] ذلك أن (النفوس في الغالب لا تقف على حدها إذا رُخص لها في المعاقبة لطلبها التشفي، فأمر تعالى بلزوم تقواه، التي هي الوقوف عند حدوده، وعدم تجاوزها) (تفسير ابن كثير ) فالمحرم مزيد التشفي الذي يسببه التعدي في القصاص، وهو ما تقدم معناه آنفاً.
مختارات