" للاستغفار مواطن وأحوال "
" للاستغفار مواطن وأحوال "
1- يكون عند الذنب:
وهذا من آكد المواضع؛ لأنه اعتراف منك بذنبك وعلامة لي على عدم إصرارك، فأنت تسأل الله أن يمحو أثره ويغسل درنه، قال تعالى: " وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا " (سورة النساء: 110)، وقال أيضا: " وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ " (سورة آل عمران: 135-136).
ولقد فعل ذلك أطهر البشر وأفضلهم وهم رسل الله وأنبيائه كآدم وزوجه، وموسى ويونس –عليهم السلام- وهذا الاستغفار بعد الذنب يجعل القلب صقيلا فلا تعلق فيه أدران المعاصي.لذا لابد للعبد أن يسرع في التوبة من الذنب والاستغفار منه قبل أن يكتبه عليه الملك؛ لأن العبد يمهل بعد الذنب ست ساعات فإن ندم واستغفر وإلا كتب عليه صاحب الشمال تلك الخطيئة فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ، فإن ندم واستغفر منها ألقاها، وإلا كتبت واحدة»(صحيح الجامع).
2- ويكون بعد الفراغ من المجلس:
الذي يشعر العبد أنه قد كثر لغطه فيه كما جاء في الحديث: «من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، واستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك»(صحيح الجامع).
3- وكذلك بعد الطاعات:
كما ذكرنا كالصلوات والحج والوضوء كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فقال بعد فراغه من وضوئه سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، كتب في رق، ثم جعل في طابع، فلم يكسر إلى يوم القيامة» (صحيح الجامع).
4- وأثناء الطاعات:
فأدعية الصلاة كثيرا ما يرد فيها الاستغفار ففي دعاء الاستفتاح وبين السجدتين وفي الركوع وفي السجود بعد الإتيان بالذكر المشروع، وحين سأل أبو بكر –رضي الله عنه- النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه دعاء يدعو به في الصلاة أمره أن يقول: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فأغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم».
5- وكذلك في بداية النهار وآخره (الغداة والعشي):
يشرع للعبد أن يأتي بسيد الاستغفار فلا يقولها احد حين يمسي فيأتي عليه قَدَرٌ قبل أن يصبح إلا وجبت له الجنة، ولا يقولها حين يصبح فيأتي عليه قَدَرٌ قبل أن يمسي إلى وجبت له الجنة»(صحيح الجامع).
أخي القارئ: الاستغفار يبعث النشاط والصحة في القلب، فالقلب إذا كان سليما نشيطا على الطاعة بعيدا عن الآثام والذنوب؛ كان حيا رقيقا أبيضا نقيا تؤثر فيه أدنى موعظة، وينشط لأشق طاعة وإن كان ليس في الطاعات بحمد الله مشقة.
والله سبحانه وتعالى يرفع عن الأمة المستغفرة حيث قال تعالى: " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " (سورة الأنفال: 33 ).
إذاً فعليكم –أيها الناس- بلزوم الاستغفار والإكثار منه في الليل والنهار في السر والجهار، وابشروا بالخير الوافر والمنزل الكريم الزاهر فلقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا»(فضائل الأعمال).
مختارات