" الاستغفار في البيان الإلهي "
" الاستغفار في البيان الإلهي "
أمر الله –عز وجل- عباده بالاستغفار وحثهم عليه ووعدهم على ذلك بالمغفرة والثواب العظيم، والعطاء الجزيل، ومن أصدق من الله قيلا نذكر منها ما يلي:
* قال تعالى: " غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ " (سورة غافر: 3).
الشـرح:
الله غافر ذنوب المستغفرين، وقابل توبة التائبين، الذي يرحم المنيبين، وهو شديد العقاب على من تجاوز حدوده واستهان بأمره وأصر على ذنبه، وهو صاحب التفضل على العباد وصاحب الإنعام على الخليقة، لا معبود بحق سواه ولا إله غيره، ولا شريك له، إليه يعود الخلق لإحقاق الحق ومجازاة كل بما يستحق.
*وقال تعالى: " فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ " (سورة غافر: 55).
الشـرح:
أيها الرسول أصبر على تكذيب الكفار وأذى الفجار، فإن الله وعدك بالنصر والتمكين والرفعة، وهو –سبحانه- لا يخلف ما وعد، بل يُنجزه لك وقد حصل هذا، وعليك بالاستغفار من الذنوب، فبالاستغفار تنال رضى الواحد القهار وتنجو من الأخطار، ونزِّه ربك ومجِّده بالتسبيح الذي تنفي فيه النقص عن الله المقرون بالحمد الذي هو إثبات الكمال له سبحانه في كل مساء وكل صباح.
* وقال تعالى: " فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ " (سورة محمد: 19) الشرح:
فاعلم – أيها الرسول - أنه لا يستحق العبادة إلا الله، وأنه لا شريك له، واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات، والله يعلم حركتكم بالنهار في الأعمال، واستقراركم بالليل للراحة من الأشغال، وفي الآية الجمع بين التوحيد والاستغفار والعلم والعمل.
* وقال تعالى: " وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ " (سورة آل عمران: 133) الشرح:
بادروا –أيها المؤمنون- وعجلوا- أيها المتقون- ما يوجب لكم مغفرة ربكم وما تستحقون به دخول جنة مولاكم إلى جنة عرضها عرض السموات والأرض، والفوز برضوانه ونيل النعيم الذي أعده لأوليائه، وذلك بفعل الطاعات وترك المحرمات، فإن من عمل صالحا وأكل حلالا وقال خيرا، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وسابق في الخيرات استحق أن يتجاوز الله –عز وجل- عن سيئاته، وأن يُعظم حسناته، ويرفع درجاته في جناته.
* وقال تعالى: " وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ " (سورة آل عمران: 135).
الشرح:
ومن صفات هؤلاء المتقين أنهم إذا ارتكبوا كبيرة أو اقترفوا جريرة وظلموا أنفسهم باعتدائهم على غيرهم، عادوا إلى ربهم سبحانه فتذكروا عقابه وما أعد لمن عصاه فاستغفروا الله من الخطيئة، وسألوه المغفرة، وندموا على ما فعلوا، وتأسفوا عمَّا اقترفوا، وعلموا أنه لا يغفر الذنب، ولا يتجاوز عن الخطأ، ولا يعفو عن السيئة إلا الله الواحد الأحد، ولم يداوموا على هذه المعاصي، ولا يَلِجوا في الخطأ، ولا يستمروا على الذنب، ولا ينهمكوا في الإجرام، بل أصبح عندهم من القلق والاضطراب والأسف والندم على ما فعلوا ما يوجب معرفتهم بقبح الذنب، ويعلمهم أنه يجب عليهم التوبة، ويعلمهم أن الله يغفر الذنوب جميعا، فيحملهم ذلك على التوبة والاستغفار والمبادرة إلى طلب العفو من العزيز الغفار.
* وقال تعالى: " وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا " (سورة النساء: 106).
الشرح:
وعليك أن تستغفر ربك إن كنت هممت أن تُدافع عن خائن أو تجادل عن منافق، فإن الله –سبحانه وتعالى- يتجاوز عن خطئك، ويغفر لك ويرحمك، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك، وما تأخر، وفيه أن من وقع منه مثل هذه النية، فعليه أن يستغفر ربه ويتوب إليه جل في علاه.
*وقال تعالى: " وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا " (سورة النساء: 110).
الشرح:
ولكن المسلم إذا وقع منه السوء وظلم نفسه بارتكاب معصية، ثم ندم واستغفر وأناب وتأسف على ما فعل وعاد إلى ربه بطلبه الغفران منه يجد ربه كريما، فإن الله أكرم من العبد، رحيم يتجاوز عنه ويقابل الإساءة بالإحسان، والمعصية بالغفران، ويتغمده بالرضوان، ويسكنه الجنان، فلا أحسن من التوبة إلى الله، ولا من استغفاره جل في علاه.
والآيات في الاستغفار كثيرة ومعروفة فقط أوردنا بعض الآيات مع الشرح.
(الشروح مقتبسة من كتاب التفسير الميسر للشيخ عائض القرني).
مختارات