" لؤلؤة في جوف سمكة "
" لؤلؤة في جوف سمكة "
البطل: رجل من المسلمين لم يُذكر اسمه.
البطولة: الإصلاح بين الناس.
تفاصيل البطولة:
عن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: حدثني رجل: أن رجلاً خرج من بيته ومعه غزل ليبيعه ويشتري بثمنه دقيقًا لأهله، فباعه بدرهم ثم مضى، فمر على رجلين يقتتلان في درهم.. فقام ذلك الرجل وأعطاهما ذلك الدرهم الوحيد الذي يملكه لكي يصلح بينهما، وليس له شيء غيره، فأتى إلى امرأته... فأخبرها بما جرى له، فجمعت له أشياء من البيت فذهب ليبيعها.. فكسدت عليه، فمر على رجل ومعه سمكة قد انتنت وتغيرت رائحتها، فقال له: إن معك شيئًا قد كسد ومعي شيء قد كسد فهل لك أن تبيعني هذا بهذا؟ فباعه وجاء الرجل بالسمكة إلى البيت وقال لزوجته: قومي فأصلحي أمر هذه السمكة فقد هلكنا من الجوع.
فقامت امرأة تصلحها فشقت جوف السمكة، فإذا هي بلؤلؤة في جوفها، فتعجبت المرأة وقالت لزوجها: قد خرج من جوف السمكة شيء أصغر من بيض الدجاج، وهو يقارب بيض الحمام، فقال: أريني فنظر إلى شيء ما رأى في عمره مثله.. فطار عقله وحار لبه، فقال لزوجته: هذه أظنها لؤلؤة، فقالت له: أتعرف قدر اللؤلؤة؟ قال: لا، ولكني أعرف من يعرف ذلك، ثم أخذها وانطلق بها إلى أصحاب اللؤلؤ.. إلى صديق له يشتري الجواهر ويبيعها فسلم عليه، فرد عليه السلام وجلس إلى جانبه يتحدث، وأخرج تلك اللؤلؤة وقال: انظر كم قيمة هذه، قال: فنظر زمانًا طويلاً ثم قال: لك بها علي أربعون ألف، وإن طلبت الزيادة فاذهب بها إلى فلان فإنه أثمن لك بها مني.. فذهب بها إليه فنظر إليها واستحسنها وقال: لك بها ثمانون ألفًا وإن شئت الزيادة فاذهب بها إلى فلان فإنه أثمن لك بها مني، فذهب بها إليه فقال: لك بها على مائة وعشرون ألفًا ولا أرى أحدًا يزيدك فوق ذلك شيئًا، فقال: نعم، فوزن له المال.. فحمل الرجل في ذلك اليوم اثنتي عشرة بدرة، في كل بدرة عشرة آلاف درهم، فذهب بها إلى منزله فلما وصل إذا بفقير واقف عند الباب يسأل.. فقال له الرجل: ادخل، فدخل الفقير ثم حكى ذلك الرجل قصته لذلك الفقير والحالة التي كان عليها، ثم قال له: حذ نصف هذا المال الذي عندي، فأخذ الفقير نصف المال (أي ست بدر) فحملها ثم مضى غير بعيد، ثم رجع إليه وقال: والله ما أنا بمسكين ولا فقير، وإنما أرسلني إليك ربك عز وجل لأختبرك وهو الذي أعطاك بالدرهم عشرين قيراطًا، فهذا الذي أعطاك قيراطًا منه وقد ذخر لك تسعة عشر قيراطًا عنده.
* العبرة المنتقاة:
أوصى الإسلام بضرورة الإصلاح بين الناس، وجعل على ذلك الأجر العظيم والثواب الجزيل، لما في ذلك من توحيد الصف وجمع الكلمة؛ لتبقى أمة الإسلام أمة قوية عزيزة على مر الأزمان.
حيث إن: ذلك الرجل عندما علم أن سبب الخلاف الذي بين الرجلين كان بسبب درهم، أعطاهما ذلك الدرهم رغم حاجته فأبدله الله بذلك الدرهم قيراطًا من المال في الدنيا وذخر له تسعة عشر قيراطًا في الآخرة.
يقول الله عز وجل في كتابه: " لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ " [النساء: 114] (وهو يتولى الصالحين: ص170 بتصرف يسير).
مختارات