" قتل سبعة ثم قتلوه "
" قتل سبعة ثم قتلوه "
البطل: جليبيب وامرأته رضي الله عنهما.
البطولة: المبادرة إلى طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
تفاصيل البطولة:
عن أبي برزة رضى الله عنه أن جليبيبًا كان امرأً من الأنصار وكان رجلاً دميمًا في خلقته، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان لأحدهم ابنة لم يزوجها حتى يعلم النبي صلى الله عليه وسلم هل له فيها حاجة أم لا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم لرجل من الأنصار: «يا فلان زوجني ابنتك» قال: نعم ونعمة عين، قال: «إني لست لنفسي أريدها» قال: لمن؟ قال: «لجليبيب» قال: يا رسول الله حتى أستأمر أمها.
فأتاها وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ابنتك، قالت: نعم ونعمة عين زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إنه ليس لنفسه يريدها، قالت: لمن؟ قال: لجليبيب، قالت: لجليبيب؟! لا لعمر الله لا أزوج جليبيبًا.
فلما قام أبوها ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم قالت الفتاة من خدرها لأبويها: من خطبني إليكما؟ قالا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: أفتردان على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟! ادفعوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لن يضيعني.
فذهب أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: شأنك بها (أي أنه وافق على تزويج ابنته لجليبيب) فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم جليبيبًا، ودعا لها بقوله: «اللهم صب عليها الخير صبًا صبًا، ولا تجعل عيشها كدًا كدًا» فكان الرزق يأتيها وهي لا تعلم من أين جاء.
قال ثابت: فلم تمض مدة يسيرة حتى نادى المنادي: حي على الجهاد، فلبى جليبيب النداء وخرج للجهاد.
وبعد انتهاء المعركة أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: هل تفقدون من أحد؟ قالوا: نفقد فلانًا ونفقد فلانًا، فقال مرة أخرى: «هل تفقدون من أحد؟» قالوا: لا؟ فقال: «لكني أفقد أخي جليبيبا، فاطلبوه في القتلى» فوجدوه إلى جنب سبعة من المشركين قد قتلهم ثم قتلوه.
فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم على ذراعيه وقال: «هذا مني وأنا منه، قتل سبعة ثم قتلوه، هذا مني وأنا منه» ثم حفروا له، وما له من سرير إلا ساعدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه في قبره ثم واراه بالتراب.. فرحم الله جليبيبًا، ورحم الله امرأة جليبيب.
* العبرة المنتقاة:
من صفات المؤمنين بالله عز وجل سرعة استجابتهم لأوامر الله ورسوله بدون تردد وبدون تشاور.
حيث إن تلك الفتاة عندما طلب منها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتزوج من جليبيب وأخذ والداها يتشاوران ويترددان في ذلك... خرجت إليهم قائلة: (أتردان على رسول الله أمره؟).
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه: " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ " [الأحزاب: 36] (صفة الصفوة: 1/353 بتصرف).
مختارات