" تنفق ثلاثين ألفًا على العلم "
" تنفق ثلاثين ألفًا على العلم "
البطل: أم ربيعة رحمها الله.
البطولة: في التربية.
تفاصيل البطولة:
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز بالإسناد، عن مشيخة أهل المدينة، أن فروخًا أبا ربيعة بن أبي عبد الرحمن خرج في البعوث إلى خراسان غازيًا، وربيعة في بطن أمه لم يولد بعد، وترك فروخ عند زوجته أم ربيعة ثلاثين ألف دينار.
فقدم المدينة بعد سبع وعشرين سنة، وهو راكب فرسًا، وفي يده رمح فنزل عن فرسه، ثم دفع الباب برمحه فخرج ربيعة فقال له: يا عدو الله، أتهجم على منزلي؟ فقال: لا، وقال فروخ – والد ربيعة -: أنت رجل دخلت على حرمي وبيتي فتواثبا.. وتلبب كل واحد منهما بصاحبه حتى اجتمع الجيران.
فبلغ مالك بن أنس والمشيخة فأتوا لينظروا في الأمر، فجعل ربيعة يقول: والله لا أفارقك إلى عند السلطان. وجعل فروخ يقول: والله لا أفارقك إلا عند السلطان، وأنت مع امرأتي، وكثر الضجيج فلما بصروا بمالك سكت الناس كلهم فقال مالك: أيها الشيخ لك سعة في غير هذه الدار – أي أن هذه الدار ليست لك - فقال الشيخ: هي داري، وأنا فروخ مولى بني فلان، فسمعت امرأته كلامه فخرجت فقالت: هذا زوجي، وهذا ابنه الذي تركه وأنا حامل به، فاعتنقا جميعًا وبكيًا، فدخل فروخ المنزل، فقال لامرأته: هذا ابني؟ قالت: نعم. قال: فأخرجي المال الذي عندك، وهذا معي أربع آلاف دينار، فقالت: المال قد دفنته وأنا أخرجه بعد أيام.
فخرج ربيعة إلى المسجد وجلس في حلقته وأتاه مالك بن أنس وابن أبي علي اللهبي والمساحقي وأشراف المدينة، وأحدق الناس به، فقالت امرأته: اخرج فصل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج فنظر إلى حلقة كبيرة يجتمع فيها عدد كبير من الناس، فأتاه فوقف عليه ففرجوا له قليلاً، ونكس ربيعة رأسه يوهمه أنه لم يره، فقال: من هذا الرجل؟ فقالوا: ربيعة بن أبي عبد الرحمن – أبو عبد الرحمن هو عينه فروخ – فقال فروخ: لقد رفع الله ابني، فرجع إلى منزله.. وقال لامرأته: لقد رأيت ولدك في حالة ما رأيت أحدًا من أهل الفقه والعلم عليها، فقالت أمه: فأيما أحب إليك ثلاثون ألف دينار أو هذا الذي رأيته؟ قال: لا والله إلا هذا، قالت: فإني أنفقت المال كله عليه، قال: فوالله ما ضيعته.
* العبرة المنتقاة:
احرص على تربية ابنك على طلب العلم وأنفق على ذلك المال الكثير، فإن هذا هو الاستثمار الأمثل للمال.
حيث إن: أم ربيعة أنفقت كل مالها على ابنها ليتعلم ويتفقه في دين الله فأثمر ذلك المال بأن أصبح ابنها عالمًا يُشار إليه بالبنان (صفة الصفوة).
مختارات