" ذكر بالله.. فعف.. "
" ذكر بالله.. فعف.. "
فتنة النساء من أعظم الفتن وأشدها على النفس، فمشقة دفعها ثقيلة مستعصية لا يقوى عليها إلا من ثبته وأيده من عباده المؤمنين.
ولأن الأجر على قدر المشقة فإن ثواب أهل العفاف عند الله عظيم، وأجرهم وافر كريم،فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كان فيمن كان قبلكم رجل اسمه الكفل، وكان لا ينزع عن شيء، وفي رواية: كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله، فأتى امرأة علم بها حاجة، فأعطاها عطاء كثيرا – وفي رواية: ستين دينارا – فلما أرادها على نفسها ارتعدت، وبكت، فقال:ما يبكيك؟ قالت: لأن هذا عمل ما عملته قط، وما حملني عليه إلا الحاجة، فقال: تفعلين أنت هذا من مخافة الله؟ فأنا أحرى، اذهبي فلك ما أعطيتك ووالله لا أعصيه أبدا، فمات من ليلته فأصبح مكتوب على بابه: إن الله تعالى قد غفر للكفل، فعجب الناس من ذلك، حتى أوحى الله تعالى إلى نبي زمانهم بشأنه» (رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، ورواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن).
فتأمل أخي الكريم في عاقبة الكفل كيف ختم الله له بمزيتين عظيمتين وهما:
1- مغفرة ذنبه كله وقد كان جريئا على محارم الله.
2- إكرامه بذكرى الدار حيث كتب على بابه بعد موته ما يخلد ذكراه عند الناس بالخير.
ولم يكرمه الله بتلك الكرامات إلا لعفته وحياءه من الله، وعزمه على التوبة والإقلاع عن جميع الذنوب !
لله رجال قد صبروا وبسعدهم سبق القدر
قاموا لله بأمر الله ولولا الله لما قدروا
كسروا بالذل نفوسهم جبروا والله وما كسروا
ناحوا أسفا صاحوا لهفا باحوا وبحبهم اشتهروا
رفعوا قصصا وشكوا ورسول القوم بها السحر
وعن عبد الله بن أحمد بن داسه، المقري البصري، قال: سمعت أن بعض الجند اغتصب امرأة، من الطريق، فعرض له الجيران يمنعونه منها، فقاتلهم هو وغلمانه حتى تفرقوا، وأدخل المرأة إلى داره، وغلق الأبواب، ثم راودها عن نفسها، فامتنعت، فأكرهها ولحقها منه شدة، حتى جلس منها مجلس الرجل من المرأة.
فقالت له: يا هذا، اصبر حتى تغلق الباب الذي بقي عليك أن تغلقه، قال: أي باب هو؟ قالت: الباب الذي بينك وبين الله، فقام عنها وقال: اخرجي قد فرج الله عنك، فخرجت ولم يتعرض لها.
مختارات