" عفة عبيد بن عمير تصنع الراهبات "
" عفة عبيد بن عمير تصنع الراهبات "
وهناك من أهل العفاف من صير الفاتنات عابدات، واستطاع بوعظه ومخافته من الله أن يؤثر فيمن أردن الإيقاع به في أحضان الرذيلة فعدن تائبات راهبات بعد أن كن في الفحشاء راغبات.
فلقد ذكر أبو الفرج وغيره أن امرأة جميلة كانت بمكة وكان لها زوج، فنظرت يوما إلى وجهها في المرآة فقالت لزوجها: أترى أحد يرى ها لوجه ولا يفتتن به؟! قال: نعم، قالت: من؟ قال: عبيد بن عمير، قالت: فأذن لي في فلأفتننه.
قال: قد أذنت لك، قال: فأتته كالمستفتية، فخلا معها في ناحية من المسجد الحرام، فأسفرت عن وجهها مثل فلقة القمر، فقال لها: يا أمة الله استتري، فقالت: إني قد فتنت بك، قال: إني سائلك عن شيء فإن أنت صدقتني نظرة في أمرك، قالت: لا تسألني عن شيء إلا صدقتك، قال: أخبريني لو أن ملك الموت أتاك ليقبض روحك كان يسرك أن أقضي لك هذه الحاجة؟! قالت: اللهم لا، قال: صدقت، قال: فلو دخلت قبرك وأجلست للمسالة أكان يسرك أني قضيتها لك؟ قال: اللهم لا، قال: صدقت، قال: فلو أن الناس أعطوا كتبهم ولا تدرين أتأخذين كتابك بيمينك أم بشمالك، أكان يسرك أني قضيتها لك؟! قالت: اللهم لا، قال: صدقت، قال: فلو أردت الممر على الصراط ولا تدرين هل تنجين أو لا تنجين، أكان يسرك أني قضيتها لك؟! قالت: اللهم لا، قال: صدقت، قال: فلو جيء بالميزان وجيء بك فلا تدرين أيخف ميزانك أم يثقل أكان يسرك أني قضيتها لك؟! قالت: اللهم لا، قال: صدقت، قال: فلو وقفت بين يدي الله للمسألة أكان يسرك أني قضيتها لك؟! قالت: اللهم لا، قال: صدقت، قال: اتقي الله فقد أنعم الله عليك وأحسن إليك، قال: فرجعت على زوجها، فقال: ما صنعت؟ قال: أنت بطال ونحن بطالون ! فأقبلت على الصلاة والصوم والعبادة، فكان زوجها يقول: مال لي ولعبيد بن عمير أفسد علي امرأتي، كانت في كل ليلة عروسا فصيرها راهبة.(روضة المحبين)
ومثل هذا التأثير في الحقيقة لا يصدر إلا ممن وهبه الله قوة الإيمان، وصدق اللهجة في اللسان، والحكمة في عرض الآيات بالبيان، فيكون وعظه على السامع بليغا مؤثرا، كما جرى لهذا الرجل الصلاح. وبالله التوفيق.
مختارات