" الصبــر "
" الصبــر "
إن من أهم ما يربي الإسلام عليه المسلم هو: خلق الصبر والتوكل على الله تعالى والتي يجني ثمارها في الدنيا والآخرة، فالصبر من أهم الأخلاق الإسلامية وهو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، كما أنه من أصعب الأمور وأشقها على العبد، فهو حبس النفس عن التسخط والجزع، وحبس اللسان عن الشكوى لغير الله، وحبس الجوارح عن المفاسد، وهذا هو الصبر الجميل الذي لا شكوى فيه ولا جزع ولا يستطيع ذلك إلا من أعانه الله، والإسلام يحث المسلم على الصبر عند البلاء والمحن والثبات والاتزان عند المصائب، وقد مدح الله الصابرين في كتابه بقوله ﴿وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾(سورة البقرة آية 177).
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن فضل الصبر وبين أنه خير للمؤمن فقال: «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خير له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له».
كما أن أقدار الله جارية وحكمه نافذ صبر العبد أو لم يصبر؛ غير أنه مع الصبر الأجر ومع الجزع الوزر.
وقال حسن البصري رحمه الله: الصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله إلا العبد الكريم.
وهو من الأمور التي يختص بها الإنسان العاقل بخلاف الحيوانات وضعاف العقول، فمن يصبر يجني ثمرة صبره من الاطمئنان والرضا والوصول للغاية والهدف المنشود وراحة القلب والفكر، وكل ذلك في الدنيا أما في الآخرة فالمسلم الصابر المحتسب يبشره الله بالأجر العظيم الذي يوفيه الله له بلا حساب، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾(سورة الزمر آية 10).
وهو من أعظم العبادات التي تدل على قوة إيمان العبد ويقينه بالله واعتماده عليه لما فيه من مشقة على النفوس قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾(سورة آل عمران آية 186).
ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى الصبر في تسعين موضعا من القرآن الكريم، وأضاف إليه كثير الخيرات والدرجات وجعلها ثمرة له، فقد يصل المسلم بصبره درجات عالية في الجنة لا يصلها بعمله، وقد يختبر الله العبد بأنواع الابتلاءات ليعلي بها درجته في الجنة، كما أن الصبر يحتاج إليه العبد في جميع أحواله في العبادات، والمعاملات، وفي الابتلاءات، وفي النعم، وفي جميع أموره الحياتية:
في العبادات: بأن يصبر على مشقتها ويحسن أداءها ويخلصها لله تعالى ويبتعد عن كل ما ينقصها.
في المعاملات: بأن يعامل الناس بالأخلاق الحسنة، ويرفق بهم، ويؤدي حقوقهم، ويتحمل إيذائهم، ويتعامل بالأمانة في البيع والشراء والإجارة والإعارة وغيرها.
في الابتلاءات: بالصبر عليها واحتساب أجرها عند الله، وعدم السخط والجزع منها، والرضا بما قدر الله عليه.
وفي النعم: بأن لا يركن إليها ولا يسرف فيها، ولا يستكثر منها حتى لا تلهيه عن عباداته، ولا يستكبر بها ويتجبر على غيره، وأن ينسبها إلى الله تعالى ويحمده عليها، ويؤدي حق الله فيها.
وفي المعاصي: بأن يبتعد عنها خوفا من الله تعالى ويبغضها فيه، ويعلم أن الله تعالى لم يحرمها إلا لضررها عليه أو على المجتمع.
مختارات