بعض الأحكام المتعلقة بالمرأة المريضة
بعض الأحكام المتعلقة بالمرأة المريضة:
أختي المريضة.. لقد جعل الله – عز وجل- من الأمراض تذكرة للغافل وموعظة للصحيح، فإنه لا يعرف قيمة الصحة إلا من عانى من المرض وآلامه، فلا يشاك المسلم بشوكة فيصبر عليها، إلا ويؤجر من الكريم، والمرض مع التقوى خير من الصحة والعافية مع الفسوق والعصيان، وإذا كان المرض حبسًا للنفس عن الطغيان وارتكاب المعاصي فأيُّ خير يزيد عليه؟! وبالمرض تعود القلوب إلى ربِّها صاغرة راجية، فيستقبلُها ربُّها برحمته ولطفه.
وإليك -أختي المريضة- بعض المخالفات التي قد تقع فيها كثير من النساء حين الذهاب للمستشفيات والعلاج لدى الأطباء فمن أبرز تلك المخالفات:
أولاً: تساهل البعض من النساء في وجود المحرم معهن عند الدخول على الأطباء، ولم تدر تلك المرأة أن الخلوة بالرجل الأجنبي، وإن كان طبيبًا لا تجوز، فإن تعذر وجود المحرم فلابد من وجود عدد من النساء ترتفع بهن الخلوة كالممرضة أو إحدى قريبات المرأة المريضة، ولعلي أذكر شيئًا من الفتاوى في هذه المسألة؛ فقد سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله عن حكم دخول المرأة على الطبيب بحجة أنها بحاجة إلى العلاج؟ فأجاب فضيلته قائلاً: (تتساهل بعض النساء وأولياؤهن بدخول المرأة على الطبيب بحجة أنها بحاجة إلى العلاج، وهذا منكر عظيم وخطر كبير لا يجوز إقراره والسكوت عليه). اهـ.
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: وعلى كل حال فالخلوة بالمرأة الأجنبية محرمة شرعًا، ولو للطبيب الذي يعالجها لحديث: «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما»، فلابد من حضور أحدٍ معها سواء زوجها أو أحد محارمها الرجال، فإن لم يتهيأ فلو من أقاربها النساء، فإن لم يوجد أحد ممن ذكر وكان المرض خطيرًا لا يمكن تأخيره فلا أقل من حضور الممرضة ونحوها تفاديًا من الخلوة المنهي عنها. انتهى كلامه رحمه الله.
ومن المؤسف أيضًا ما نسمعه ونشاهده من تداوي بعض النساء لدى الأطباء مع توفر الطبيبات من النساء، فعلى المسلمة أن تتقي الله في ذلك، فمتى وجدت طبيبة تقوم مقام الطبيب ولم تكن المريض بحاجة للكشف عند الطبيب لم يَجُزْ لها التساهل في الدخول على الأطباء مع وجود الطبيبات.
ومما يجب التنبيه إليه – إذا احتاجت المرأة للكشف عند الأطباء – أن لا تكشف للطبيب المعالج سوى موضع الحاجة، فيجوز للطبيب حينئذ أن ينظر إلى ما تدعو الحاجة إلى النظر إليه من جسمها، لأجل العلاج، وقد قال الفقهاء: (إن الضرورة تقدر بقدرها)؛ فلا يحل للطبيب أن يرى منها أو يمس ما لا تدعو الحاجة إلى رؤيته أو مسه، ويجب عليها ستر ما لا حاجة إلى كشفه عند العلاج.
ومن العجيب المؤسف أن تأتي المريضة وهي تشكو وجعًا وألمًا في موضع ما من جسدها، ولكنها تكشف للطبيب موضع وأماكن لا حاجة لكشفها، كأن يكون الألم في يدها أو رجلها فتكشف وجهها أو أي موضع لا داعي ولا مصلحة طبية في كشفه، وفي هذا التصرف نوع تساهل في الحجاب وتكشُّف للأجانب؛ فعلى المسلمة أن تجتهد في الحرص على الستر والاحتشام فالمرء بحاجة لعفو ربه ومعافاته، ومما يحسن ذكره هنا ذلك الأنموذج الفريد والحادثة التي ينبغي أن تكون موضع تأمل كل مؤمنة وعاقلة، وسأسوق لك -أختي الكريمة- الأثر الذي جسدت فيه امرأة مؤمنة أروع معاني العفة والحياء حتى في حال الضراء والمعاناة والابتلاء؛ فعن عطاء بن رباح قال: قال لي ابن عباس: (ألا أريك امرأة من أهل الجنة، قلت: بلى قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أُصرع وإني أتكشف فادعُ الله لي قال: «إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله عز وجل أن يعافيك» قالت: أصبر، قالت: فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها (رواه مسلم).
ولك -أختي- أن تتأملي مع نفسك شأن هذه المرأة وما ضربته من أسمى وأجل مقامات الصبر على البلاء مع التمسك بالحجاب والحشمة، فرضي الله عنها وأرضاها ووفق الله نساء المسلمين للاقتداء بالصحابيات والتمسك بهديهن.
مختارات