مثل النبي صلى الله عليه وسلم مع أمته
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقد ناراً فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه فأنا آخذ بحزكم وأنتم تقحمون فيه " (1).
شرح المفردات(2):
( الفراش) جمع فراشة بفتح الفاء دويبة تطير في الضوء شغفاً به وتوقع نفسها في النار.
(آخذ ) روي بوجهين أحدهما: اسم فاعل بكسر الخاء وتنوين الذال، والثاني: فعل مضارع بضم الذال بلا تنوين والأول أشهر وهما صحيحان.
(بحجزكم) الحجز جمع حجزة وهي مقعد الإزار وهو كناية عن حرصه صلى الله عليه وسلم على منع أمته عن الإتيان بالمعاصي التي تؤدي بهم إلى الدخول في النار.
( تقحمون ) التقحم هو الإقدام والوقوع في الأمور الشاقة من غير تثبيت.
شرح الحديث(3):
قال النووي مقصود الحديث أنه صلى الله عليه وسلم شبة المخالفين له بالفراش، وتساقطهم في نار الآخرة بتساقط الفراش في نار الدنيا مع حرصهم على الوقوع في ذلك، ومنعه إياهم والجامع بينهما اتباع الهوى وضعف التمييز وحرص كل من الطائفتين على هلاك نفسه، وقال القاضي أبو بكر بن العربي هذا مثل كثير المعاني والمقصود أن الخلق لا يأتون ما يجرهم إلى النار على قصد الهلكة وإنما يأتونه على قصد المنفعة واتباع الشهوة كما أن الفراش يقتحم النار لا ليهلك فيها بل لما يعجبه من الضياء.
من فوائد الحديث:
1- فيه بيان حال الناس وما فيهم من الحرص على الدنيا، واتباع الشهوات ومقارفة المعاصي التي تكون سبباً لوقوعهم في النار في الآخرة.
2- أن للدنيا بريق يبهر ضعفاء البصائر، فينخدعوا بها وينشغلوا بزخرفها وشهواتها عما خلقوا له، من عبادة الله واتباع أوامره واجتناب نواهيه، فيعرضوا انفسهم لسخط الله وعقوباته العاجلة والآجلة.
3- قال ابن حجر: وفي الحديث ما كان فيه صلى الله عليه وسلم من الرأفة والرحمة والحرص على نجاة الأمة، كما قال تعالى:{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}(التوبة / 128) (4).
(1) -رواه البحاري، رقم (6118)، ومسلم، رقم (2284).
(2) - شرح النووي على مسلم [جزء 15 / 50].
(3) - انظر شرح النووي على مسلم [جزء 15 / 50]، وفتح الباري [6/464].
(4) - انظر فتح الباري [11/318].
مختارات