شرح فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
– فَضْلُ الصَّلاةِ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم
قَالَ صلى الله عليه وسلم (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً)
صحابي الحديث هو أبو هريرة رضى الله عنه.
قال سفيان الثوري، وغير واحد من أهل العلم: (صلاة الرب الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار).
وقال البخاري في (صحيحه): (قال أبو العالية: صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء)
[قال المصحح: وهذا هو الصواب]
وقال ابن عباس رضى الله عنه: (يصلون؛ يبركون)؛ أي: يدعون له بالبركة.
قال القاضي ‘: معناه رحمته وتضعيف أجره؛ كقوله تعالى:
" مَنْ جَاءَ بِالْـحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا " قال: وقد تكون الصلاة على وجهها وظاهرها تشريفاً له بين الملائكة؛ كما جاء في الحديث: (وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم).
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم (لَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عيداً وَصَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ)
-صحابي الحديث هو أبو هريرة رضى الله عنه.
قوله: (عيداً) العيد ما يعاد إليه؛ أي: لا تجعلوا قبري عيداً تعودون إليه متى أردتم أن تصلوا عليَّ.
قوله: (وصلوا علي؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) أي: لا تتكلفوا المعاودة إليَّ، فقد استغنيتم بالصلاة علي حيث كنتم.
وظاهره أنهم كانوا يظنون أن دعاء الغائب له لا يصل إليه.
قال ابن تيمية رحمه الله: (الحديث يشير إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبعدكم عنه، فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيداً).
وقال أيضاً: (وفي الحديث دليل على منع شد الرحال إلى قبره وإلى قبر غيره من القبور والمشاهد؛ لأن ذلك من اتخاذها أعياداً)
وقَالَ صلى الله عليه وسلم (البَخِيْلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَـمْ يُصَلِّ عَلَيَّ).
صحابي الحديث هو علي بن أبي طالب رضى الله عنه.
قال ملا علي القاري رحمه الله: (فمن لم يصل عليه فقد بخل ومنع نفسه من أن يكتال بالمكيال الأوفى، فلا يكون أحد أبخل منه)
قال المناوي ‘: (فلم يُصَلِّ عليّ)؛ لأنه بخل على نفسه حيث حرمها صلاة الله عليه عشراً إذا هو صلى واحدة).
وقَالَ صلى الله عليه وسلم: (إنَّ للـهِ مَلائكةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ، يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلامَ)
صحابي الحديث هو عبدالله بن مسعود رضى الله عنه.
قوله: (سياحين) صفة مبالغة للملائكة؛ يقال: ساح في الأرض إذا ذهب فيها، وأصله من السيح، وهو الماء الجاري المنبسط على الأرض.
فيه حثٌّ على الصلاة والسلام عليه، والتعظيم له والإجلال لمنزلته حيث سخر الملائكة الكرام لهذا الشأن الفخم.
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ أحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ، إلاَّ رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوْحِي، حَتَّى أرُدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ)
صحابي الحديث هو أبو هريرة رضى الله عنه.
قال البيهقي ‘:(الأنبياء بعدما قُبِضُوا رُدَّتْ إليهم أرواحهم، فهم أحياء عند ربهم).
وقال أيضاً: (وقوله: (رد الله عليَّ روحي) معناه والله أعلم إلا وقد رد الله علي روحي، فأرد عليه السلام، فأحدث الله عوداً على بدء).
وقال العظيم آبادي رحمه الله في (عون المعبود): (وقاعدة العربية أن جملة الحال إذا صدرت بفعل ماض قدرت فيه؛ كقوله تعالى: " أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ " أي: قد حصرت، وكذا هاهنا يقدر قد، والجملة ماضية سابقة على السلام الواقع من كل أحد، وحتى ليست للتعليل، بل لمجرد العطف، بمعنى الواو؛ فصار تقدير الحديث: ما من أحد يُسَلِّمُ عليَّ إلَّا قد رد الله علي روحي قبل ذلك وأرد عليه، والله أعلم).
مختارات