رفعة الدنيا وشرف الآخرة
واسمع كيف رفعت القلوب قوما كانوا خدما وعبيدا ، وسمت بذكرهم فوق السحاب ، ووالله لو كانت قلوبهم غير نقية أو خالصة لطمس الله ذكرهم وبعثر علمهم ومحى سيرتهم ، أو قرنها بكل خبيث وسوء ، ولكنه القلب الحي يظل ينبض بعد موت صاحبه يتغنى بالذكر الجميل والسيرة العطرة ، بذا نطق الأمير شوقي فقال :
الناس صنفان : موتى في حياتهم ** وآخرون ببطن الأرض أحياءُ
قال ابن أبي ليلى :
" قال لي عيسى بن موسى وكان جائرا شديد العصبية (أي للعرب) : من كان فقيه البصرة؟ قلت الحسن بن أبي الحسن. قال : ثم من؟ قلت : محمد بن سيرين. قال : فما هما؟ قلت : موليان.
قال : فمن كان فقيه مكة؟ قلت : عطاء بن أبي رباح ، ومجاهد بن جبر ، وسعيد بن جبير ، وسليمان بن يسار. قال : فما هما؟ قلت : موالي.
فتغيَّر لونه ، ثم قال : فمن كان أفقه أهل قباء؟ قلت : ربيعة الرأي ، وابن أبي الزناد ، قال : فما كانا؟ قلت : من الموالي.
فاربدَّ وجهه ثم قال : فمن كان فقيه اليمن؟ قلت : طاووس ، وابنه ، وهمام بن منبه. قال : فما هؤلاء؟ قلت : من الموالي.
فانتفخت أوداجه فانتصب قاعدا ، ثم قال : فمن كان فقيه خراسان؟ قلت : عطاء بن عبد الله الخراساني. قال : فما كان عطاء هذا؟ قلت : مولى.
فازداد تغيظا وحنقا ، ثم قال : فمن كان فقيه الجزيرة؟ قلت : ميمون بن مهران. قال : فما كان؟ قلت : مولى.
قال : فتنفس الصعداء ، ثم قال : فمن كان فقيه الكوفة؟ قلت : فوالله لولا خوفه لقلت : الحكم بن عُيينة ، وعمار بن أبي سليمان ، ولكن رأيت فيه الشر ، فقلت : إبراهيم ، والشعبي. قال : فما كانا؟ قلت : عربيان. قال : الله أكبر! وسكن جأشه " .
لله درُّهم .. عبيدٌ أشرف من سادة ، وهمم تناطح الجبال ؛ ونجوم ساطعة وإن رآهم الجاهل في أدنى سلم المجتمع أو في القاع ، وملوك آخرة ولو لم يجدوا ما يسد الرمق ، والسر من وراء هذا كله القلب ، وما يضرهم أن يكونوا من الحطام الفاني والعز الراحل فارغي اليد إذا كانوا من كنوز الشفاء ونوافع الدواء ممتلئي القلب؟! وصدق إقبال وهو يجزم :
بامتثال الأمر يعلو من رَسَب ** وهوى الطاغي ولو كان اللهب
مختارات
-
شرح دعاء دخول القرية أو البلدة
-
" يموت المرء على ما عاش عليه "
-
(الزاهد العفيف : أبو عبيدة عامر بن الجراح )
-
" أولاً : الآيــات "
-
غَزوةُ حَمراءِ الأَسدِ .
-
" تيسير سبل الكسب الحلال أمام المسلم :إحياء الموات "
-
الـومـضـة الأولــى : شروط الطريق
-
شرح دعاء " اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء"
-
خروجًا من النسق!
-
" الطعن في مجتمع الصحابة الأبرار "