حكم الزياده فى الذكر على المأثور
بعض الناس يُشكلُ عليهم مثل ذلك.. يعني أن يذكر الذكر فيزيد فيه بعض الكلمات التي لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم..
وقد اختلف الفقهاء في حكم الزياده في الذكر عن المأثوره على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن الزياده في الذكر المرتب شرعاً على سبب الأصل فيه الجواز فلا تستحب ولا تكره وتتقيد بقيود. وهي أن يكون صحيح المعنى.. فالإنسان قد يخونه حفظه وربما يزيد بعض الكلمات في الذكر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم.. فأصحاب القول الأول يقولون بالجواز، قالوا هنا لا يُقال استحباب ذلك ولا يُقال كراهية ذلك. ولكن قيدوا هذا الأمر بقيود: بأن يكون الكلام الزائد صحيح المعنى، ويكون هذا الكلام جائزاً شرعاً بطبيعة الحال، وأن يكون زيادته فيما لم يُعْلم أن الشارع أراد الحفاظ على اللفظ الوارد.... يعني مثلاً ألفاظ الأذان لا يزيد فيها الإنسان كما يصنع بعض الناس حين ينتهون من الآذان فيأخذون في الذكر بصوت عالي كالصلاه على النبي مثلاً وزيادة بعض الألفاظ حتى يُظن أنها من الآذان،،، الشرع هنا حافظ على هذه الألفاظ... فأصحاب القول الأول على هذا الإعتبار يرون أنه أمر جائز، واستدلوا في ذلك على حديث عبد الله بن عمر " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يُلبي كان يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.... فكان عبد الله بن عمر يزيد فيها لبيك وسعديك، والخير بين يديك، لبيك والرغباء إليك والعمل " [مسند أحمد]. قال الامام بن قدامه في المغني هذا يدل على أنه لا بأس بالزياده، قال " ولا تُستحب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لزم تلبيته فكررها ولم يزد عليها "،،، فأشار إلى الجواز...جواز أن يزيد الإنسان بعض الكلمات في الذكر الوارد... طالما لا يتعارض مع الذكر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن لا يستحب ذلك، قال بالجواز،، وأيضاً استدلوا بحديث رفاعه بن رافع الزرقي – رضي الله عنه – قال " كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعه قال سمع الله لمن حمد... فقال رجل ورائه ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.... فلما انصرف قال من المتكلم، قال أنا، قال رأيت بضعاً وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتُبها أول " رواه البخاري في كتاب الآذان باب فضل اللهم ربنا ولك الحمد. فهذا الصاحبي قد تصرف من قبل نفسه، هذا لم يكن وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكأن الصاحبي فهم أن هذا موضع ثناء على الله عز وجل، فأُلهم هذه الكلمات التي لها هذا الشرف " رأيت بضع وثلاثين ملك يبتدرونها "،،،،
علق الحافظ بن حجر في الفتح فقال " واستُدل به – أي بهذا الحديث – على جواز إحداث ذكر في الصلاه غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور "،، لأن هناك من العلماء من قيد الدعاء في السجود والدعاء بعد التشهد.. قالو أنه ينبغي ان يُقيد بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن الصلاه توقيفيه.. فبهذا الحديث يُستدل بأن الانسان قد يتصرف في دعائه وثناءه على الله عز وجل دون الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم طالما لا يُخالف المأثور،،، الجواز دون استحباب ولا كراهه وتقييد ذلك بأن يكون الكلام الوراد صحيح المعنى وألا يعلم أن الشارع أراد المحافظه على اللفظ الوارد بغير زياده. وهذا القول قال به الجمهور من الحنفيه والمالكيه والشافعيه والحنابله وهذا هو اختيار شيخ الاسلام بن تيميه،،،
القول الثاني: قالوا أن الزياده في الذكر على المأثور في الألفاظ مكروهه وهذا القول نُقل عن الإمام مالك، وهو قول للشافعي في القديم أما قوله في الجديد فهو القول المتقدم، وقد نسيت أن اذكر لكم ان القول الاول قال به الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وهذا هو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية، اما القول الثانى فذهب إليه الإمام مالك فى قول وقول عند الشافعى فى القديم وهؤلاء استدلوا بقياس الأذكار كالتلبية وغيرها على الاذان والتشهد والتكبير فى الصلاة من حيث هو ذكر وارد عن الشرع فلا ينبغى ان يتعدى فى ذلك شيئا مما علمه لنا النبى صلى الله عليه وسلم. واستدلوا بما ورد " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن " [سنن ابن ماجه]، وكأن فى ذلك اشارة الى ان هذه الزيادة قد تخل بما يريد الشارع لكن نوقش هذا الإستدلال بأن هذا قياس مع الفارق هناك مفارقة ما بين الاذان والتشهد والتكبير وقد ذكرنا ان مثل هذه الأمور التى أراد الشرع الحفاظ عليها لا يتزيد فيها وهذا ليس محل الخلاف إنما الخلاف فى الأذكار التى قد يتوسع فيها من شأن الدعاء او الثناء على الله عز و جل.
القول الثالث: ان الزيادة فى الذكر على المأثور مستحبة و ليست مكروهة يستحب أن يزيد وهذا قول عند الحنفية واستدلوا بحديث ابن عمر المتقدم
وجه الترجيح والله تعالى أعلم بالصواب الراجح والله أعلم هو القول الاول وهو القول بأن الزيادة فى الذكر على المأثور فى الألفاظ زائدة لا بأس فيها لكن غير مستحبة ولا مكروهة بالقيد الذى تقدم ذكره عند الكلام عن القول الأول والله أعلى وأعلم.
شرح الوابل الصيب للشيخ هانى حلمى
مختارات