لفروجهم حافظون
والذين هم لفروجهم حافظون
ثم بيّن سبحانه الصفة الرابعة من صفاتهم فقال: “والذين هم لفروجهم حافظون إلا
على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين”
قال ابن كثير: والذين قد حفظوا فروجهم من الحرام، فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا أو لواط، ولا يقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم، وما ملكت أيمانهم من السراري، ومن تعاطى ما أحله الله له فلا لوم عليه ولا حرج؛ ولهذا قال: { فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ } أي: غير الأزواج والإماء، { فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } أي: المعتدون.
ويقول الشهيد سيد قطب: وهذه طهارة الروح والبيت والجماعة. ووقاية النفس والأسرة والمجتمع. بحفظ الفروج من دنس المباشرة في غير حلال، وحفظ القلوب من التطلع إلى غير حلال؛ وحفظ الجماعة من انطلاق الشهوات فيها بغير حساب، ومن فساد البيوت فيها والأنساب.……
والجماعة التي تنطلق فيها الشهوات بغير حساب جماعة معرضة للخلل والفساد. لأنه لا أمن فيها للبيت، ولا حرمة فيها للأسرة. … جماعة قذرة هابطة في سلم البشرية ….
والقرآن هنا يحدد المواضع النظيفة التي يحل للرجل ان يودعها بذور الحياة: { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين }.
ومسألة الأزواج لا تثير شبهة ولا تستدعي جدلاً. فهي النظام المشروع المعروف.
أما مسألة ملك اليمين فقد تستدعي شيئاً من البيان.
لا يجرؤ أحد أن يدعى أن الرق نظام ابتدعه الإسلام،ذلك لأن الرق معروف من قديم الأزل فقد كان السادة والأمراء وأصحاب رءوس الأموال يملكون الكثير من الرقيق بأعداد لا حصر لها
فرغب في إعتاق الرّقاب ابتداء،ً وحفظت أحكام الشريعة حقوق الرقيق التي كانت مهدرة قبل الإسلام، وأبقت لهم حق الأخوة والمواساة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس.. رواه البخاري ومسلم
كان الرق قبل الإسلام له عدة طرق:ـ
1ـ الخطف:ذلك أن ذا القوة كان يأتى على الضعيف فيطغى عليه بقوته ويسخره لخدمته ولم يكن المجتمع وقتها منصفا حتى يردع أمثال هؤلاء
2ـ الأسر: وذلك فى الحروب بعد أن ينتصر فريق على آخر فيصبح الأسرى ملكاً لمن أسرهم ويملك عليهم حق البيع والشراء والقتل ولا منازع له فى هذا الحق
3ـ البيع والشراء: فقد كانت لهم أسواق لبيع وشراء العبيد يقف فيها العبد والأمة كسلعة تباع وتشترى ناهيك عن امتهان آدميتهم فى أسلوب البيع والشراء من كشف للعورات وما إلى غير ذلك.
4ـ ولد الأمة:ذلك أن الأمة إذا ولدت ولدا فإنه يعد ملكا لسيدها حتى وإن كانت الأمة متزوجة من رجل حر.
5ـ الهدايا:فكان من الممكن أن يهدي السيد عبدا أو أمة مملوكة له لمن يريد من أصدقائه ولا يملك العبد أو الأمة الاعتراض على ذلك فهو أشبه بمن يهدى آخر حيوانا مثلا.
6- الاسترقاق بالدين: فإذا عجز الفقير عن دفع الدين الذي عليه للغني أعطاه أحد أولاده وفاء للدين الذي عجز عن سداده.
ما هى حقوق العبيد قبل الإسلام؟
بالبحث والتحرى فى تاريخ العرب والعجم قبل الإسلام لم نقف على أى حقوق تذكر للعبيد والإماء فقد كان من حق السيد أن يتعامل معهم كما شاء وكيفما شاء بل كان من حقه تعذيبهم وقتلهم والاعتداء عليهم وتسخيرهم لخدمته دون أدنى مقابل اللهم إلا قليل الطعام الذى يحصلون عليه
هل غير الإسلام فى الرق؟ مما لا شك فيه أن الإسلام عدل كثيرا من حال الرقيق والعبيد من حيث الحقوق والمعاملة ونذكر الطرق العديدة التى كانت مفتوحة قبل الإسلام لدخول الرقيق وكيف وأن الإسلام حد من تلك الطرق
لماذا لم يلغى الإسلام نظام الرقيق مرة واحدة؟
كلنا يعلم أن هناك عادات كانت عند العرب قبل الإسلام وهذه العادات حينما يتعود الإنسان عليها سنين طويلة فإنه من الصعب أن يغيرها مرة واحدة وهذا بالضبط ما حدث عند مجئ الإسلام فلهذه الأسباب لم يُلغِ نظام الرقيق فى الإسلام جملة واحدة وهى كما يلى:ـ
1- قوة بشرية هائلة: كانت أعداد الرقيق تصل إلى ألوف من المستحيل أن يطلق سراح هذا الجمع الهائل الذين إن أطلقوا فى تلك الفترة لأصبحت قوة تدميرية فى المجتمع تحمل الفقر والبطالة والكراهية الشديدة لسادتهم الذين ظلموهم وربما حب الانتقام.
2- منهج الإسلام فى التغييربالتدرج:التدرج فى التكاليف بمعنى أن يدفع الناس من العادات البالية الضارة إلى الأخرى التى فيها صلاح المجتمع لكن على التدريج حتى لا ينفر الناس من تعاليمه،ولأنه من الصعب أن يتحول المجتمع من الشئ إلى نقيضه مرة واحدة لم يكن من السهل أن يطلق سراح العبيد جملة واحدة وإنما كان بالخطوات التالية:ـ
الأولى:شراء العبيد وإعتاقهم: في بداية الإسلام أسلم كثير من العبيد ووقع عليهم ألوان من العذاب من ملاكهم فكان أبو بكر الصديق يقوم بشرائهم وإعتاقهم ابتغاء مرضات الله.
الثانية:غلق عدة أبواب من الرق:
1ـ تحريم استرقاق الحر فحرم على أي إنسان أن يأخذ حرا فيسترقه
قال تعالى فى حديثه القدسي (ثَلَاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يوم الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى منه ولم يُعْطِ أَجْرَهُ
يقول ابن الجوزي:الحر عبد الله فمن جنى عليه فخصمه سيده
2ـ جعل إعتاق الرقبة من الكفارات وجعل تحرير الرقاب كفارة ملزمة للقتل الخطأ، والجماع في نهار رمضان، والظهار، واختيارية لكفارة اليمين.
3ـ إعطاء العبد الفرصة لشراء نفسه أنشأ الإسلام نظاماً جديدا فى الرق يسمى بالمكاتب وهو أن يتفق العبد مع سيده على أن يدفع ثمن نفسه شيئا فشيئا فإذا أتم الثمن فقد أصبح حرا
4ـ أم الولد ذلك أن الجارية إذا ولدت من سيدها ولدا فإنها تصبح حرة من وقت الولادة هى وابنها وينسب هذا الابن إلى أبيه ويرثه بعد موته.
فضيقت أحكام الشريعة مصدر الرق ووسعت مصارفه ووسائل التخلص منه.
إذا فكيف يكون الرق فى الإسلام؟ لم يعد للرق إلا باب واحد فى الإسلام ألا وهو أسير الحرب فقط ويجوز بيعه وشراؤه، فقد جاء الإسلام والرق نظام عالمي واسترقاق أسرى الحرب نظام دولي. فما كان يمكن والإسلام مشتبك في حروب مع أعدائه الواقفين بالقوة المادية في طريقه أن يلغي هذا النظام من جانب واحد، فيصبح أسارى المسلمين رقيقاً عند اعدائه، بينما هو يحرر أسارى الأعداء.. فجفف الإسلام كل منابع الرق عدا أسرى الحرب إلى أن يتاح للبشرية وضع نظام دولي للتعامل بالمثل في مسألة الأسرى.
وعلى أية حال فقد كان الإسترقاق في الحرب ضرورة وقتية، هي ضرورة المعاملة بالمثل في عالم كله يسترق الأسرى، ولم يكن جزءاً من النظام الاجتماعي في الإسلام.
ولعلنا نلحظ أن الله سبحانه قال في أكثر من آية التي تتحدث عن كفارة من الكفارات بعتق الرقاب (فمن لم يجد ….) وهذا بيان إلهي أنه سيأتي اليوم الذي لا نجد فيه رقبة نعتقها.
أمثلة مشرقة لكيفية معاملة العبيد في المجتمع المسلم:
زيد بن حارثة وكان طفلا حين سبي واشتراه حكيم بن حزام، فأهداه الى عمته خديجة، فوهبته للرسول.
وظل والده يبحث عنه، حتى علم أنه عندالنبي فذهب سريعا يعرض عليه فداء ولده.
فأجابهم (ادعوا زيدا، وخيروه، فان اختاركم فهو لكم بغير فداء، وان اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء). وخيره الرسول فقال زيد: (ما أنا بالذي أختار عليك أحدا)… فأمسك الرسول بيد زيد، وخرج به الى فناء الكعبة، ونادى: (اشهدوا أن زيدا ابني … يرثني وأرثه،كل هذا قبل البعثة.
وبعد الهجرة أرسله على رأس جيش فيه الأنصار والمهاجرون في سرية مؤتة، فاستشهد،
وولى ابنه أسامة بن زيد قيادة الجيش، وفيه أبو بكر وعمر ولما تكلم الناس في تولية غيره قال أبو بكر أيوليه رسول الله وأعزله أنا ومضى الجيش إلى طريقه، واستأذن أسامة في تخلف عمر لحاجته إليه فأذن له وخرج يودع الجيش وهو ماش وأسامة راكب فقال أسامة يا خليفة رسول الله إما ركبت وإما نزلتُ؟ فقال والله لا ركبت ولا نزلت، وما على أن أغبر قدمي ساعة في سبيل الله. وما كان ذلك إلا لتثبيت المساواة عمليا في نفوس المسلمين بعد تثبيتها بالأقوال.
وقال: اسمعوا وأطيعوا ولو استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة، ما أقام فيكم كتاب الله تبارك وتعالىرواه البخاري
فأعطى الموالي بذلك الحق في أرفع مناصب الدولة، وهو ولاية أمر المسلمين. وقد قال عمر وهو يستخلف: لو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً لوليته
فيسير على نفس المبدأ الذي سنه الرسول صلى الله عليه وسلم. ويضرب عمر مثلاً آخر من الأمثلة الرائعة على احترام الموالي ؛ فكان يقول أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا.
ولما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا حتى أذّن على ظهر الكعبة، فقال عتاب بن أسيد بن أبي العيص: الحمد لله الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم. وقال الحارث بن هشام: أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنًا؟! وقال سهيل بن عمرو: إن يُرد الله شيئًا يغيره، وقال أبو سفيان: إني لا أقول شيئًا أخاف أن يخبر به رب السماء، فأتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قالوا، فدعاهم وسألهم عما قالوا، فأقرّوا، فأنـزل الله تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " الحجرات 13 وزجرهم عن التفاخر بالأنساب والتكاثر بالأموال والازدراء بالفقراء.
أبو ذر: عن المعرور بن سويد قال لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألته عن ذلك فقال إني ساببت رجلا فعيرته بأمه فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:
( يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم)
عبد الرحمن ابن أبزى وهو مولى نافع بن عبد الحارث، كان نافع مولاه استنابه على مكة حين تلقى عمر بن الخطاب إلى عسفان، فقال له: من استخلفت على أهل الوادي؟ يعني مكة، قال: ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: إنه عالم بالفرائض، قارئ لكتاب الله. قال: أما إن نبيكم -صلى الله عليه وسلم- قال: إن هذا القرآن يرفع الله به أقواما، ويضع به آخرين
جاء جبلة بن الأيهم ملك غسان إلى المدينة في زمن عمر في فرسان من قومه يريد الإسلام وبينا هو يطوف بالبيت إذ وطئ رداءه أعرابي كان في المطاف فلطمه جبلة فشكاه إلى عمر فسأل جبلة فأقر فقال عمر: القصاص: لطمة بلطمة فقال جبلة: أنا ملك وهو سوقة، قال إن الإسلام سوى بينكما، قال انظرني إلى الغد فلما كان الليل خرج مع قومه مرتداً إلى بلده.
يروي عن زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهما أن غلامه كان يصب له الماء بإبريق مصنوع من الخزف فوقع الإبريق علي رجل زين العابدين فانكسر و جرحت رجله و نزف منها الدم فقال الغلام علي الفور:
يا سيدي: يقول الله تعالي (والكاظمين الغيظ).
فقال زين العابدين: لقد كظمت غيظي!!
قال الغلام: ويقول (والعافين عن الناس)
فقال زين العابدين: عفوت عنك !!
قال الغلام:ويقول تعالي: (و الله يحب المحسنين).
فقال زين العابدين: أنت حر لوجه الله تعالي.
أعتقد أنه بعد ذكر هذه المواقف فلا تعليق سوي (عرفت فالزم).
نادى الامام علي على خادمه بصوت عال عدة مرات ولم يجبه
وعندما خرج وجده مستلقياً بالقرب منه (اي سمع نداءه(
قال له: ما منعك من إجابتي إذ سمعتني؟
قال الخادم: أمنت غضبك فتكاسلت
قال الامام علي: إذا ساءت أخلاقنا حسنت أخلاق عبيدنا … وإذا حسنت أخلاقنا ساءت أخلاق عبيدنا … ولكن لا سبيل إلى أن تسوء أخلاقنا.
قوله تعالى (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ }
الاسلام لم يشجع ابداً على معنى ترك الزواج، وذلك من خلال أكثر من نص، منها قول النبي -صلى الله عليه و سلم-: لارهبانية في الإسلام، و هناك حادثة مشهورة في عصر النبوة.. أن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه و سلم - قرروا ترك الزواج للاشتغال بالعبادة تماماً، و أن يصوموا طوال حياتهم (كل يوم)، و أن يصلوا كل الليل و لا يناموا، فغضب النبي - صلى الله عليه و سلم- و قال: أما أنا فإني أصوم و أفطر، و أصلي و أرقد (أي أنام)، و أتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
كما حرم على الزوجة أن يطلب الرجل من زوجته الجماع فترفض، إلا لمرض أو ضعف، و أعطاها الحق بالطلاق إن ترك زوجها جماعها مدة أربعة أشهر ولم يرجع عن ذلك.
بل وجعل على الجماع بينهما أجراً و ثواباً إن كان لنية حسنة، وذلك من خلال قوله - صلى الله عليه و سلم-: وفي بضع أحدكم صدقة
أما من لم يتزوج فقد أمرهم الله بالعفة فقال (وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)33 النور
وإذا كانت العفة مطلبًا شرعيًا واجتماعيًا ـ صيانة للدين وحفاظًا على المجتمع بحفظ أهم طبقة فيه وهي الشباب فلا يخفى صعوبة هذا المطلب في مثل زماننا، زمان الفضائيات والشبكات العنكبوتية والتي تتكاتف جميعًا بما فيها من إباحية جنسية، لهدم الأخلاق وضياع الفضيلة.
وكل هذا يجب أن لا يحملنا على اليأس والاستسلام والرضا بالواقع، بل على العكس ينبغي أن يحث الهمم ويهيج على العمل لدرء الفتن.
قصة يوسف
إن الواقع الذي عاشه يوسف عليه السلام هو في الحقيقة أشد من أي واقع يقابله شاب منا، فلقد تهيأت له كل أسباب الفاحشة ودواعيها:
فالشباب والقوة والشهوة متوفرة؛ فقد كان في عنفوان شبابه، وهو يحتاج لتصريف شهوته وهو عزب، ولا مصرف له حلال، وقد بذلت له ولم يسع إليها..
والمرأة جميلة؛ فهي زوجة العزيز ومثله لا يتزوج إلا بأجمل النساء.
ولا خوف من العقوبة؛ فالمرأة هي الطالبة والراغبة، وقد طلبت وأرادت بل وراودت، فكفته مؤنة التلميح أو التصريح بالرغبة.
وقد أغلقت الأبواب عليهما ليكونا في مأمن، ولترفع عنه حرج الخوف من الفضيحة.
ثم هو غريب في بلد لا يعرفه أحد؛ فلا خوف من أن يفتضح، وهو خادم وهي سيدته، فهو تحت سلطانها وقهرها، فيخاف إن لم يجبها أن يطوله أذاها.
وقد عانى عظم الفتنة وشدة الإغراء.. فالمرأة لا شك قد أعدت للأمر عدته وبيتته بليل وخططت له، فدخلت وأغلقت الأبواب كل الأبواب، وبدأت في المراودة، ومثل هذه لابد أنها تزينت بكل زينة وجمعت كل فتنة، فما ملك إلا الهرب، وأنقذه هذه المرة وجود سيده لدى الباب رغم أن ردة فعله كانت مخيبة للآمال.
قوارب النجاة:
لقد تمسك الصادق العفيف يوسف بأمور كانت سببًا بعد توفيق الله وحفظه في عصمته وصيانته، ولو تمسك بها كل واحد منا لبلغ بأمر الله بر الأمان كما بلغه يوسف:
أولها: خوف الله ومراقبته فقال لما راودته بملء فيه: {معاذ الله إنه لا يفلح الظالمون}.
ثانيها: توفيق الله وحفظه لعبده: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين}[يوسف:24].
ثالثها: فراره عن أسباب المعصية:فلما رأى منها ما رأى، وخاف على نفسه فر منها وهرب إلى الباب يريد الخروج، وهي تمسك بتلابيبه وهو يشد نفسه وينازعها حتى قدت قميصه من شدة جذبها له وشدة هربه منها.
رابعها: الدعاء والالتجاء إلى الله:{وإلا تصرف عني كيدهم أصب إليهنَّ وأكن من الجاهلين * فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهنَّ إنه هو السميع العليم}[يوسف:33، 34].
يا معشر الشباب
وقد بين النبي أن سبيل العفة الوحيد هو الزواج يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.
وعن أبي أمامة قال:إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله ! ائذن لي بالزنى. فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا مه مه ! فقال: ادنه. فدنا منه قريبا. قال: فجلس. قال أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله ! جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال أتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال أتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال أتحبه لخالتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم ! اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه. فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. (وسنده صحيح
نسأل الله لشبابنا عفة يوسف عليه السلام وطهارة مريم عليها السلام
وأن ييسر الزواج وأن يكثر من نسل المسلمين.
مختارات