لا مثل لكرم الله..
الذي تزيده الأيامُ رسوخًا في النفس ويقينا في القلب:
أنه لا مِثل لكرم الله، سبحانه وبحمده، وأنه لا أظلمَ من الإنسان لنفسه؛ نسيانًا وإساءةً وعصيانا!
وترجمة هذا كله في قول أعلم الخلق بالله تعالى ﷺ:
"أبوء لك بنعمتك عليَّ
وأبوء بذنبي".
في كل مرة نبصر الأمور من زوايا ضيقنا وضعفنا، فيجود ربنا بجميل فضله، فتطير ظنوننا الواهنة وخواطرنا المظلمة هباء منثورا!
ثم يتجدد الأمر، فنصغي مرة أخرى إلى الشيطان، كأن لم يكن هنالك سابق فضل! فنعكف على مدخنة همزه ونفثه فنختنق، ونلقي بنفوسنا في تنُّور وسواسه المتضرم الحارق للأعصاب!
فيرحم الرحمن!
ويأذن فيأتي فلق البشارات بجلال التدبير الإلهي!
فيخجل الإنسان من تتابع الكرم من ربنا، مع دوام الإصغاء منا إلى الشيطان ووسوسته! لا نتعلم أبدا!
مع أننا نؤمن أنه لا أكذبَ من الشيطان، ونحن نسارع في تصديقه!
ولا أصدق كرما وجودا ولطفا وبِرًّا من الله تعالى لا إله إلا هو!
ونحن في يقيننا منه على الحال التي تعلم!
وليس الكرم في دوام الفضل ورحمة العبد وحسب، ولكنه أيضًا-ويالشرف هذا!-في اتساعه تعالى وحلمه بنا ورحمته بضعفنا وفتحنا في كل مرة نوافذ الوسوسة وتصديقنا لكذبها!
ولعل هذا سر قِران المغفرة بالفضل في قوله تعالى: الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلًا والله واسع عليم".
مختارات