تجليات محبة سيدنا رسول الله…
من أعظم تجليات محبة سيدنا رسول الله ﷺ متابعته ﷺ حين تضطرم الأهواء في النفس، فيكون النبي ﷺ أولى بالمؤمن من نفسه، ومن خيرته وتقريره وشيخه ومذهبه، فلا يتقدم بين يدي رسول الله ﷺ بقول أو فعل، ويكون توقيره لقوله وفعله وما ورد عنه ﷺ أعظمَ وأجلَّ من كل مُعَظَّم سواه.
وما نال مُعظَّمٌ في الناس من الأيمة والصالحين والعلماء قدرا، وما ارتفع في القلوب=إلا بسببه هو ﷺ، وما كان ليكون لعالمٍ شرفٌ إلا بالسبب الواصل إلى رسول الله ﷺ.
فقوله ﷺ أعظم الأقوال وعمله ﷺ أصلح الأعمال، وما جاء به فهو الحق الأحبُّ إلى رب العالمين، سبحانه وبحمده، لا يجوز الالتفات عنه إلى غيره، ولو كان سيدَنا الكليمَ موسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه.
وكل عالم وصالح وولي وتقي، فعند قدمه ﷺ، لا يتقدمه بحرف، ولا يُقرن قوله بقوله، حاشاه بأبي هو وأمي ﷺ.
ولقد رحمنا الله فبعثه إلينا، وسدَّ كلَّ الطرق إليه، إلا من طريقه ﷺ، وجعل الرحمة والعرفان والنور والهداية والولاية والزلفى إلى الله تعالى من طريقه وحده ﷺ.
ومن رغب عن سنته إلى زخارف الأقوال، ومبهمات الأوارد والأحوال، كأنَّ فيها سرا خفيا غاب عن الصدر الأول، أو خِصِّيصةً لا يعرفها إلا أهل السر =فقد كسر قنديل الهداية، وسار في غابة مظلمة معتمة من الآراء والهمهمات والمستحسنات والتهاويل التي لا حقيقة وراءها!
ومن استحضر الآخرة علم أن أولى الناس بالنبي ﷺ رجلٌ فرغ من قيل وقال، وسكن إلى نور سنته السمحة المباركة، ونجا بقلبه من صحراوات التيه التي خاضها من هو أذكى وأعلم فتحير وطاش قلمه وطارت نفسه شَعاعا وصار أمره فُرُطا!
وقد جاء بها رسول الله ﷺ حنيفيةً سمحةً سهلة ميسورةً، ولكن بعض الناس-ولله الأمر-أحب أن يقول كما قال من ذمهم الله:
" وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون".
نعم! البلاء كله أنهم لا يعلمون ويحسبون أنهم مهتدون، وأن لهم إيمانًا خاصًّا وسرا مكتوما؛ لأنهم خاصة الله في خلقه!
ألا إن خاصة الله وصفوته وخيرته من خلقه هو سيدنا رسول الله ﷺ !
فمن أراد السفر إلى الملأ الأعلى وبلوغ الجنة، فمن ورائه هو وحده ﷺ:
"بك أُمرتُ أن لا أفتحَ لأحدٍ قبلك".
ونصرته ومحبته ﷺ ليست بفتح دواوين الهجاء والاستهزاء، ولا جعله ﷺ ميدانًا للأهواء، ولا سرد خصائصه امتحانًا للناس.
ولا يقوم إجلاله ﷺ بمخالفة أخلاقه وسمته وهديه وشمائله، فكأننا في ميدان مشاتمة ومصارعة!
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى، ولا تجعلنا فتنة للناس، ولا للذين كفروا، واجعلنا ممن قصدك وحدك، وعمل لك وحدك، وسلمته لك وحدك، وسلم منه الناس.
مختارات