فقه أحكام الأسماء والصفات (١)
قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (١٩)} [محمد: ١٩].
وقال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠)}... [الأعراف: ١٨٠].
الإيمان بأسماء الله وصفاته أحد أركان الإيمان بالله، بل هو أعظمها، وتوحيد الله بها أحد أقسام التوحيد، ولا يمكن لأحد أن يعبد الله على الوجه الأكمل، حتى يكون على علم بأسماء الله وصفاته، ليعبد ربه على بصيرة، ويدعوه بأسمائه الحسنى التي أمره أن يدعوه بها:
إما دعاء مسألة، بأن يقدم بين يدي مطلوبه من أسماء الله ما يناسب حاله كأن يقول: يا رزاق ارزقني، أو يا رحمن ارحمني ونحوهما.
وإما دعاء عبادة، بأن تعبد الله سبحانه بمقتضى أسمائه، فتقوم بالتوبة إليه، لأنه هو التواب، وتتعبد له بجوارحك، لأنه البصير، وتذكره بلسانك، لأنه السميع، وتخشاه في السر، لأنه اللطيف الخبير، وهكذا في بقية الأسماء.
وأسماء الله عزَّ وجلَّ كلها حسنى، وهي بالغة في الحسن غايته، وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه.
فالحي من أسماء الله عزَّ وجلَّ، وهو متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال، الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والسمع والبصر والقوة والقدرة وغيرها من صفات الكمال.
والعليم من أسماء الله سبحانه، متضمن للعلم الكامل، الذي لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان، العلم الواسع الشامل، المحيط بكل شيء جملةً وتفصيلاً، سواء ما يتعلق بأفعاله أو أفعال خلقه كما قال سبحانه: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٥٩)} [الأنعام: ٥٩].
وقال سبحانه: {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٤)}... [التغابن: ٤].
وأسماء الله عزَّ وجلَّ أعلام وأوصاف.. فهي أعلام باعتبار دلالتها على مسمى واحد وهو الله عزَّ وجلَّ.. وهي أوصاف باعتبار ما دلت عليه من الصفات المختلفة الجامعة لصفات الكمال والجلال والجمال.
فهي بالاعتبار الأول مترادفة، لدلالتها على مسمى واحد وهو الله.
وهي بالاعتبار الثاني متباينة، لدلالة كل واحد منها على معناه الخاص.
فالعليم والقدير والرحيم والسميع والبصير والعزيز والحكيم، كلها أسماء لمسمى واحد وهو الله سبحانه، لكن معنى العليم غير معنى القدير، ومعنى السميع غير معنى البصير، وهكذا.
ومثل هذا أسماء كتاب الله، واسماء رسله، وأسماء اليوم الآخر، وأسماء الجنة، وأسماء النار، فلكل عدة أسماء باعتبار الصفات، ومسماها واحد باعتبار الذات.
وأسماء الله عزَّ وجلَّ توقيفية، فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه، جناية في حقه تعالى، وقول على الله بلا علم، وذلك من أعظم الذنوب، فيجب الحذر منه: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦) [الإٍسراء: ٣٦].
وأسماء الله جل جلاله غير محصورة بعدد.. لا يعلمها إلا الله.. منها ما سمى الله به نفسه.. وأنزله في كتابه.. أو علمه أحداً من خلقه.. ومنها ما استأثر به في علم الغيب عنده.
مختارات