سورة البقرة
آية
﴿ وَإِذِ ٱبْتَلَىٰٓ إِبْرَٰهِۦمَ رَبُّهُۥ بِكَلِمَٰتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِى ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِى ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٤﴾]
استدل جماعة من العلماء بهذه الآية على أن الإمام يكون من أهل العدل والإحسان والفضل مع القوة على القيام بذلك....فأما أهل الفسوق والجور والظلم فليسوا له بأهل؛ لقوله تعالى: (لا ينال عهدي الظالمين). القرطبي: 2/370.
آية
﴿ ٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَٰهُمُ ٱلْكِتَٰبَ يَتْلُونَهُۥ حَقَّ تِلَاوَتِهِۦٓ أُو۟لَٰٓئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢١﴾]
وتلاوة الكتاب هي اتباعه؛ كما قال ابن مسعود في قوله تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) قال: يحللون حلاله، ويحرمون حرامه، ويؤمنون بمتشابهه ويعملون بمحكمه. ابن تيمية: 1/339.
آية
﴿ رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُوا۟ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٩﴾]
(الحكمة) هي: السنة؛ لأن الله أمر أزواج نبيه أن يذكرن ما يتلى في بيوتهن من الكتاب والحكمة، و(الكتاب): القرآن، وما سوى ذلك مما كان الرسول يتلوه هو السنة. ابن تيمية: 1/345.
آية
﴿ رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٨﴾]
التوبة تختلف باختلاف التائبين: فتوبة سائر المسلمين: الندم، والعزم على عدم العود، ورد المظالم إذا أمكن، ونية الرد إذا لم يمكن، وتوبة الخواص: الرجوع عن المكروهات من خواطر السوء، والفتور في الأعمال، والإتيان بالعبادة على غير وجه الكمال، وتوبة خواص الخواص لرفع الدرجات والترقي في المقامات. الألوسي: 1/386.
آية
﴿ رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٨﴾]
ولما كان العبد –مهما كان- لا بد أن يعتريه التقصير ويحتاج إلى التوبة، قالا: (وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم). السعدي: 66.
آية
﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَٰهِۦمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ وَإِسْمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٧﴾]
وآثر صيغة المضارع مع أن القصة ماضية استحضارا لهذا الأمر؛ ليقتدي الناس به في إتيان الطاعات الشاقة مع الابتهال في قبولها، وليعلموا عظمة البيت المبني فيعظموه. الألوسي: 1/383.
آية
﴿ صِبْغَةَ ٱللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُۥ عَٰبِدُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٣٨﴾]
أي: الزموا صبغة الله، وهو دينه، وقوموا به قياماًً تاماًً بجميع أعماله الظاهرة والباطنة، وجميع عقائده في جميع الأوقات، حتى يكون لكم صبغةً وصفةً من صفاتكم، فإذا كان صفة من صفاتكم أوجب ذلك لكم الانقياد لأوامره، طوعاًً واختياراًً ومحبة، وصار الدين طبيعة لكم بمنْزلة الصبغ التام للثوب الذي صار له صفة، فحصلت لكم السعادة الدنيوية والأخروية. السعدي: 68.
آية
﴿ قُولُوٓا۟ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبْرَٰهِۦمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلْأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِىَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٣٦﴾]
وقدم الإيمان بالله لأنه لا يختلف باختلاف الشرائع الحق، ثم عطف عليه الإيمان بما أنزل من الشرائع. ابن عاشور: 1/739.
آية
﴿ وَلَئِنْ أَتَيْتَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ بِكُلِّ ءَايَةٍ مَّا تَبِعُوا۟ قِبْلَتَكَ ۚ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ۚ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٥﴾]
بيان لتصلبهم في الهوى وعنادهم بأن هذه المخالفة والعناد لا يختص بك؛ بل حالهم فيما بينهم أيضا كذلك؛ فإنكارهم ذلك ناشيء عن فرط العناد. الألوسي: 2/12.
آية
﴿ وَلَئِنْ أَتَيْتَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ بِكُلِّ ءَايَةٍ مَّا تَبِعُوا۟ قِبْلَتَكَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٥﴾]
لو أقام عليهم كل دليل على صحة ما جاءهم به لما اتبعوه وتركوا أهواءهم؛ كما قال تعالى: (إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم) [يونس: 96]، ولهذا قال هاهنا: (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك). ابن كثير: 1/184.
آية
﴿ سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ ٱلَّتِى كَانُوا۟ عَلَيْهَا ۚ قُل لِّلَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٢﴾]
وقد كان في قوله: (السفهاء) ما يغني عن رد قولهم، وعدم المبالاة به، ولكنه تعالى مع هذا لم يترك هذه الشبهة حتى أزالها وكشفها مما سيعرض لبعض القلوب من الاعتراض، فقال تعالى: (قل) لهم مجيبًا: (لله المشرق والمغرب). السعدي: 70.
آية
﴿ سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ ٱلَّتِى كَانُوا۟ عَلَيْهَا ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٢﴾]
وتقديم الإخبار بالقول على الوقوع لتوطين النفس به؛ فإن مفاجأة المكروه أشد إيلاما، والعلم به قبل الوقوع أبعد من الاضطراب، ولما أن فيها إعداد الجواب؛ والجواب المعد قبل الحاجة إليه أقطع للخصم. الألوسي: 2/2.
آية
﴿ سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ ٱلَّتِى كَانُوا۟ عَلَيْهَا ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٢﴾]
العاقل لا يبالي باعتراض السفيه، ولا يلقي له ذهنه، ودلت الآية على أنه لا يعترض على أحكام الله إلا سفيه جاهل معاند، وأما الرشيد المؤمن العاقل فيتلقى أحكام ربه بالقبول والانقياد والتسليم؛ كما قال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) [الأحزاب:36]، (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) [النساء:65]. السعدي: 70.
آية
﴿ ٱسْتَعِينُوا۟ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٣﴾]
إذا كانت صلاة العبد صلاة كاملة، مجتمعا فيها ما يلزم فيها وما يسن، وحصل فيها حضور القلب،... لا جرم أن هذه الصلاة من أكبر المعونة على جميع الأمور؛ فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولأن هذا الحضور الذي يكون في الصلاة يوجب للعبد في قلبه وَصفاً وَدَاعِيَاً يدعوه إلى امتثال أوامر ربه، واجتناب نواهيه. هذه هي الصلاة التي أمر الله أن نستعين بها على كل شيء. السعدي: 75.
آية
﴿ وَٱشْكُرُوا۟ لِى وَلَا تَكْفُرُونِ ﴿١٥٢﴾ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱسْتَعِينُوا۟ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٢﴾]
لما فرغ تعالى من بيان الأمر بالشكر؛ شرع في بيان الصبر والإرشاد والاستعانة بالصبر والصلاة؛ فإن العبد إما أن يكون في نعمة فيشكر عليها، أو في نقمة فيصبر عليها. ابن كثير: 1/187.
آية
﴿ فَٱذْكُرُونِىٓ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُوا۟ لِى وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٢﴾]
لكل ذكر خاصيته وثمرته... وأما الأسماء التي معناها الاطلاع والإدراك -كالعليم، والسميع، والبصير، والقريب، وشبه ذلك- فثمرتها المراقبة، وأما الصلاة على النبي ﷺ فثمرتها شدّة المحبة فيه، والمحافظة على اتباع سنته، وأما الاستغفار فثمرته الاستقامة على التقوى، والمحافظة على شروط التوبة مع [انكسار] القلب بسبب الذنوب المتقدّمة. ابن جزي: 1/88.
آية
﴿ فَٱذْكُرُونِىٓ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُوا۟ لِى وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٢﴾]
لكل ذكر خاصيته وثمرته، وأما التهليل فثمرته التوحيد؛ أعني التوحيد الخاص؛ فإنّ التوحيد العام حاصل لكل مؤمن، وأما التكبير فثمرته التعظيم والإجلال لذي الجلال، وأما الحمد والأسماء التي معناها الإحسان والرحمة -كالرحمن، الرحيم، والكريم، والغفار، وشبه ذلك- فثمرتها ثلاث مقامات؛ وهي: الشكر، وقوة الرجاء، والمحبة؛ فإنّ المحسن محبوب لا محالة. ابن جزي: 1/88.
آية
﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ ۖ وَإِنَّهُۥ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ۗ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٩﴾]
ومن التفت بقلبه في صلاته إلى غير ربه لم تنفعه وجهة بدنه إلى الكعبة؛ لأن ذلك حكم حق، حقيقته توجه القلب، ومن التفت بقلبه إلى شيء من الخلق في صلاته فهو مثل الذي استدبر بوجهه عن شطر قبلته. البقاعي: 1/272.
آية
﴿ فَٱسْتَبِقُوا۟ ٱلْخَيْرَٰتِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٨﴾]
من سبق في الدنيا إلى الخيرات فهو السابق في الآخرة إلى الجنات؛ فالسابقون أعلى الخلق درجة،... ويستدل بهذه الآية الشريفة على الإتيان بكل فضيلة يتصف بها العمل؛ كالصلاة في أول وقتها، والمبادرة إلى إبراء الذمة من الصيام، والحج، والعمرة، وإخراج الزكاة، والإتيان بسنن العبادات وآدابها؛ فلله ما أجمعها وأنفعها من آية!!. السعدي: 73.
آية
﴿ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوٓا۟ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٦﴾]
جعل هذه الكلمات ملجأ لذوي المصائب، وعصمة للممتحنين لما جمعت من المعاني المباركة؛ وذلك توحيد الله، والإقرار له بالعبودية، والبعث من القبور، واليقين بأن رجوع الأمر كله إليه كما هو له، وقال سعيد بن جبير: لم يعط هذه الكلمات نبي قبل نبينا، ولو عرفها يعقوب لما قال: (يا أسفا على يوسف). ابن عطية: 1/228.
آية
﴿ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوٓا۟ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٦﴾]
(إنا لله) اللام للملك، والمالك يفعل في ملكه ما يشاء. (راجعون): تذكروا الآخرة لتهون عليهم مصائب الدنيا، وفي الحديث الصحيح: أن رسول الله ﷺ قال: (من أصابته مصيبة فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها أخلف الله له خيرا مما أصابه). قالت أمّ سلمة: فلما مات زوجي أبو سلمة قلت ذلك فأبدلني الله به رسول الله ﷺ. ابن جزي: 1/89.
آية
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلْأَمْوَٰلِ وَٱلْأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٥﴾]
السراء لو استمرت لأهل الإيمان، ولم يحصل معها محنة؛ لحصل الاختلاط الذي هو فساد، وحكمة الله تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر. هذه فائدة المحن، لا إزالة ما مع المؤمنين من الإيمان، ولا ردهم عن دينهم، فما كان الله ليضيع إيمان المؤمنين، فأخبر في هذه الآية أنه سيبتلي عباده (بشيء من الخوف) من الأعداء (والجوع) أي: بشيء يسير منهما؛ لأنه لو ابتلاهم بالخوف كله، أو الجوع، لهلكوا، والمحن تمحص لا تهلك. السعدي: 76.
آية
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلْأَمْوَٰلِ وَٱلْأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِ ۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٥﴾]
قيل: إنما ابتلوا بهذا ليكون آية لمن بعدهم؛ فيعلموا أنهم إنما صبروا على هذا حين وضح لهم الحق، وقيل: أعلمهم بهذا ليكونوا على يقين منه أنه يصيبهم، فيوطنوا أنفسهم عليه، فيكون أبعد لهم من الجزع، وفيه تعجيل ثواب الله تعالى على العزم، وتوطين النفس. القرطبي: 2/462.
آية
﴿ وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَن يُقْتَلُ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَٰتٌۢ ۚ بَلْ أَحْيَآءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٤﴾]
ومن المعلوم أن المحبوب لا يتركه العاقل إلا لمحبوب أعلى منه وأعظم؛ فأخبر تعالى أن من قتل في سبيله -بأن قاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا، ودينه الظاهر، لا لغير ذلك من الأغراض- فإنه لم تفته الحياة المحبوبة، بل حصل له حياة أعظم، وأكمل مما تظنون وتحسبون. السعدي: 75.
آية
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴿١٥٣﴾ وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَن يُقْتَلُ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَٰتٌۢ ۚ بَلْ أَحْيَآءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٤﴾]
إشارة إلى أن كون الله معهم لا يمنع أن يستشهد منهم شهداء، بل ذلك من ثمرات كون الله معهم؛ حيث يظفر من استشهد منهم بسعادة الأخرى، ومن بقي بسعادة الدارين. البقاعي: 1/279.
آية
﴿ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَٰلَهُمْ حَسَرَٰتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٦٧﴾]
قال السدي: ترفع لهم الجنة فينظرون إليها وإلى بيوتهم فيها لو أطاعوا الله تعالى، ثم تقسم بين المؤمنين؛ فذلك حين يندمون. وأضيفت هذه الأعمال إليهم من حيث هم مأمورون بها... والحسرة أعلى درجات الندامة على شيء فائت. القرطبي: 3/11.
آية
﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوا۟ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا۟ مِنَّا ۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَٰلَهُمْ حَسَرَٰتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٦٧﴾]
أعمالهم التي يؤملون نفعها وحصول نتيجتها انقلبت عليهم حسرة وندامة...وحينئذ يتمنى التابعون أن يردوا إلى الدنيا فيتبرأوا من متبوعيهم؛ بأن يتركوا الشرك بالله، ويقبلوا على إخلاص العمل لله. السعدي: 80.
آية
﴿ إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُوا۟ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوا۟ وَرَأَوُا۟ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلْأَسْبَابُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٦٦﴾]
ظنوا أن لها من الأمر شيئا، وأنها تقربهم إليه، وتوصلهم إليه؛ فخاب ظنهم، وبطل سعيهم، وحق عليهم شدة العذاب، ولم تدفع عنهم أندادهم شيئا، ولم تغن عنهم مثقال ذرة من النفع، بل يحصل لهم الضرر منها من حيث ظنوا نفعها، وتبرأ المتبوعون من التابعين، وتقطعت بينهم الوصل التي كانت في الدنيا؛ لأنها كانت لغير الله، وعلى غير أمر الله. السعدي: 80.
آية
﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ ۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٦٥﴾]
واعلم أنّ محبة الله إذا تمكنت من القلب ظهرت آثارها على الجوارح من الجدّ في طاعته، والنشاط لخدمته، والحرص على مرضاته، والتلذذ بمناجاته، والرضا بقضائه، والشوق إلى لقائه، والأنس بذكره، والاستيحاش من غيره، والفرار من الناس، والانفراد في الخلوات، وخروج الدنيا من القلب، ومحبة كل من يحبه الله، وإيثاره على كل من سواه. ابن جزي: 1/92.
آية
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَيَشْتَرُونَ بِهِۦ ثَمَنًا قَلِيلًا ۙ أُو۟لَٰٓئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ إِلَّا ٱلنَّارَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٧٤﴾]
وسماه (قليلاً) لانقطاع مدته وسوء عاقبته، وقيل: لأن ما كانوا يأخذونه من الرشا كان قليلاً. وهذه الآية- وإن كانت في الأحبار- فإنها تتناول من المسلمين من كتم الحق مختاراً لذلك بسبب دنيا يصيبها... وفي ذكر البطون أيضا تنبيه على جشعهم، وأنهم باعوا آخرتهم بحظهم من المطعم الذي لا خطر له. القرطبي: 3/48-49.
آية
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَيَشْتَرُونَ بِهِۦ ثَمَنًا قَلِيلًا ۙ أُو۟لَٰٓئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ إِلَّا ٱلنَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٧٤﴾]
(ولا يزكيهم) كما يزكي بذلك من يشاء من عباده؛ لأنهم كتموا عن العباد ما يزكيهم، وفي هذا تعظيم لذنب كتم العلم. (ولهم) مع هذا العذاب (عذاب عظيم) لما أوقعوا فيه الناس من التعب بكتمهم عنهم ما يقيمهم على المحجة السهلة. البقاعي: 1/320.
آية
﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيْرِ ٱللَّهِ ۖ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَآ إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٧٣﴾]
لما كان هذا الدين يسراً لا عسر فيه، ولا حرج، ولا جناح؛ رفع حكم هذا التحريم عن المضطر. البقاعي: 1/318.
آية
﴿ وَٱشْكُرُوا۟ لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٧٢﴾]
الشكر حقيقته: البذل من الطيب؛ فشكر كل نعمة إظهارها على حدها من مال أو جاه أو علم أو طعام أو شراب أو غيره، وإنفاق فضلها والاقتناع منها بالأدنى، والتجارة بفضلها لمبتغي الأجر، وإبلاغها إلى أهلها لمؤدي الأمانة؛ لأن أيدي العباد خزائن الملك الجواد. البقاعي: 1/316.
آية
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ كُلُوا۟ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٰكُمْ وَٱشْكُرُوا۟ لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٧٢﴾]
والأمر بالشكر عقيب النعم لأن الشكر يحفظ النعم الموجودة، ويجلب النعم المفقودة، كما أن الكفر ينفر النعم المفقودة ويزيل النعم الموجودة. السعدي: 81.
آية
﴿ وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ كَمَثَلِ ٱلَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَآءً وَنِدَآءً ۚ صُمٌّۢ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٧١﴾]
لانهماكهم في التقليد، وإخلادهم إلى ما هم عليه من الضلالة؛ لا يلقون أذهانهم إلى ما يتلى عليهم، ولا يتأملون فيما يقرر معهم؛ فهم في ذلك كالبهائم التي ينعق عليها وهي لا تسمع إلا جرس النغمة ودوي الصوت. الألوسي: 2/42.
آية
﴿ فَمَنۢ بَدَّلَهُۥ بَعْدَمَا سَمِعَهُۥ فَإِنَّمَآ إِثْمُهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُۥٓ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٨١﴾]
فمن بدل الوصية وحرفها؛ فغير حكمها، وزاد فيها، أو نقص -ويدخل في ذلك الكتمان لها بطريق الأولى- (فإنما إثمه على الذين يبدلونه) قال ابن عباس وغير واحد: وقد وقع أجر الميت على الله، وتعلق الإثم بالذين بدلوا ذلك. ابن كثير: 1/201.
آية
﴿ وَلَكُمْ فِى ٱلْقِصَاصِ حَيَوٰةٌ يَٰٓأُو۟لِى ٱلْأَلْبَٰبِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٧٩﴾]
(ولكم في القصاص حياة) بمعنى قولهم: «القتل أنفى للقتل»؛ أي: إن القصاص يردع الناس عن القتل، وقيل: المعنى أن القصاص أقل قتلا؛ لأنه قتل واحد بواحد، بخلاف ما كان في الجاهلية من اقتتال قبيلتي القاتل والمقتول حتى يقتل بسبب ذلك جماعة. ابن جزي: 1/96.
آية
﴿ فَمَنْ عُفِىَ لَهُۥ مِنْ أَخِيهِ شَىْءٌ فَٱتِّبَاعٌۢ بِٱلْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَٰنٍ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٧٨﴾]
وصية العافـي بأن لا يشدد في طلب الدية على المعفو له، وينظره إن كان معسرا، ولا يطالبه بالزيادة عليها، والمعفو بأن لا يمطل العافـي فيها، ولا يبخس منها، ويدفعها عند الإمكان. الألوسي: 2/50.
آية
﴿ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِى ٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلْبَأْسِ ۗ أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُوا۟ ۖ وَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٧٧﴾]
وهذا من باب الترقي في الصبر من الشديد إلى الأشد؛ لأن الصبر على المرض فوق الصبر على الفقر، والصبر على القتال فوق الصبر على المرض. الألوسي: 2/48.
آية
﴿ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَٰهَدُوا۟ ۖ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِى ٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلْبَأْسِ ۗ أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُوا۟ ۖ وَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٧٧﴾]
أي: هؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات هم الذين صدقوا في إيمانهم؛ لأنهم حققوا الإيمان القلبي بالأقوال والأفعال، فهؤلاء هم الذين صدقوا، وأولئك هم المتقون؛ لأنهم اتقوا المحارم، وفعلوا الطاعات. ابن كثير: 1/198.
آية
﴿ وَءَاتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٧٧﴾]
فمن أخرجه مع حبه له تقرباً إلى الله تعالى كان هذا برهاناًً لإيمانه. ومن إيتاء المال على حبه: أن يتصدق وهو صحيح شحيح، يأمل الغنى، ويخشى الفقر، وكذلك إذا كانت الصدقة عن قلة كانت أفضل؛ لأنه في هذه الحال يحب إمساكه لما يتوهمه من العدم والفقر، وكذلك إخراج النفيس من المال، وما يحبه من ماله. السعدي: 83.
آية
﴿ وَءَاتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِى ٱلرِّقَابِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٧٧﴾]
(ذوي القربى) وما بعده ترتيب بتقديم الأهم فالأهم والأفضل؛ لأنّ الصدقة على القرابة صدقة وصلة؛ بخلاف من بعدهم، ثم اليتامى لصغرهم وحاجتهم، ثم المساكين للحاجة خاصة، وابن السبيل الغريب، وقيل: الضعيف، والسائلين وإن كانوا غير محتاجين. ابن جزي: 1/95.
آية
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا۟ لِى وَلْيُؤْمِنُوا۟ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٨٦﴾]
وفي هذه الآية إيماء إلى أن الصائم مرجو الإجابة، وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان. ابن عاشور: 2/179.
آية
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٨٦﴾]
ذكر في هذه الآية أنه جل وعلا قريب يجيب دعوة الداعي، وبين في آية أخرى تعليق ذلك على مشيئته جل وعلا؛ وهي قوله: (فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون) [الأنعام: 41]، وقال بعضهم: التعليق بالمشيئة في دعاء الكفار كما هو ظاهر سياق الآية، والوعد المطلق في دعاء المؤمنين، وعليه فدعاؤهم لا يُرد؛ إما أن يعطوا ما سألوا، أو يدخر لهم خير منه، أو يدفع عنهم من السوء بقدره. الشنقيطي: 1/74.
آية
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٨٣﴾]
(يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصَّوْمُ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ...) الْحَدِيثَ؛ خص الصوم بأنه له –وإن كانت العبادات كلها له- لأمرين باين الصوم بهما سائر العبادات؛ أحدهما: أن الصوم يمنع من ملاذ النفس وشهواتها ما لا يمنع منه سائر العبادات إلا الصلاة. الثاني: أن الصوم سر بين العبد وربه، لا يظهر إلا له، فلذلك صار مختصاً به، وما سواه من العبادات ظاهر، ربما فعله تصنعاً ورياء، فلهذا صار أخص بالصوم من غيره. القرطبي: 3/123.
آية
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٨٣﴾]
أي: كي تحذروا المعاصي؛ فإن الصوم يعقم الشهوة التي هي أمها، أو يكسرها،... قال لنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء). الألوسي: 2/57.
آية
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٨٣﴾]
لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان، وفيه تنشيط لهذه الأمة بأنه ينبغي لكم أن تنافسوا غيركم في تكميل الأعمال، والمسارعة إلى صالح الخصال، وأنه ليس من الأمور الثقيلة التي اختصيتم بها. السعدي: 86.
آية
﴿ أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿١٨٣﴾ أَيَّامًا مَّعْدُودَٰتٍ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٨٣﴾]
والقصد بقوله: (كما كتب على الذين من قبلكم)، وبقوله: (أياما معدودات): تسهيل الصيام على المسلمين، وملاطفة جميلة. ابن جزي: 1/95.
آية
﴿ وَلَا تَأْكُلُوٓا۟ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِٱلْبَٰطِلِ وَتُدْلُوا۟ بِهَآ إِلَى ٱلْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا۟ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٨٨﴾]
لا تصانعوا بأموالكم الحكام وترشوهم؛ ليقضوا لكم على أكثر منها... اتفق أهل السنة على أن من أخذ ما وقع عليه اسم مال- قل أو كثر- أنه يفسق بذلك، وأنه محرم عليه أخذه. القرطبي: 3/226.
آية
﴿ وَلَا تَأْكُلُوٓا۟ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِٱلْبَٰطِلِ وَتُدْلُوا۟ بِهَآ إِلَى ٱلْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا۟ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٨٨﴾]
لما ذكر سبحانه الصيام وما فيه؛ عقبه بالنهي عن الأكل الحرام المفضي إلى عدم قبول عبادته من صيامه واعتكافه. الألوسي: 2/69.
آية
﴿ وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَٰكِفُونَ فِى ٱلْمَسَٰجِدِ ۗ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٨٧﴾]
فلا يكون الاعتكاف إلا في المساجد باتفاق العلماء؛ كما قال تعالى: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد): لا يكون الاعتكاف لا بخلوة، ولا غير خلوة؛ لا في غار، ولا عند قبر، ولا غير ذلك مما يقصد الضالون السفر إليه والعكوف عنده؛ كعكوف المشركين على أوثانهم. ابن تيمية: 1/448-449.
آية
﴿ وَأَنفِقُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا تُلْقُوا۟ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوٓا۟ ۛ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٩٥﴾]
لما كانت النفقة من أعظم دعائم الجهاد، وكان العيش في أول الإسلام ضيقاًً، والمال قليلاً؛ فكان ذلك موجباًً لكل أحد أن يتمسك بما في يده، ظناً أن في التمسك به النجاة، وفي إنفاقه الهلاك؛ أخبرهم أن الأمر على غير ما يسول به الشيطان من ذلك؛ (الشيطان يعدكم الفقر) [البقرة: 268]. البقاعي: 1/367.
آية
﴿ وَأَنفِقُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا تُلْقُوا۟ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ ۛ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٩٥﴾]
قال أبو أيوب رضي الله عنه: نزلت فينا معشر الأنصار؛ وذلك أن الله تعالى لما أعز دينه، ونصر رسوله قلنا فيما بيننا: إنا قد تركنا أهلنا وأموالنا حتى فشا الإسلام، ونصر الله نبيه، فلو رجعنا إلى أهلينا وأموالنا فأقمنا فيها، فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله تعالى: (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)؛ فالتهلكة: الإقامة في الأهل والمال، وترك الجهاد. البغوي: 1/171.
آية
﴿ وَقَٰتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ لِلَّهِ ۖ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٩٣﴾]
ذكر تعالى المقصود من القتال في سبيله، وأنه ليس المقصود به سفك دماء الكفار، وأخذ أموالهم، ولكن المقصود به أن يكون الدين لله تعالى؛ فيظهر دين الله تعالى على سائر الأديان، ويدفع كل ما يعارضه من الشرك وغيره. السعدي: 89.
آية
﴿ فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَٰسِكَكُمْ فَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٠٠﴾]
وقرن سبحانه الذكر بالدعاء؛ للإشارة إلى أن المعتبر من الذكر ما يكون عن قلب حاضر، وتوجه باطن؛ كما هو حال الداعي حين طلب حاجة، لا مجرد التفوه والنطق به،... وبدأ سبحانه وتعالى بالذكر لكونه مفتاحا للإجابة، ثم بين -جل شأنه- أنهم ينقسمون في سؤال الله تعالى إلى من يغلب عليه حب الدنيا؛ فلا يدعو إلا بها، ومن يدعو بصلاح حاله في الدنيا والآخرة. الألوسي: 2/90.
آية
﴿ وَتَزَوَّدُوا۟ فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ ۚ وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُو۟لِى ٱلْأَلْبَٰبِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٩٧﴾]
نزلت الآية في طائفة من العرب كانت تجيء إلى الحج بلا زاد، ويقول بعضهم: نحن المتوكلون، ويقول بعضهم: كيف نحج بيت الله ولا يطعمنا؟ فكانوا يبقون عالة على الناس، فنهوا عن ذلك، وأمروا بالتزود. ابن عطية: 1/273.
آية
﴿ وَتَزَوَّدُوا۟ فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ ۚ وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُو۟لِى ٱلْأَلْبَٰبِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٩٧﴾]
وخص- جل ذكره- بالخطاب بذلك أولي الألباب؛ لأنهم هم أهل التمييز بين الحق والباطل، وأهل الفكر الصحيح والمعرفة بحقائق الأشياء التي بالعقول تدرك، وبالألباب تفهم، ولم يجعل لغيرهم من أهل الجهل في الخطاب بذلك حظا. الطبري: 4/161.
آية
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱدْخُلُوا۟ فِى ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا۟ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰنِ ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٠٨﴾]
(ادخلوا في السلم كافة)؛ أي: في جميع شرائع الدين، ولا يتركوا منها شيئا، وأن لا يكونوا ممن اتخذ إلهه هواه: إن وافق الأمر المشروع هواه فعله، وإن خالفه تركه، بل الواجب أن يكون الهوى تبعا للدين، وأن يفعل كل ما يقدر عليه من أفعال الخير. السعدي: 94.
آية
﴿ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ ۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٠٥﴾]
(وَإِذا تَوَلَّى): انصرف عمّن خدعه بكلامه، (سَعى): مشى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها؛ بإدخال الشبه في قلوب المسلمين، وباستخراج الحيل في تقوية الكفر. القاسمي: 1/82.
آية
﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُۥ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٠٤﴾]
وفي هذه الآية دليل وتنبيه على الاحتياط فيما يتعلق بأمور الدين والدنيا، واستبراء أحوال الشهود والقضاة، وأن الحاكم لا يعمل على ظاهر أحوال الناس وما يبدو من إيمانهم وصلاحهم حتى يبحث عن باطنهم؛ لأن الله تعالى بين أحوال الناس، وأن منهم من يظهر قولاً جميلاً، وهو ينوي قبيحاًً. القرطبي: 3/383.
آية
﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُۥ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ ﴿٢٠٤﴾ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ ۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٠٤﴾]
ففي هذه الآية دليل على أن الأقوال التي تصدر من الأشخاص ليست دليلاً على صدق ولا كذب، ولا بر ولا فجور؛ حتى يوجد العمل المصدق لها، المزكي لها، وأنه ينبغي اختبار أحوال الشهود والمحق والمبطل من الناس بسبر أعمالهم، والنظر لقرائن أحوالهم، وأن لا يغتر بتمويههم، وتزكيتهم أنفسهم. السعدي: 94.
آية
﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُۥ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٠٤﴾]
وفي الآية إشارة إلى أن شدة المخاصمة مذمومة؛ عن النبي ﷺ: (أبغض الرجال إلى الله تعالى الألد الخصم). وشدة الخصومة من صفات المنافقين؛ لأنهم يحبون الدنيا؛ فيكثرون الخصام عليها. الألوسي: 2/95.
آية
﴿ يَسْـَٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ۖ قُلْ مَآ أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلْأَقْرَبِينَ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا۟ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢١٥﴾]
ختم بالعلم؛ لأجل دخول الخلل على النيات في الإنفاق؛ لأنه من أشد شيء تتباهى به النفس، فيكاد لا يسلم لها منه إلا ما لا تعلمه شمالها. البقاعي: 1/400.
آية
﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا۟ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْا۟ مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُوا۟ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ ۗ أَلَآ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢١٤﴾]
إعلام بأن الله سبحانه وتعالى إنما يفرج عن أنبيائه ومن معهم بعد انقطاع أسبابهم ممن سواه؛ ليمتحن قلوبهم للتقوى؛ فتتقدس سرائرهم من الركون لشيء من الخلق، وتتعلق ضمائرهم بالله تعالى وحده. البقاعي: 1/397.
آية
﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا۟ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْا۟ مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُوا۟ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ ۗ أَلَآ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢١٤﴾]
(أَمْ حَسِبْتُمْ): خطاب للمؤمنين على وجه التشجيع لهم والأمر بالصبر على الشدائد. (ولما يأتكم)؛ أي: لا تدخلوا الجنة حتى يصيبكم مثل ما أصاب من كان قبلكم. ابن جزي: 1/107.
آية
﴿ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لِمَا ٱخْتَلَفُوا۟ فِيهِ مِنَ ٱلْحَقِّ بِإِذْنِهِۦ ۗ وَٱللَّهُ يَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢١٣﴾]
عن عائشة أنّ النبيّ ﷺ كان إذا قام يُصلّي من اللّيْل يقول: (اللهمّ ربّ جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطرَ السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلف فيه من الحقّ بإذنك؛ إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم). ابن تيمية: 1/493.
آية
﴿ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ۘ وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْا۟ فَوْقَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢١٢﴾]
يسخرون بمن تبعك من أهل الإيمان والتصديق بك في تركهم المكاثرة والمفاخرة بالدنيا وزينتها من الرياش والأموال؛ بطلب الرياسات، وإقبالهم على طلبهم ما عندي برفض الدنيا، وترك زينتها. الطبري: 4/273.
آية
﴿ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢١١﴾]
من أنعم الله عليه بنعمةٍ دينية أو دنيوية فلم يشكرها، ولم يقم بواجبها اضمحلت عنه وذهبت، وتبدلت بالكفر والمعاصي، فصار الكفر بدل النعمة، وأما من شكر الله تعالى وقام بحقها فإنها تثبت وتستمر، ويزيده الله منها. السعدي: 95.
آية
﴿ سَلْ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ كَمْ ءَاتَيْنَٰهُم مِّنْ ءَايَةٍۭ بَيِّنَةٍ ۗ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢١١﴾]
أصل هذا التبديل: رد علم العالم عليه، ورد صلاح الصالح إليه، وعدم الاقتداء بعلم العالم والاهتداء بصلاح الصالح. البقاعي: 1/390.
آية
﴿ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلْءَايَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢١٩﴾]
أي في الآيات، فتسنتنبطوا الأحكام منها، وتفهموا المصالح والمنافع المنوطة بها؛ فترجّي التفكر غاية لتبيين الآيات، فتأخذون بالأصلح وتجتنبون عما يضركم ولا ينفعكم، أو يضركم أكثر مما ينفعكم. الألوسي: 2/116.
آية
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُوا۟ وَجَٰهَدُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أُو۟لَٰٓئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ ۚ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢١٨﴾]
وإنما قال (يرجون) وقد مدحهم؛ لأنه لا يعلم أحد في هذه الدنيا أنه صائر إلى الجنة ولو بلغ في طاعة الله كل مبلغ؛ لأمرين: أحدهما: لا يدري بما يختم له، والثاني: لئلا يتكل على عمله. القرطبي: 3/432.
آية
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُوا۟ وَجَٰهَدُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أُو۟لَٰٓئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢١٨﴾]
إشارة إلى أن العبد ولو أتى من الأعمال بما أتى به؛ لا ينبغي له أن يعتمد عليها ويعول عليها، بل يرجو رحمة ربه، ويرجو قبول أعماله ومغفرة ذنوبه وستر عيوبه. السعدي: 98.
آية
﴿ يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفْرٌۢ بِهِۦ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِۦ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ ٱللَّهِ ۚ وَٱلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ ٱلْقَتْلِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢١٧﴾]
إن كان قتل النفوس فيه شر، فالفتنة الحاصلة بالكفر وظهور أهله أعظم من ذلك؛ فيدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما. ابن تيمية: 1/501.
آية
﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰٓ أَن تَكْرَهُوا۟ شَيْـًٔا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّوا۟ شَيْـًٔا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢١٦﴾]
هذا الكره من حيث نفور الطبع عنه؛ لما فيه من مؤنة المال، ومشقة النفس، وخطر الروح، لا أنهم كرهوا أمر الله تعالى. البغوي: 1/203.
آية
﴿ وَلَا تَجْعَلُوا۟ ٱللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَٰنِكُمْ أَن تَبَرُّوا۟ وَتَتَّقُوا۟ وَتُصْلِحُوا۟ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٢٤﴾]
ثم ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين، فقال: (والله سميع)؛ أي: لجميع الأصوات، (عليم) بالمقاصد والنيات؛ ومنه سماعه لأقوال الحالفين، وعلمه بمقاصدهم هل هي خير أم شر، وفي ضمن ذلك التحذير من مجازاته، وأن أعمالكم ونياتكم قد استقر علمها عنده. السعدي: 100-101.
آية
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٢٣﴾]
تأنيساًً لقلوب المتحرجين من معاودة الذنب بعد توبة منه، أي: ومن معاودة التوبة بعد الوقوع في ذنب ثان؛ لما يخشى العاصي من أن يكتب عليه كذبة كلما أحدث توبة وزل بعدها فيعد مستهزئاًً، فيسقط من عين الله ثم لا يبالي به، فيوقفه ذلك عن التوبة. البقاعي: 1/422.
آية
﴿ أُو۟لَٰٓئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ ۖ وَٱللَّهُ يَدْعُوٓا۟ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِۦ ۖ وَيُبَيِّنُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٢١﴾]
المقصود من الآية أن المؤمن يجب أن يكون حذرا عما يضره في الآخرة وأن لا يحوم حول حمى ذلك ويتجنب عما فيه الاحتمال، مع أن النفس والشيطان يعاونان على ما يؤدي إلى النار. الألوسي: 2/120.
آية
﴿ وَلَا تَنكِحُوا۟ ٱلْمُشْرِكَٰتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا۟ ٱلْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا۟ ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُو۟لَٰٓئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٢١﴾]
(أولئك يدعون إلى النار) أي: في أقوالهم أو أفعالهم وأحوالهم؛ [فمخالِطهم] على خطر منهم، والخطر ليس من الأخطار الدنيوية، إنما هو من الشقاء الأبدي. ويستفاد من تعليل الآية: النهي عن مخالطة كل مشرك ومبتدع؛ لأنه إذا لم يجز التزوج مع أن فيه مصالح كثيرة فالخلطة المجردة من باب أولى، وخصوصاًً الخلطة التي فيها ارتفاع المشرك ونحوه على المسلم. السعدي: 99.
آية
﴿ لَّا يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِىٓ أَيْمَٰنِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٢٥﴾]
والشارع لم يرتب المؤاخذة إلا على ما يكسبه القلب من الأقوال والأفعال الظاهرة؛ كما قال: (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم)، ولم يؤاخذ على أقوال وأفعال لم يعلم بها القلب، ولم يتعمدها، وكذلك ما يحدث به المرء نفسه؛ لم يؤاخذ منه إلا بما قاله، أو فعله.. ابن تيمية: 1/517.