فوائد من كتاب قصر الامل 2
حكمــــــة
قال أبو عبيدة الناجي: دخلنا على الحسن في مرضه الذي مات فيه فقال: « مرحبا بكم وأهلا وحياكم الله بالسلام، وأحلنا وإياكم دار المقام، هذه علانية حسنة إن صبرتم وصدقتم واتقيتم فلا يكن حظكم من هذا الخبر - رحمكم الله - أن تسمعوا بهذه الأذن ويخرج من هذه الأذن فإنه من رأى محمدا صلى الله عليه وسلم فقد رآه غاديا ورائحا، لم يضع لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة، ولكن رفع له علم فشمر إليه، الوحاء الوحاء، النجاء النجاء، علام تعرجون؟ أتيتم ورب الكعبة كأنكم والأمر معا رحم الله عبدا جعل العيش عيشا واحدا، فأكل كسرة، ولبس خلقا ولزق بالأرض، واجتهد في العبادة، وبكى على الخطيئة، وهرب من العقوبة، وابتغى الرحمة، حتى يأتيه أجله وهو على ذلك »
حكمــــــة
قال ميمون بن مهران: « دخلت على عمر بن عبد العزيز يوما وعنده سابق البربري الشاعر وهو ينشد شعرا، فانتهى بشعره إلى هذه الأبيات: وكم من صحيح بات للموت آمنا أتته المنايا بغتة بعدما هجع ولم يستطع إذ جاءه الموت بغتة فرارا ولا منه بقوته امتنع فأصبح تبكيه النساء مقنعا ولا يسمع الداعي وإن صوته رفع وقرب من لحد صار مقيله وفارق ما قد كان بالأمس قد جمع ولا يترك الموت الغني لماله ولا معدما في الحال ذا حاجة يدع قال: فلم يزل عمر رضي الله عنه يبكي ويضطرب، حتى غشي عليه ».
حكمــــــة
قال يونس بن عبيد يروي هذه الأبيات: « هو الموت لا ذو الصبر ينجيه صبره ولا لجزوع كاره الموت مجزع أرى كل ذي نفس وإن طال عمرها وعاشت لها سم من الموت منقع وكل امرئ لاق من الموت سكرة له ساعة فيها يذل ويصرع فلله فانصح يا ابن آدم إنه متى ما تخادعه فنفسك تخدع وأقبل على الباقي من الخير وارجه ولا تك ما لا خير فيه تتبع فإنك من يعجبك لا تك مثله إذا أنت لم تصنع كما كان يصنع ».
حكمــــــة
عن نافع قال: كانوا في المدينة هو وأصحاب له، فوضعوا سفرة فمر الراعي قال: إني صائم، قال: فتعجب ابن عمر لصيامه، فقال له: أفي مثل هذا اليوم الصائف الحار؟ أتصوم وأنت في هذه الشعاب؟ فقال: إني والله أبادر أيامي هذه الخالية، فتعجب ابن عمر وقال له: هل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها، ونذبحها فنعطيك من لحمها ما تفطر عليه؟ قال الراعي: إنها ليست لي، إنما هي لمولاي، قال ابن عمر: فما عسيت مولاك قائلا إذا سألك عنها، فقلت أكلها الذئب؟ قال: فتولى الراعي وهو رافع أصبعته إلى السماء وهو يقول: فأين الله عز وجل؟ قال: فجعل ابن عمر يردد قول الراعي ويقول: قال الراعي: فأين الله؟ قال: فبعد أن قدم المدينة بعث إلى سيده، فاشترى منه الغنم والراعي، فأعتق الراعي، ووهب له الغنم
حكمــــــة
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتمثل: لا يغرنك عشاء ساكن قد توافى بالمنيات السحر. قال عبد الله: وأنشدني إبراهيم بن سعيد الأصبهاني لمحمد بن أيوب الأصبهاني - وقد رآه: رأيتك في النقصان مذ أنت في المهد تقربك الساعات من ساعة اللحد ستضحك سن بعد عين تعصرت عليك وإن قالت بكيت من الوجد أتطمع أن شيخا لفقدك فاقد لعل سرور الفاقدين مع الفقد.
حكمــــــة
قال محمد ابن أبي الدنيا:أنشدنى رجل من أصحابنا: عمر ينقضي وذنب يزيد ورقيب محضر علي شهيد واقتراب من الحمام وتأ ميل لطول البقا عصر جديد أنا لاه وللمنية حتم حيث يممت منهل مورود كل يوم يموت مني جزء وحياتي تنفس معدود كم أخ قد رزئته فهو وإن أضحى قريب المحل مني بعيد خلسته يد المنون فما لي خلف منه في الورى موجود كان لي مؤنسا فغودر في نهار عقيم صفيحه منضود قل لنفسي بواعظات الجديدين إن... عن منزل سيبيد.
حكمــــــة
كتب رجل من الحكماء إلى أخ له: أخي إياك وتأمير التسويف على نفسك وإمكانه من قلبك، فإنه محل الكلال، وموئل الملال، وبه تقطع الآمال، وبه تنقضي الآجال، وأنت - أي أخي - إن فعلت ذلك أدلت من عزمك، فاجتمع وهواك عليه فعلاه، واسترجعا من يديك من السآمة ما قد ولى عنك، ونفاه من جوارحك الحزن والمخافة، وأوثقه الشوق والمحبة، فعند مراجعته إياك لا تنتفع نفسك من يديك بنافعة، ولا تجيبك إلى نفع جارحة. أي أخي فبادر ثم بادر، فإنك مبادر بك وأسرع، فإنك مسروع بك، وكأن الأمر قد بغتك فاغتبطت بالتسرع، وندمت على التفريط ولا قوة بنا وبك إلا بالله ».
حكمــــــة
قال رجل من قريش من بني أمية: « دع عنك ما منت اللعل خطبك فمن نفسك الأجل قد شمل الشيب عارضيه فعمره الأنزر الأقل صاح بك الدهر غير صوت وأنت باللهو مستظل أما ترى حادي المنايا منك يوطأ له المحل كم فرق الدهر من جمع ومن كثير رأيت قلوا صيح في جمعهم بصوت خلوا له الدار واستقلوا من أحسن الظن بالليالي زلت به للهلاك.... ».
حكمــــــة
عن محمد بن الحارث قال: رأيت الحسن صلى على جنازة، فكبر عليها أربعا، ثم اطلع في القبر فقال: « يا لها من عظة يا لها من عظة - ومد صوته بها - لو وافقت قلبا حيا »، ثم قال: « إن الموت فضح الدنيا، فلم يدع لذي لب فرحا، فرحم الله امرأ أخذ منها قوتا مبلغا، وهضم الفضل ليوم فقره وحاجته، فكأن ذلك اليوم قد أظلكم ».
حكمــــــة
عن موسى بن ميمون قال: سمعت عطاء السليمي، سأل الحسن: يا أبا سعيد، أكانت الأنبياء ينشرحون إلى الدنيا والنساء مع علمهم بالله؟، قال: « نعم، إن لله ترائك في عباده »، فقلت لعطاء: ألا سألته ما الترائك؟ قال: هبته، فلقيت مالك بن دينار، فأخبرته، وقلت له: سله، فلقيه، فسأله كما سأله عطاء، فأخبره، وسكت، فقلت: سله ما الترائك؟ قال: أهابه، فلقيت أبا عبيدة الناجي، فقلت له، فقال: أكفيك، وأقبل معي، فلما صرنا عند الحسن، قال: اعفني، فذكر الحسن يوما حديثا، « أن لله ترائك في خلقه: الأجل، والأمل، والنسيان، ولولا ذلك لم ينشرح النبيون وأهل العلم بالله إلى الدنيا والنساء ».
حكمــــــة
عن أوس بن يزيد اللخمي: أن أبا الدرداء، خرج من دمشق، فنظر إلى الغوطة قد شقت أنهارها، وغرست شجرا، وبنيت قصورا، فرجع إليهم، فقال: « يا أهل دمشق »، فلما أقبلوا عليه، قال: « ألا تستحيون؟ - ثلاث مرات - تجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون، وتبنون ما لا تسكنون ألا إنه قد كان قبلكم قرون يجمعون فيوعون، ويأملون فيطيلون، ويبنون فيوثقون، فأصبح جمعهم بورا، وأصبح أملهم غرورا، وأصبحت منازلهم قبورا ألا إن عادا ملأت ما بين عدن وعمان نعما وأموالا، ألا فمن يشتري مني مال عاد بدرهمين؟ ».
حكمــــــة
قال سفيان: « بلغني أن الدجال يسأل عن بناء الآجر هل ظهر بعد ». عن راشد بن سعد قال: بلغ عمر أن أبا الدرداء ابتنى كنيفا بحمص، فكتب إليه: « أما بعد، يا عويمر ما كان لك كفاية فيما بنت الروم عن تزيين الدنيا وقد أذن الله بخرابها، فإذا أتاك كتابي هذا فانتقل من حمص إلى دمشق ». قال سفيان: « عاقبه بهذا ».
حكمــــــة
عن عبد الله بن مسلم بن زياد الهمداني قال: سمعت عمر بن ذر، يقول: « ورث فتى من الحي دارا عن آبائه وأجداده، فهدمها، ثم ابتناها فشيدها، فأتي في منامه فقيل له: إن كنت تطمع في الحياة فقد ترى أرباب دارك ساكنوا الأموات أنى تحس من الأكارم ذكرهم خلت الديار وبادت الأصوات فأصبح - والله - الفتى متعظا، فأمسك عن كثير مما كان يصنع، وأقبل على نفسه ».
حكمــــــة
عن سليمان بن أيوب، قال: سمعت عباد بن عباد المهلبي، يذكر: أن رجلا من ملوك أهل البصرة تنسك، ثم مال إلى الدنيا والسلطان، فبنى دارا وشيدها، وأمر بها ففرشت له، واتخد مائدة، ووضع طعاما، ودعا الناس، فجعلوا يدخلون عليه، فيأكلون ويشربون، وينظرون إلى بنيانه، فيتعجبون من ذلك ثم يدعون له ويتفرقون، قال: فمكث بذلك أياما، حتى فرغ الناس، ثم حبس نفرا من خاصة إخوانه، فقال: قد ترون سروري بداري هذه، وقد حدثتني نفسي أن أتخذ لكل واحد من ولدي مثلها، فأقيموا عندي أياما أستمتع بحديثكم، وأشاوركم فيما أريد من هذا البناء لولدي، فأقاموا عنده أياما يلهون ويلعبون، ويشاورهم كيف يبني لولده وكيف يريد أن يصنع، قال: فبينا هم ذات ليلة في لهوهم، إذ سمعوا قائلا يقول من أقصى الدار: يا أيها الباني الناسي منيته لا تأمنن فإن الموت مكتوب على الخلائق إن سروا وإن فرحوا فالموت حتف لدى الآمال منصوب لا تبنين ديارا لست تسكنها وراجع لنفسك فيما يغفر الحوب قال: ففزع لذلك، وفزع أصحابه فزعا شديدا، وراعهم ما سمعوا من ذلك، فقال لأصحابه: هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا: نعم، قال: فهل تجدون ما أجد؟ قالوا: وما تجد؟ قال: أجد - والله - مسكة على فؤادي، وما أراها إلا علة الموت، قالوا: كلا... البقاء والعافية قال: فبكى، ثم أقبل عليهم، فقال: « أنتم أخلائي وإخواني، فماذا لي عندكم؟ »، قالوا: مرنا بما أحببت من أمرك، قال: فأمر بالشراب فأهريق، ثم أمر بالملاهي فأخرجت، ثم قال: « اللهم إني أشهدك ومن حضر من عبادك، أني تائب إليك من جميع ذنوبي، ونادم على ما فرطت أيام مهلتي، فإياك أسأل إن أفلتني أن تتم علي نعمتك بالإنابة إلى طاعتك، وإن أنت قبضتني إليك أن تغفر لي ذنوبي تفضلا منك علي »، قال: واشتد به الأمر، فلم يزل يقول: الموت، الموت والله، الموت والله، حتى خرجت نفسه فكان الفقهاء يرون أنه قبض على توبة رحمه الله.
حكمــــــة
عن كعب بن علقمة، قال: أرسل عبد الله بن سعد بن أبي سرح إليه - يعني إلى عرفة بن الحارث وكان عبد الله بنى بناء - يسأله عن بنائه، فقيل له: لا تفعل فإنه لا يكظم على حزنه، فقال: ما تقول في بنائي هذا؟ قال: « ما أقول؟ إن كنت بنيته من مالك فقد أسرفت، والله لا يحب المسرفين، وإن كنت بنيته من مال الله فقد خنت الله، والله لا يحب الخائنين ». قال: يقول ابن سعد: إنا لله وإنا إليه راجعون.
حكمــــــة
أنشد أحمد بن موسى: جهول ليس تنهاه النواهي ولا تلقاه إلا وهو ساهي يسر بيومه لعبا ولهوا ولا يدري وفي غده الدواهي مررت بقصره فرأيت أمرا عجيبا فيه مزدجر وناهي بدا فوق السرير فقلت: من ذا؟ فقالوا: ذلك الملك المباهي رأيت الباب أسود والجواري ينحن وهن يكسرن الملاهي تبين أي دار أنت فيها ولا تسكن إليها وادر ما هي.
حكمــــــة
عن سلمة بن خالد، أن ملكا من الملوك ابتنى قصرا وقال: انظروا من عاب منه شيئا فأصلحوه، وأعطوه درهمين. وكان فيمن أتاهم رجل، فقال: « في هذا القصر عيبان اثنان ». قالوا: وما هما؟ قال: « ما كنت أخبر بهما إلا الملك »، قال: فأدخل عليه. فقال: ما هذان العيبان؟ قال: « يموت الملك، ويخرب القصر »، قال: صدقت. ثم أقبل على نفسه.
حكمــــــة
قال محمد بن حرب المكي: قدم علينا أبو عبد الرحمن العمري الزاهد، فاجتمعنا إليه، وأتاه وجوه أهل مكة، فرفع رأسه، فلما نظر إلى القصور المحدقة بالكعبة نادى بأعلى صوته: « يا أصحاب القصور المشيدة، اذكروا ظلمة القبور الموحشة. يا أهل التنعم والتلذذ، اذكروا الدود والصديد وبلى الأجسام في التراب ». قال: ثم غلبته عيناه فقام.
حكمــــــة
قال رستم أبو يزيد: كنت جالسا عند الحسن، فأتاه رجل، فقال: يا أبا سعيد، إني قد بنيت دارا فلو جئت معي فنظرت إليها ودعوت لي بالبركة. قال: فقام الحسن وقمنا معه. فلما نظر إلى الدار، قال: « غرك أهل الأرض، ومقتك أهل السماء، وأخربت دارك، وبنيت دار غيرك » قال: ثم رجع ورجعنا معه، فلما انتهينا إلى منزله، إذا جانب حائطه مائل، فقال له بعض القوم: يا أبا سعيد لو بنيت هذا قبل أن يخر؟ فقال: « هيهات هيهات الأمر أعجل من ذلك ».
حكمــــــة
عن محمد بن ذكوان، قال: ازدحمنا على درجة الحسن وكانت رثة فانتهوا إلى ابنه، فقال: « مه يا بني ». قال: فدخلنا عليه، فملأنا سطحه، فقال: « أحسنوا ملامكم إنها المأزور ». ثم قال: « لولا أنه قد حان إلى الآخرة انتقال، ومن الدنيا ارتحال، لجددنا لكم البناء، شوقا إلى حديثكم، وحرصا على لقيكم. وما على البناء شفقنا ولكن عليكم، فاربعوا على أنفسكم ».
حكمــــــة
عن خلف بن تميم قال: حدثني محمد بن طلحة القرشي: أنه عاد مريضا بالمصيصة، فسمعته يقول: يا درب الدار ذا المال الذي جمع الدنيا بحرص ما فعل؟ قال: فأجبت: كان في دار سواها داره عللته بالمنى ثم انتقل قال: وزادني غير أحمد بن إبراهيم: لم يمتع بالذي كان حوى من حطام المال إذ حل الأجل إنما الدنيا كفيء زائل طلعت شمس عليه فاضمحل.
حكمــــــة
عن إسماعيل بن عبد الله بن ميمون العجلي قال: قال رجل ونظر إلى بناء لبعض الملوك فقال: « يموت الذي يبني ويبقى بناؤه أليس ترابا... في ذاك غيبة فيا غافلا عن نفسه أين من بنى مدائن امحت بعده اليوم قفرة رمت بهم الأيام في عرضة البلى كأن لم يكونوا زينة الأرض مرة وما زال هذا الموت يغشى ديارهم يكر عليهم كرة ثم كرة فأجلاهم منها جميعا فأصبحت مساكنهم في الأرض لحدا وحفرة ».
حكمــــــة
عن عبد الله قال:قال رجل من قريش أموي: رب قوم رأيتهم ليس في عيشهم كدر في رياض سماؤها تمطر السؤل بالدرر ليس يخشون حاذرا قد نأى عنهم الحذر أوطنوا منزل الغرور وساعدهم القدر في مقاصير تخدت وقباب على السرر وبساتين في المقاصير يضحكن بالزهر وجوار كأنهن المصابيح والصور بينما القوم يجتنون جنى اللهو والثمر صاحت الحادثات فيهم بصوت له غير فتولوا من القصور إلى مظلم الحفر.
حكمــــــة
عن مسكين أبو زيد الصوفي قال: « كان رجل أيام الفتنة يخرج إلى المقابر والجبابين، فربما ظل نهاره، وربما بات ليله، فهو في ذكر وبكاء. قال: فبينما أنا ذات ليلة في بعض خرابات الفلاة الذي تدعونه الخلد، وذلك بعدما مضى ليل طويل إذ سمعت هاتفا يقول: قف بالقصور على دجلة حزينا فقل أين أربابها أين الملوك ولاة العهود رقاة المنابر خطابها تجيبك آثارهم عنهم: إليك، فقد مات أصحابها قال: فأرعدت، وسقطت مغشيا علي ».
حكمــــــة
عن الصلت بن حكيم قال: سمعت محبوبا الزاهد، يقول: مررت بدار من دور الكوفة هنا، فسمعت جارية تنادي من داخلها: ألا يا دار لا يدخلك حزن ولا يودي بشأنك الزمان قال: فغبرت عنهم ما شاء الله، ثم مررت بالدار، فإذا الباب مسود، وقد علته وحشة وكآبة فقلت: ما شأنهم؟ قالوا: مات سيدهم، مات رب الدار، فوقفت على الباب فقرعته فقلت: إني سمعت من هاهنا صوت جارية وهي تقول كذا وكذا، قال: فبكت امرأة من الدار وقالت: يا عبد الله « إن الله يغير ولا يغير، والموت غاية كل مخلوق » قال: فرجعت والله من عندهم باكيا.
حكمــــــة
عن أبي بكر بن عياش قال: لما دخل الناس مع علي المدائن، تمثل رجل من أصحابه: « جرت الرياح على مكان ديارهم فكأنما كانوا على ميعاد وإذا النعيم وكل ما يلهى به يوما يصير إلى بلى ونفاد فقال علي: » لا تقل هكذا، ولكن قل كما قال الله: " كم تركوا من جنات وعيون. وزروع ومقام كريم. ونعمة كانوا فيها فاكهين. كذلك وأورثناها قوما آخرين ". إن هؤلاء القوم كانوا وارثين فأصبحوا موروثين إن هؤلاء القوم استحلوا الحرم فحلت بهم النقم فلا تستحلوا الحرم فتحل بكم النقم.