فوائد كتاب رقائق القرآن
إذا تجافى جنب المؤمن عن المضجع
رقائق القرآن
فإذا تجافى جنب المؤمن عن المضجع، وتوضأ، ثم وقف بين يدي ربه، ثم سجد، بدأت دقائق الاستمداد.
فيستمد من خزائن رحمات الله، من أرزاقه، من العلم، من الهداية، إنها لحظات الدعم المفتوح، ورحمات الله إذا فتحت فلا تسل عن أمدائها (مَّا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا).
تذهب عليه هباءً
رقائق القرآن
وترى المرء يتكلف أعمالاً صالحة، بصيام أو أضاح أو عمرة أو صدقة ونحوها، ثم يفرط في صلاته فيخسر كل هذه الأعمال، وتذهب عليه هباءً، وقد كان أصحاب رسول الله ﷺ متفطنين لهذا المعنى، كما روى البخاري عن أبي المليح قال: (كنا مع بريدة في غزوة، في يوم ذي غيم، فقال بكروا بصلاة العصر، فإن النبي ﷺ قال: " من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله "
قسوة القلب
رقائق القرآن
وقد يَتصور كثيرٌ من الناس أنَّ (قسوة القلب) مجرد سبب للمعصية، ويغفل الكثيرون عن أنَّ (قسوة القلب) قد تكون نتيجة وعقوبة من الله على المعصية ذاتها! فيعاقب الله العبد إذا عصاه بأن يسلط عليه قسوة القلب، كما قال الله تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً)
يبخل على نفسه برُكيعات في آخرِ الليل
رقائق القرآن
ومنَّا أقوامٌ يسهرون اللّيل كلّه لكن في استراحات اللّهو، ويستكثرون أن يتوقَّفوا دقائق ليقفوا بين يدي الله. ومنَّا أقوامٌ يذهبُ ليلهم في تصفُّح شبكة الإنترنت، ومواقع التَّواصل الاجتماعي، ومشاهدةِ مقاطع اليوتيوب، وتعليقات تافهة لا تقرِّب من اللهِ، ويبخل على نفسه برُكيعات في آخرِ الليل لله جلَّ وعلا !!
خافضةٌ رافعةٌ
رقائق القرآن
من وضع بين عينيه لقاء الله، والمنزلة عند الله، وكيف ستبدل الآخرة من منازل الناس بشكل انقلابي كما قال تعالى عن الآخرة: (خافضةٌ رافعةٌ)، من استحضر ذلك كله؛ علمَ رخص الشهرة والظهور والرياسة، وكسَدَ سوقها في قلبه، وأيقن أنها أهداف في غاية التَّفاهة، بحيث لا تستحق دقيقة جهد، فضلّا عن أن يذهب عناء السنين في العلم والعمل وجمع الكتب وعناء الليالي لأجل مديح الناس
لم نستغلها!!
رقائق القرآن
تأمل هذه الساعات التي فاتت من ظهر اليوم، أو من عصر اليوم، أو السهرة التي قضيتها البارحة، هذه الساعات التي فاتت، ذهبت عليَّ وعليك، هذه الساعات سلخت من أعمارنا ولن تعود أبدًا، فإن كنا عمرناها بتسبيح أو تحميد أو تكبير أو سجدة، أو مدارسة علمٍ نافع، أو مصلحةٍ للمسلمين؛ فإنها ستكون شاهدة غدًا في صحائفنا، تبيض وجوهنا وتسرُّنا.في اليوم العصيب. وإن ذهبت هذه الساعات من نهار اليوم وليله سدى، فيا حسرتنا ويا غبننا في فرصة أعطيت لنا ثم سحبت ولم نستغلها!! ساعات كانت لنا ثم ذهبت، نعم ذهبت ولن تعود، انتهت الفرصة!
أمامنا اليوم فرصة
رقائق القرآن
أخبرنا كتاب الله عن فئام من الناس حين يحضرهم الموت يسألون الله أن يرجعهم، ويعاهدونه أن يعملوا الأعمال الصالحة التي أجلوها، ولكن هيهات، لقد فات الأوان يقول الله تعالى: (حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ رَبِّ ٱرۡجِعُونِ • لَعَلِّیۤ أَعۡمَلُ صَـٰلِحࣰا فِیمَا تَرَكۡتُۚ كَلَّاۤ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَاۤىِٕلُهَا وَمِن وَرَاۤىِٕهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ یَوۡمِ یُبۡعَثُونَ).
أمامنا اليوم فرصة للعمل الصالح قبل أن تأتي هذه الساعة القريبة المفاجئة التي لن تنفع فيها التوسلات بالعودة لزمان العمل!
وَإِذۡ زَیَّنَ لَهُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ أَعۡمَـٰلَهُمۡ
رقائق القرآن
ولذلك ترى الرجل يرتكب المعصية، ويؤنبه ضميره زمنًا، وتراه يقول لمن حوله: والله إني متألم من هذا الأمر، وجزاكم الله خيرًا على النصيحة. ثمَّ لا يزال الشيطان به حتى تراه بعد زمنٍ يدافع عن معصيته ويراها أمرًا طبيعيًا، وأنَّ من حوله يعانون -في نظره- من غلوٍ ونزعةٍ للتحريم، وأنَّ هذه فتاوی قديمة والعصر تغير.. إلخ من أفكار الشيطان في تزيين المعاصي للناس!
ومن يتوكَّل على الله فهو حَسبُهُ
رقائق القرآن
لو علم المرء أنَّ فلانًا من المسؤولين هو المتكفل بمعاملته لتنفّسَ اليقين وفرَغَ قلبه من الشَّك بتحقق مَطلبه، فكيف يفوّت المرء على نفسه أن يكون الله خالق هذه الحاجات، والخالق لسبل قضائها، والخالق لموانعها، هو الذي سيتكفل بأمرك إذا توکلت عليه: (ومن يتوكَّل على الله فهو حَسبُهُ).
إذا وفَّقَ اللهُ الإنسان أن ينخلعَ من ملاحظة ما يكتسبه الخلق
رقائق القرآن
إذا وفَّقَ اللهُ الإنسان أن ينخلعَ من ملاحظة ما يكتسبه الخلق، ويتزاحمون عليه، والتَّحرق على المنافسة فيه، من مناصبٍ، ومساكنٍ، وسيّاراتٍ، وعقاراتٍ، وأرصدةٍ ونحوها، وأقبلَ على ما هو أعظم من ذلك، وهو صناعة المستقبل الأبدي، وعمارة النَّفس باللهِ؛ فأنه سيكتشف للحياة معنى آخر، معنی أسمَى من الحطام الصَّغير المؤقَّت.
خيريِّة هذه الأمَّة
رقائق القرآن
أخبرنا الله بخيريِّة هذه الأمَّة على سائرِ الأُمم، وأنَّها أحبُّ الأمم إلى الله، كما في قوله تعالى: (كُنتُم خَیرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ) ويقول الله عزّ وجلّ: (وَأَنتُمُ الأعلَونَ).
فهل المسلم -حين يقارن هذه الأمّة ببقيِّة الأمم الّتي تمتلك إمكانيات ماديِّة- يشمخ قلبه يقينًا بخبر الله بشرف هذه الأمّة وخيريتها وعلوها على غيرها مهما امتلك الأخرون من إمكانيات ماديِّة؟ أم يَمور في زوايا القلب شكوك وارتيابات بخبر الله عن خيريّة هذه الأمّة؟
فكيف يا ترى نغفل ونحن نرى أخبار الموتى لا تتوقف؟!
رقائق القرآن
إذا كنا نؤمن فعلاً بأن لحظة توديع الدنيا قريبة منا، قريبة منا جداً، إنها لحظة بالأبواب، إنها على طرف الثمام، وقد أخذت أعداداً ممن ساكنونا وآكلونا وناقشونا وزاملونا ودرّسونا؛ فكيف يا ترى نغفل ونحن نرى أخبار الموتى لا تتوقف؟!
وقد أشار القرآن إلى هذه المفارقة بين قرب الأجل في مقابل استمرار الغفلة، فقال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ}
تصوغ أخلاقنا
رقائق القرآن
تمعّن كيف جعل الله الصّلاة «تصوغ أخلاقنا» إنّها ليست مجرّد حركات وسكنات وألفاظ، بل إنّها تربّينا، إنّها تهذّب سلوكياتنا، كما وصف الله الصّلاة بقولهوأقِمِ الصَّلَاة إِنَّ الصَّلاة تَنۡهَىٰ عَنِ الفَحۡشَاۤءِ وَالمُنكَرِ).
ولذلك فإنَّ المرء إذا كان متهتّك الأخلاق فهو لم يُصلّ حقيقةً، وإن زعم أنّه يصلّي، ولذلك قال الإمام ابن تيمية: (فإنّ الصّلاة إذا أتى بها كما أُمر نهته عن الفحشاء والمنكر، وإذا لم تنهه دلَّ على تضييعه لحقوقها).
كان أئمة الأولياء في هذه الأمة يستحضرون دومًا قرب الأجل
رقائق القرآن
كان أئمة الأولياء في هذه الأمة يستحضرون دومًا قرب الأجل ودنو الموت، فهذا رأس أولياء هذه الأمة أبو بكر الصديق -رضوان الله عليه- يستحضر هذا المعنى كثيرًا، فقد روى البخاري في صحيحه قصة مؤثرة عن أبي بكر، حيث جاء فيه: " لما قدم رسول الله ﷺ المدينة وُعكَ أبو بكر وبلال " فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
كـل امـرئ مصبـح فـي أهلـه
والموت أدنى من شراك نعله
والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه
رقائق القرآن
• وأي تهييجٍ لهذه المنزلة الإيمانية العظيمة وهي نفع المسلمين أشرف من قول النبي ﷺ في صحيح مسلم: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».
إنه الله في عونك ما دمت في عون أخيك، أرأيت كيف يستجلب عون الله؟!