12. حياة السلف بين القول والعمل
حكمــــــة
موقف السلف من العمل والسعي في طلب الرزق: عن الحسن قال: بينما عمر بن الخطاب رضى الله عنه يمشي ذات يوم في نفرٍ من أصحابه، إذا صبية في السوق يطرحها الريح لوجهها من ضعفها، فقال عمر: يا بؤس هذا من يعرف هذه؟ قال له عبد لله: أو ما تعرفها! هذه إحدى بناتك! قال: وأي بناتي؟ قال: بنت عبد الله بن عمر، قال: فما بلغ بها ما أرى من الضيعة؟ قال: إمساكك ما عندك، قال: إمساكي ما عندي عنها يمنعك أن تطلب لبناتك ما تطلب الأقوام! أما والله ما لك عندي إلا سهمك من المسلمين، وسعك أو عجز عنك، بيني وبينكم كتاب الله. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/229].
حكمــــــة
موقف السلف من العمل والسعي في طلب الرزق: عن سالم مولى زيد بن صوحان قال: كنت مع مولاي زيد بن صوحان في السوق، فمر علينا سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه، وقد اشترى وسقا من طعام فقال له زيد: يا أبا عبد الله تفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إن النفس إذا أحرزت رزقها اطمأنت وتفرغت للعبادة وأيس منها الوسواس. [الحلية (تهذيبه) 1 / 166].
حكمــــــة
موقف السلف من العمل والسعي في طلب الرزق: قال مسلم: لقيني معاوية بن قرّة رحمه الله، وأنا جاءٍ من الكلأ، فقال لي: ما صنعت؟ فقلت: اشتريت لأهلي كذا وكذا. قال: وأصبت مِن حلال؟ قلت: نعم. قال: لأن أغدو فيما غدوتَ به أحبّ إليّ من أن أقوم الليل وأصوم النهار. [صفة الصفوة 3/182، موسوعة ابن أبي الدنيا 8/91].
حكمــــــة
موقف السلف من بناء البيوت والقصور: عن ابن مسعود رضى الله عنه قال: نفقة الرجل على نفسه وأهله وصديقه وبهيمته له منها أجر، إلا نفقته في بناء، إلا أن يكون مسجدًا، فقيل له: فإن كان بناءً كفافًا؟، قال: فذلك لا له ولا عليه، فقيل له: فإن كان فوق الكفاف؟، قال: عليه وزره، ولا أجر له فيه. [موسوعة ابن أبي الدنيا 3/368].
حكمــــــة
موقف السلف من بناء البيوت والقصور: قال سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه: ثلاثة سعادة، وثلاثة شقاوة، فأما السعادة: فامرأة صالحة مواتية، ودابة تضعك من أصحابك حيث أحببت، ومسكن واسع كثير المرافق، وأما الشقاوة: فامرأة سيئة الخلق، ودابة سوء، إن أردت أن تلحق أصحابك أتعبتك، وإن تركتها خلَّفتك عن أصحابك، ومسكن ضيق قليل المرافق. [موسوعة ابن أبي الدنيا 7/467].
حكمــــــة
موقف السلف من بناء البيوت والقصور: عن سلمة بن خالد رحمه الله: أن ملِكًا من الملوك ابتنى قصرًا وقال: انظروا من عاب منه شيئًا فأصلحوه، وأعطوه درهمين، وكان فيمن أتاهم رجل، فقال: في هذا القصر عيبان اثنان، قالوا: وما هما؟، قال: ما كنت أخبر بهما إلا الملِك، قال: فأدخل عليه فقال: ما هذان العيبان؟، قال: يموت الملك، ويخرب القصر!، قال: صدقت، ثم أقبل على نفسه. [موسوعة ابن أبي الدنيا 3/368].
حكمــــــة
حرص السلف على كسب المال الحلال وحسن تدبيرهم له: قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين: الأصل هو قطع علائق الباطن، فمتى قطعها لم تضره علائق الظاهر. فمتى كان المال في يدك وليس في قلبك: لم يضرك ولو كثر، ومتى كان في قلبك: ضرك ولو لم يكن في يدك منه شيء. قيل لسفيان الثوري: أيكون ذو المال زاهدًا؟ قال: نعم إن كان إذا زيد في ماله شكر، وإن نقص شكر وصبر. ولهذا كان الصحابة أزهد الأمة مع ما بأيديهم من الأموال وإنما يُحمد قطع العلائق الظاهرة في موضعين: حيث يخاف منها ضررا في دينه أو حيث لا يكون فيها مصلحة راجحة.
حكمــــــة
حرص السلف على كسب المال الحلال وحسن تدبيرهم له: عن ابن الساعدي: قال: استعملني عمر رضى الله عنه على الصدقة، فلما فرغت من عملها أمر لي بعمالة، فقلت: إنما عملت لله - عزَّ وجلَّ - فأجري على الله - عزَّ وجلَّ - قال: خذ ما أعطيت فإني قد عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمَّلني، فقلت مثل قولك، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أُعطيت شيئا من غير أن تسأل فكل وتصدق). [موسوعة ابن أبي الدنيا 7/410]
حكمــــــة
ذم تعلق القلب بالمال: قال الحسن البصري رحمه الله: والله لقد أدركت أقوامًا وإن كان أحدهم ليرث المال العظيم قال: وإنه والله لمجهود شديد الجهد قال: فيقول لأخيه: يا أخي إني قد علمت أن ذا ميراث وهو حلال ولكني أخاف أن يفسد علي قلبي وعملي فهو لك لا حاجة لي فيه قال: فلا يرزأ منه شيئًا أبدًا قال: وهو والله مجهود شديد الجهد. [الزهد للإمام أحمد / 444].
حكمــــــة
فتنة المال: عن المسور بن مخرمة: قال: قُدِم على عمر بن الخطاب رضى الله عنه بمال في ولايته فجعل يتصفحه وينظر إليه، فهملت عيناه دموعا فبكى، فقال له عبد الرحمن بن عوف: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ فوالله إن هذا لمن مواطن الشكر، فقال عمر: إن هذا المال والله ما أُعطيه قوم إلا أُلقي بينهم العداوة والبغضاء. [موسوعة ابن أبي الدنيا 7/402].
حكمــــــة
تقديم الأولويات: عن أبي جحيفة قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان الفارسي وأبي الدرداء رضي الله عنهما. فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء مبتذلة. فقال لها: ما شأنكِ؟ فقالت: إن أخاك أبا الدرداء ليست له حاجة في الدنيا. قال: فلما جاء أبو الدرداء قرب طعامًا فقال: كُل فإني صائم. قال: ما أنا بآكلٍ حتى تأكل. قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء ليقوم. فقال له سلمان: نم، فنام. فلما كان من آخر الليل قال له سلمان: قم الآن. فقاما فصلّيا فقال: إن لنفسك عليك حقًا، ولربك عليك حقًا، وإن لضيفك عليك حقًا، وإن لأهلك عليك حقًا، فأعطِ كلّ ذي حقٍ حقه، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرا ذلك له فقال: " صدق سلمان ". [رواه البخاري، رقم: 5788].
حكمــــــة
تقديم الأولويات: عن خَيْثَمة: قال أبو الدرداء رضى الله عنه: كنتُ تاجرًا قبل المَبْعث، فلما جاء الإسلامُ، جمعتُ التِّجارةَ والعِبادةَ، فلم يجتمعا، فتركتُ التجارة، ولزمتُ العبادة. قال الذهبي رحمه الله: الأفضل جَمْعُ الأمرين مع الجهاد، وهذا الذي قاله هو طريقُ جماعة من السَّلفِ والصوفية، ولا ريبَ أن أمزجة الناس تختلفُ في ذلك، فبعضُهم يَقوى على الجمع، كالصِّدِّيق، وعبدِ الرحمن بن عوفَ، وكما كان ابنُ المبارك. وبعضُهم يَعجِزُ، ويقتصِرُ على العبادة، وبعضُهم يقوى في بدايته، ثم يَعجِزُ، وبالعكس، وكلٌّ سائغ. ولكن لا بد من النهضة بحقوق الزَّوجَة والعيال. [السير (تهذيبه) 1/269].
حكمــــــة
تقديم الأولويات: قال أبو سليمان الداراني رحمه الله: كل من كان في شيء من التطوع يلذُّ به فجاء وقت فريضة فلم يقطع وقتها لذة التطوع فهو في تطوعه مخدوع. [الحلية (تهذيبه) 3 / 192]. وقال الذهبي: هنا مسألةٌ مُختلف فيها: هل طَلَبُ العلم أفضلُ، أو صلاةُ النَّافلة والتلاوة والذِّكر؟ فأما من كان مخلصًا لله في طلب العلم، وذهنُه جيد، فالعلم أولى، ولكن مع حَظٍّ من صلاة وتَعَبُّدٍ، فإن رأيته مُجِدًّا في طلب العلم لا حظَّ له في القُربات، فهذا كسلان مهين، وليس هو بصادق في حسن نيته، وأما من كان طلبُه الحديث والفقه غِيَّةً ومحبَّةً نفسانية فالعبادة في حقه أفضل، بل ما بينهما أفْعلُ تفضيلٍ، وهذا تقسيمٌ في الجملة. [السير (تهذيبه) 2/690].
حكمــــــة
حسن الخلق: قال ابن القيم رحمه الله: ومدار حسن الخلق مع الحَقِّ ومع الخلق: على حرفين ذكرهما عبد القادر الكيلاني فقال: كن مع الحق بلا خلق، ومع الخلق بلا نفس. فتأمَّل ما أجَلَّ هاتين الكلمتين مع اختصارهما، وما أجمعهما لقواعد السلوك ولكل خُلق جميل؟، وفساد الخُلق إنما ينشأ من توسط الخَلق بينك وبين الله تعالى، وتوسط النفس بينك وبين خلقه، فمتى عزلت الخَلق حال كونك مع الله تعالى، وعزلت النفس حال كونك مع الخَلق: فقد فزت بكل ما أشار إليه القوم، وشمروا إليه وحاموا حوله، والله المستعان. مدارج السالكين 3/107
حكمــــــة
حسن الخلق: قال ابن القيم رحمه الله: عن أم الدرداء، قالت: بات أبو الدرداء رضى الله عنه الليلة يصلي فجعل يبكي ويقول: اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي حتى أصبح فقلت: يا أبا الدرداء ما كان دعاؤك منذ الليلة إلا في حسن الخلق قال: يا أم الدرداء إن العبد المسلم يحسن خلقه حتى يدخله حسن خلقه الجنة ويسوء خلقه حتى يدخله سوء خلقه النار. [الزهد للإمام أحمد / 264].
حكمــــــة
حسن الخلق: عن أبي حازم رحمه الله قال: السيّءُ الخُلُق أشقى الناس به نفسُهُ التي بين جنبيه، هي منه في بلاء، ثم زوجته، ثم ولده، حتى إنه ليدخُلُ بيته، وإنهم لفي سرور، فيسمعون صوته فينفرون عنه، فرقًا منه، وحتى إن دابته تحيد مما يرميها بالحجارة، وإن كلبه لَيَراه فينزو على الجدار، حتى إن قِطَّه ليفرّ منه. [السير (تهذيبه) 1/637].