فوائد من كتاب التوبة من المعاصى والذنوب لمصطفى شيخ إبراهيم حقى 2
حكمــــــة
هناك أخطاء في باب التوبة وهي التي تدفع العصاة منهم إلى التسويف في التوبة أو الصد عنها، أو تعود ببعض التائبين إلى السقوط مرة أخرى في حبائل الأهواء والشهوات ومن هذه الأخطاء: توبة الكذابين: وذلك أن بعض الناس يتوقف عن العصيان لوقت قصير، بسبب مرض أو موقف معين. ولكن لا يلبث أن يعود إليه مرة أخرى وهؤلاء لم يتوبوا توبة نصوحا، بل لقد أمِنُوا مكر وسيطرت عليهم الشهوات، وتمكنت منهم المعاصي، فلا فكاك لهم منها، إلا أن يأذن الله لهم بذلك.
حكمــــــة
سؤال: ما الحكمة في إمهال الله تعالى العصاة؟ الجواب: قيل ليُرِى العباد أن العفو والإحسان أحب إليه من الأخذ والانتقام، وليعلموا غاية شفقته وبره وكرمه. والله حليم صبور يمهل عباده العصاة حتى يتوبوا، " وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ " (سورة النحل: 61).
حكمــــــة
سؤال: لم قدر الله الذنوب على العباد؟ الجواب: قيل: لئلا يعجبوا بأنفسهم وأيضا: ليرغم إبليس؛ لأن الصياد إذا اصطاد وذهب من الشبكة ما اصطاده، كان غمه أكثر مما لم يصده وأيضا: لسروره صلى الله عليه وسلم بشفاعته، وأيضا قال يحيى بن معاذ الرازي: أوقعهم أي ألقاهم في الذنوب ليعرفهم فاقتهم إليه، ثم أنجاهم ليعرفهم كرامته عليهم.
حكمــــــة
سؤال: كيف يتخلص الإنسان من قسوة القلب وما هي أسبابها؟ الجواب: أسباب قسوة القلب الذنوب والمعاصي وكثرة الغفلة وصحبة الغافلين والفساق كل هذه الخلال من أسباب قسوة القلب ومن لين القلوب وصفاتها وطمأنينتها طاعة الله جل وعلا، وصحبة الأخيار، وحفظ الوقت بالذكر وقراءة القرآن والاستغفار، ومن حفظ وقته بذكر الله، وقراءة القرآن، وصحبة الأخيار، والبعد عن صحبة الغافلين والأشرار، يطيب قلبه ويلين. قال تعالى " أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " (سورة الرعد: 28)((مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، الشيخ ابن باز).
حكمــــــة
قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب؛ فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط. الشرط الأول: أن يقلع عن المعصية. الشرط الثاني: أن يندم على فعلها. الشرط الثالث: أن يعزم ألا يعود إليها أبدا. فإن فقد أحد الشروط لم تصح توبته، وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها ثلاثة: 1- أن يبرأ من حق صاحبها فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه. 2- وإن كان حد قذف ونحوه مكَّنه منه أو طلب عفوه. 3- وإن كان غيبة استحلها منه.
حكمــــــة
يجب التوبة من جميع الذنوب فمن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب وبقي عليه الباقي فالله عز وجل لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا له وحده مبتغى به وجهُه، وموافقا أمره باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم. فلا بد أن يكون العمل خالصا إلى الله تعالى صوابا. أي موافقا للسنة؛ إذ قد يكون العمل صوابا ولا يكون خالصا، فلا يقبل، وقد يكون خالصا ولا يكون صوابا فلا يقبل أيضا. وكان من دعاء بن الخطاب –رضي الله عنه- " اللهم اجعل عملي كله صالحا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئا ".
حكمــــــة
لن تكون التوبة صحيحة حتى يكون نادما آسفا حزينا على ما بدر منه من المعاصي. ندما، ويجب الانكسار بين يدي الله عز وجل، والإنابة إليه من هنا فلا يعد تائبا ونادما ذلك الذي يتحدث بمعاصيه السابقة التي قارفها يفتخر بذلك ويتباهى به، بل هذا من المجاهرة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي معافى إلا المجاهرون»(رواه البخاري) (التوبة إلى الله، د. صالح غانم السدلان).
حكمــــــة
يقول ابن القيم –رحمه الله-: إذا أراد الله بعبده خيرا فتح له أبواب التوبة والندم والانكسار والذل والافتقار والاستعانة به وصدق اللجأ إليه ودوام التضرع والدعاء والتقرب إليه بما أمكن من الحسنات؛ ما تكون تلك السيئة به سبب رحمته حتى يقول عدو الله يا ليتني تركته ولم أوقعه. وهذا معنى قول بعض السلف: إن العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة، ويعمل الحسنة يدخل بها النار قالوا: كيف؟ قال: يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه خائفا منه مشفقا وجلا باكيا نادما مستحيا من ربه تعالى ناكس الرأس بين يديه منكسر القلب له فيكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثيرة بما ترتب عليه من هذه الأمور التي بها سعادة العبد وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب سبب دخول الجنة(موارد الظمأن لدروس الزمان، الشيخ عبد العزيز المحمد السلمان).
حكمــــــة
فضل الله –عز وجل- في فتح باب التوبة: أن الله عز وجل أمر بالتوبة قال: " وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ " (سورة الزمر: 54) قال ابن كثير –رحمه الله- في تفسير هذه الآية: أي ارجعوا إلى الله واستسلموا له وبادروا بالتوبة والعمل الصالح قبل حلول النقمة.
حكمــــــة
فضل الله –عز وجل- في فتح باب التوبة: - إن الله حذر من القنوط من رحمته: قال: " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " (سورة الزمر: 53) قال ابن كثير –رحمه الله- قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس –رضي الله عنهما- في هذه الآية: قال: قد دعا الله تعالى إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله، ومن زعم أن المسيح هو ابن الله، ومن زعم أن عزيزا ابن الله، ومن زعم أن الله فقير، ومن زعم أنه يدَ الله مغلولة، ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة، يقول الله تعالى لهؤلاء: " أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " (سورة المائدة: 74) قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في الآية: ـ آية الزمر ـ المقصود بها النهي عن القنوط من رحمة الله تعالى ـ وإن عظمت الذنوب وكثرت ـ فلا يحل لأحد أن يقنط من رحمة الله، ولا أن يُقنِّط الناس من رحمته. لذا قال بعض السلف، وإن الفقيه كل الفقيه الذي لا يُؤَيِّس الناس من رحمة الله ولا يجُرِّئهُم على معاصي الله.
حكمــــــة
فضل الله –عز وجل- في فتح باب التوبة: إن الله رتب الثواب الجزيل على التوبة ووعد من تاب بالخير الكثير.وقال بعض الحكماء: " المعصية بعد المعصية عقاب المعصية، والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة، وربما كان العقاب العاجل معنويا. وقال بعض أحبار بني إسرائيل: يا رب: كم أعصيك، ولا تعاقبني. فقيل له: كم أعاقبك وأنت لا تدري، أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي؟ قال ابن الجوزي –رحمه الله-: " الواجب على العاقل أن يحذر مغبة المعاصي، فإن نارها تحت الرماد، وربما تأخرت العقوبة، وربما جاءت مستعجلة.
حكمــــــة
فضل الله –عز وجل- في فتح باب التوبة: اليأس من رحمة الله: فمن الناس من إذا أسرف على نفسه بالمعاصي، أو تاب مرة أو أكثر فعاد إلى الذنب مرة أخرى –أيس من رحمة الله، وظن أنه ممن كتب عليهم الشقاوة، فاستمر في الذنوب وترك التوبة إلى غير رجعة، وهذا ذنب عظيم، وقد يكون أعظم من مجرد الذنب الأول الذي ارتكبه؛ لأنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون. فليجدد التوبة، وليجاهد نفسه في ذات الله حتى يأتيه اليقين.
حكمــــــة
فضل الله –عز وجل- في فتح باب التوبة: اليأس من توبة العصاة: فمن الناس من يكون في خير ونصح وحب للإصلاح. فتراه يحرص على دعوة العصاة أيا كانت معاصيهم، فإذا رأى من أحدهم إعراضا من النصح، وصدودا عن الخير، وتماديا في الغواية –أيس من هدايته، وأقصر عن نصحه، وربما جزم بأن الله لن يغفر له، ولن يهديه سواء السبيل. ثم كم من الناس من يتمادون في الغواية والإجرام، حتى يظن أنهم يموتون على ذلك. ثم يتداركهم الرحمن الرحيم بنفحة من نفحاته، فإذا هم من الأبرار الأخيار.
حكمــــــة
التوبة المقبولة من الله تنقسم إلى قسمين: أولا: توفيقه لعبده أن يتوب. كما قال تعالى: " ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا " (سورة التوبة: 118) أي وفقهم للتوبة ليتوبوا. ثانيا: قبولها منه. كما قال تعالى: " وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى " (سورة طه: 82) ويجمعها قوله تعالى: " وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " (سورة البقرة: 160). وهي من العبد: الرجوع والإنابة إلى الله عز وجل، والإخلاص له مع الإقلاع عن المعصية والندم على فعلها، والعزم على عدم العودة إليها، وأن تكون في وقتها المناسب.
حكمــــــة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله: " كل مؤمن لا بد له من التوبة ولا يكمل أحد إلا بها " وقال أيضا: " وليست التوبة نقصا، بل هي من أفضل الكمالات، والله قد أخبر عن عامة الأنبياء بالتوبة والاستغفار، عن آدم ونوح وإبراهيم وموسى وغيرهم " وقد قيل: " رب معصية أورثت ذلا وانكسارا خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا " فكل عامل للسوء فإنما يعمله بجهالة وسفه وعدم رشد، وأن كل ذنب عصي الله به فهو جهالة، سواء كان فاعله عالما أو جاهلا، ذاكرا أو ناسيا، متعمدا أو مخطئا، مختارا أو مكرها. لقوله تعالى: " لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ " (سورة النساء17).
حكمــــــة
قال ابن تيمية: فمن عصى الله فهو جاهل أيا كان، ومن أطاعه فهو عالم، ولهذا قال تعالى: " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ " (سورة فاطر 28). فكل عالم يخشاه، فمن لم يخش الله فليس من العلماء، بل من الجهال. قال ابن مسعود: كفى بخشية الله علما، وكفى بالاغترار به جهلا. وقال رجل للشعبي: أيها العالم. فقال: إنما العالم من يخشى الله.
حكمــــــة
علامات صدق التائب: أن لا يأمن مكر الله طرفة عين فقال تعالى: " وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ " (سورة المعارج: 27-28). فيصحبه الخوف طيلة حياته، ويستمر على ذلك حتى يسمع قول الرسول لقبض روحه: " إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ " (سورة فصلت: 30).
حكمــــــة
اعلم أن على كل عضو من أعضاء الإنسان توبة: فتوبة العين كفها عن النظر إلى المحارم، وتوبة اليد كفها عن تناول المحرم، وتوبة السمع كفه عن سماع المحرم، وتوبة الفرج كفه عن الزنا.. وهكذا.وأن يستدرك العبد ما فاته، فيؤدي كل فرض ضيعه، ويريد إلى كل ذي حق حقه من المظالم، ويشغل البدن الذي استعمله في السحت والحرام بطاعة الله تعالى وامتثال أوامره والتغذي بالحلال، والبعد عن مواطن الشبهات والحرام.
حكمــــــة
من أهم ثمار التوبة: رضي الله تبارك وتعالى: التائب إلى الله سبحانه محبوب عند الله، مؤيد بعونه، مصان محفوظ من كل سوء وبلية، تتنزل عليه الرحمات، وتتغشاه البركات، وتستجاب له الدعوات. قال تعالى في الحديث القدسي: «فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه»(رواه البخاري).
حكمــــــة
من أهم ثمار التوبة: طمأنينة النفس: إن ضرر المعاصي على الأزواج والنفوس أخطر من ضرر الأمراض على الأجساد. بل إن ضرر المعصية يشمل الروح والبدن. فترى العاصي قد اجتمعت عليه أنواع الهموم والغموم، وألوان الوساوس والهواجس، فلا تجده إلا قلقا فزعا خائفا، وما ذلك إلا بسبب ما اقترفه من المعاصي والخطيئات، لذلك كانت التوبة طمأنينة للنفس، وسعادة للقلب، قال الإمام الحسن البصري –رحمه الله-: " الحسنة نور في القلب وقوة في البدن، والسيئة ظلمة في القلب ووهن في البدن، فالتوبة دواء لأمراض النفس والبدن تقتضي الصبر ومطالعة الثواب من عند الله. فهي دواء يصقل القلوب ويجلي عنها أسباب الضيق والضنك وهو الران. قال تعالى: " كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " (سورة المطففين: 14) والقلوب إذا أزيل عنها الران أصبحت خفيفة مرحة لا تعرف اليأس ولا يصيبها النكد.
حكمــــــة
من أهم ثمار التوبة: اجتناب سخط الله عز وجل: إن التوبة وقاية من عذاب الله وعقابه، ذلك لأن الذنوب موجبة للسخط والنكال، والتوبة ماحية للذنوب ناسخة لها. قال تعالى عن يونس –عليه السلام- " فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ " (سورة الصافات: 143-144) وإنما كان تسبيح يونس: " لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ " (سورة الأنبياء: 87).
حكمــــــة
من فوائد التوبة: سلاح خلقي: وهي من الأسلحة الإيمانية، بل هي سلاح فتاك إذا استعمله الإنسان في حق نفسه فإنه يغير طبيعة حياته. لهذا قال الكاتب الهولندي (فرانزستال) في مقال له نشر في المجلة الإسلامية التي تصدرها الجمعية الإسلامية في وولنج بإنجلترا " إن التوبة في الإسلام هي وسيلة تغير الأفراد أنفسهم، وهي سلاح خلقي عظيم، ففيها الندم والتغير والتحول ".
حكمــــــة
من فوائد التوبة: احترام الذات: إن من أجمل فوائد التوبة أن يحترم الإنسان ذاته وكيانه. بعد أن كان يحتقرها ويكرهها، حين كانت ساقطة من عينيه أثناء المعصية. أما بعد التوبة فإن الواقع النفسي يختلف؛ حيث يحب التائب نفسه ويحترمها، ويكون ذلك بيان الأمور التالية: - إن التوبة تفتح الأمل أمام الإنسان القلِق الذي حطمته ذنوبه وآثامه؛ حيث يجعله الأمل بعد التوبة يشعر براحة نفسية. - إن التوبة تؤدي بصاحبها إلى احترام ذاته بعدما كان يعلن الحرب عليها ويحتقرها بسبب الآثام.- إن التوبة تدفع صاحبها إلى التحرر من الشعور بالذنب والخوف.
حكمــــــة
من فوائد التوبة: البركة بالعمل والرقة بالقلب: أخي التائب إن للتوبة آثارا في القلب، ولهذا أخبر ابن قيم الجوزية " إن التوبة توجب على التائب: المحبة والرقة واللطف، وشكر الله وحمده والرضا عنه وعبوديات أخرى. فإذا تاب إلى الله توبته، فيترتب له على ذلك القبول أنواع من النعم التي لا يهتدي العبد لتفاصيلها، بل لا يزال يتقلب في بركاتها وآثارها ما لم ينقضها ويفسدها.
حكمــــــة
من فوائد التوبة: تبديل السيئات: لقوله تعالى " إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا " (سورة الفرقان: 70) وهذه أعظم الفوائد التي ترغب التائب في أن يتوب في كل لحظة من حياته، فتجُبُّ التوبة ما قبلها من السيئات، ويكون المرء دائما كما ولدته أمه طاهرا نقيا، بعد إعلان التوبة الصادقة.
حكمــــــة
الشيخ سيد قطب – رحمه الله - يعالج قضية الاستقامة بعد التوبة وكيفية سد الفراغ الشيطاني في النفس بعوض إيمان عملي بقوله: " فالتوبة تبدأ بالندم والإقلاع عن المعصية، وتنتهي بالعمل الصالح الذي يثبت أن التوبة صحيحة وأنها جدية، وهو في الوقت ذاته ينشئ التعويض الإيجابي في النفس بالإقلاع عن المعصية، فالمعصية عمل وحركة، يجب ملء فراغها بعمل مضاد وحركة، وإلا حنت النفس إلى الخطيئة بتأثير الفراغ الذي تحسنه بعد الإقلاع».
حكمــــــة
هل العودة إلى الذنب مفسدة للتوبة منه؟ بمعنى أن الشخص إذا تاب من ذنب، ثم عاد إليه، هل يعود إثم هذا الذنب عليه؛ لأنه رجع إليه؟تفصيل هذه المسألة لفضيلة الشيخ صالح بن غانم السدلان على النحو التالي:1- إذا تاب واستمر على توبته، وكانت التوبة مستوفية للشروط، خالية من الموانع، فهذه توبة صحيحة لا خلاف فيها بإجماع العلماء.2- أن يتوب من الذنب، ثم يعود إليه، ثم يتوب منه، ثم يعود إليه، فإذا كانت كل توبة مستوفية شروطها فإن كل توبة صحيحة.3- أن يتوب من الذنب، ثم يعود إليه، ويموت على ذلك، فهل يؤخذ بالأول والثاني، أم يؤخذ بالثاني، وأما الأول فقد جبته التوبة، ورفع عنه الإثم؟
حكمــــــة
عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانا ثم خرج يسأل فأتى راهبا فسأله. فقال: هل من توبة؟ قال: لا.. فقتله، فجعل يسأل، فقال له رجل: ائتِ مكانَ كذا وكذا، فأدركه الموت. فنأى بصدره نحوها فاختصمت فيه ملائكته الرحمة وملائكة العذاب، فأوحى الله إلى هذه أن تقاربي، وأوحى إلى هذه أن تباعدي، وقال: قيسوا ما بينهما فوجد إلى هذا أقرب بشبر فغفر له»(رواه البخاري).
حكمــــــة
عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، أعمل ما شئت فقد عفرت لك». وهو الموافق لسماحة دين الإسلام لما فيه من الترغيب للتائبين والمقبلين على الاستقامة. " البخاري ومسلم ".
حكمــــــة
عن مكحول أنه قال: بلغني أن إبراهيم –عليه السلام- لما عرج ملكوت السموات، أبصر على صاحب كبيرة فدعا عليه، فأهلكه الله، ثم نظر فإذا عبد يسرف، فدعا عليه، فأهلكه الله تعالى، فقال الله جل وعلا: " يا إبراهيم دع عنك عبادي، فإن عبدي بين ثلاث خلال: بين أن يتوب فأتوب عليه، وبين أن أستخرج له ذرية تعبدني، وبين أن يغلب عليه الشقاء فمن ورائه جهنم، أما علمت أن من أسمائي " الصبور " ؟
حكمــــــة
قال سيدنا موسى –عليه السلام-: يا رب إذا سألك عبدك الطائع ماذا تقول له؟ قال: أقول لبيك قال: فالزاهد؟ قال: أقول لبيك؟ قال: فالصائم؟ قال: أقول لبيك؟ قال فالعاصي؟ قال: أقول: لبيك.. لبيك.. لبيك.. كل واحد من هؤلاء يتوكل على عمله، والعاصي، يتكل على رحمتي، وأنا لا أخيب عبدا اتكل عليَّ، لأني قلت: " وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ " (سورة الطلاق: 3).
حكمــــــة
في الزبور: " وأوحى الله تعالى إلى داود –عليه السلام-: أنا الله معطي كل سائل، وغافر كل مستغفر، وصريخ كل مستصرخ، وكاشف كل مكروب، ومحب كل تائب. فأحب التائبين. وبشر المحسنين، وأنذر الخاطئين. قال –عليه الصلاة والسلام: «لو عملتم بالخطايا حتى تبلغ السماء، ثم تبتم تاب الله عليكم» (رواه الحاكم في المستدرك وحسنه الألباني).
حكمــــــة
قال أبو طالب المكي رحمه الله: " لقد حصرت الذنوب من أقوال الصحابة فوجدتها أربعة في القلب وهي: الإشراك بالله، والإصرار على المعصية، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله.. وأربعة في اللسان وهي: شهادة الزور، وقذف المحصنات، واليمين الغموس، والسحر(السحر لا يقتصر على اللسان، بل تشترك الجوارح في عمله.). وثلاثة في البطن وهي: شرب الخمر، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا. واثنين في الفرج: الزنا واللواط، واثنين في اليدين: وهما القتل والسرقة. وواحدًا في الرجلين وهو: الفرار من الزحف وواحدًا يتعلق بجميع الجسد وهو عقوق الوالدين ".
حكمــــــة
سؤال: إنني في الذنب فأتوب منه، ثم تغلبني نفسي الأمارة بالسوء فأعود إليه! فهل تبطل توبتي الأولى ويبقى عليّ إثم الذنب الأول وما بعده؟ جواب: أكثر العلماء أنه لا يشترط في صحة التوبة ألا يعود إلى الذنب، وإنما صحة التوبة تتوقف على الإقلاع عن الذنب، والندم عليه، والعزم الجازم على ترك معاودته، فإن عاوده يصبح حينئذ كمن عمل معصية جديدة تلزمه توبة جديدة منها وتوبته الأولى صحيحة.
حكمــــــة
سؤال: هل تصح التوبة من ذنب وأنا مصر على ذنب آخر؟ جواب: تصح التوبة من ذنب ولو أصر على ذنب آخر، إذا لم يكن من النوع نفسه، ولا يتعلق بالذنب الأول. فمثلا لو تاب من الربا ولم يتب من شرب الخمر فتوبته من الربا صحيحة، والعكس كذلك. أما إذا تاب من ربا الفضل وأصر على ربا النسيئة فلا تقبل توبته حينئذ. وكذلك من تاب من تناول الحشيشة وأصر على شرب الخمر أو العكس، وكذلك من تاب عن الزنا بامرأة وهو مصر على الزنا بغيرها فهؤلاء توبتهم غير صحيحة، وغاية ما فعلوه أنهم عدلوا عن نوع من الذنب إلى نوع آخر منه.. (راجع المدارج).
حكمــــــة
سؤال: إذا كانت السيئة في حق آدمي فكيف تكون التوبة؟ جواب: الأصل في هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من كانت لأخيه عنده مظلمة، من عرض أو مال، فليتحلله اليوم قبل أن يؤخذ منه يوم لا دينار ولا درهم، فإن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له عمل أُخذ من سيئات صاحبه، فجعلت عليه» (رواه البخاري). فيخرج التائب من هذه المظالم إما بأدائها إلى أصحابها وإما باستحلالها منهم وطلب مسامحتهم، فإن سامحوه وإلا ردها.
حكمــــــة
سؤال: أشعر بالحرج الشديد إذا واجهت من سرقت منهم، ولا أستطيع أن أصارحهم، ولا أن أطلب منهم المسامحة فكيف أفعل؟ جواب: لا حرج عليك في البحث عن طريق تتفادى فيه هذا الإحراج الذي لا تستطيع موجهته، كأن ترسل حقوقهم مع شخص آخر، وتطلب عدم ذكر اسمك، أو بالبريد، أو تضعها خفية عندهم، وتقول هذه حقوق لكم عند شخص، وهو لا يريد ذكر اسمه، والمهم رجوع الحق إلى أصحابه.
حكمــــــة
سؤال: سرقت أموالا من أناس وتبت إلى الله، ولا أعرف عناوينهم؟ وآخر يقول أخذت من شركة أموالا خلسة، وقد أنهت عملها وغادرت البلد؟ وثالث يقول سرقت من محل تجاري سلعا، وتغير مكانه ولا أعرف صاحبه؟ الجواب: عليك بالبحث عنهم على قدر طاقتك ووسعك، فإذا وجدتهم فأدفعها إليهم والحمد لله، وإذا مات صاحب المال فتعطي لورثته، وإن لم تجدهم على الرغم من البحث الجاد فتصدق بهذه الأموال بالنيابة عنهم، وأنوها لهم ولو كانوا كفارا لأن الله يعطيهم في الدنيا ولا يعطيهم في الآخرة.
حكمــــــة
سؤال: غصبت مالا لأيتام، وتاجرت به وربحت ونما المال أضعافا وخفت من الله وندمت فكيف أتوب؟ الجواب: للعلماء في هذه المسألة أقوال أوسطها وأعدلها أنك ترد رأس المال الأصلي للأيتام، زائد نصف الأرباح، فتكون كأنك وإياهم شركاء في الربح مع إعادة الأصل إليهم. وهذه رواية عن الإمام أحمد، وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية وترجيح تلميذه ابن القيم –رحمه الله- (المدارج 1/392) وكذلك لو غصبت سائمة من إبل أو غنم فنتجت أولادا فهي ونصف أولادها للمالك الأصلي، فإن ماتت أعطي قيمتها مع نصف النتائج إلى مالكها.
حكمــــــة
سؤال: رجل يعمل في الشحن الجوي وتتخلف عندهم بضائع أخذ منها مسجلا خلسة وبعد سنوات تاب فهل يرجع المسجل نفسه أو قيمته أو شبيها به، علما بأن هذا النوع قد انتهى من السوق. الجواب: يرجع المسجل نفسه زائداً عليه ما نقص من قيمته لقاء الاستعمال أو تقادم الزمن، وذلك بطريقة مناسبة دون أن يؤذي نفسه، فإن تعذر، تصدق بقيمته نيابة عن صاحبه الأصلي.
حكمــــــة
سؤال: كان عندي أموال من الربا ولكني أنفقتها كلها، ولم يبق عندي منها شيء، وأنا الآن تائب فماذا يلزمني؟ الجواب: لا يلزمك إلا التوبة إلى الله عز وجل توبة نصوحا والربا خطير، ولم يؤذن الله بحرب أحد في القرآن الكريم إلا أهل الربا وما دامت الأموال الربوية قد ذهبت كلها، فليس عليك من جهتها شيء الآن.
حكمــــــة
سؤال: اشتريت سيارة بمال بعضه حلال وبعضه حرام، وهي موجودة عندي الآن فكيف أفعل؟ الجواب: من اشترى شيئا لا يتجزأ كالبيت أو السيارة بمال بعضه حلال وبعضه حرام فيكفيه أن يخرج ما يقابل الحرام من ماله الآخر ويتصدق به تطيبا لتلك الممتلكات، فإن كان هذا الجزء من المال الحرام هو حق للآخرين وجب رد مثله إليهم على التفصيل السابق.
حكمــــــة
سؤال: ماذا يفعل بالمال الذي ربحه من تجارة الدخان، وكذلك إذا اختلط بأمواله الأخرى الحلال؟ الجواب: من تاجر بالمحرمات كبيع آلات اللهو والأشرطة المحرمة والدخان وهو يعلم حكمها ثم تاب يصرف أرباح هذه التجارة المحرمة في وجوه الخير تخلصا لا صدقة؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا. وإذا اختلط هذا المال الحرام بأموال أخرى حلال كصاحب البقالة الذي يبيع الدخان مع السلع المباحة، فإنه يقدر هذا المال الحرام تقديرا باجتهاده، ويخرجه بحيث يغلب على ظنه أنه نقى أمواله من الكسب الحرام، والله يعوضه خيرا وهو الواسع الكريم. وعلى وجه العموم فإن من لديه أموالا من كسب حرام، وأراد أن يتوب فإن كان: 1- كافرا عند كسبها فلا يلزم عند التوبة بإخراجها؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يلزم الصحابة بإخراج ما لديهم من الأموال المحرمة لما أسلموا.2- وأما إن كان عند كسبه للحرام مسلما عالما بالتحريم فإنه يخرج ما لديه من الحرام إذا تاب.
حكمــــــة
سؤال: شخص يأخذ الرشاوي، ثم هداه الله إلى الاستقامة، فماذا يعمل بالأموال التي أخذها من الرشوة؟ الجواب: هذا الشخص لا يخلو من حالتين:1- إما أن يكون أخذ الرشوة من صاحب حق مظلوم اضطر أن يدفع الرشوة ليحصل على حقه؛ لأنه لم يكن له سبيل للوصول إلى حقه إلى بالرشوة، فهنا يجب على هذا التائب أن يرد المال إلى الراشي صاحب الحق لأنه في حكم المال المغصوب ولأنه ألجأه إلى دفعه بالإكراه. 2- أن يكون أخذ الرشوة من راش ظالم تحصل عن طريق الرشوة على أشياء ليست من حقه، فهذا لا يرجع إليه ما أخذه منه، وإنما يتخلص التائب من هذا المال الحرام في وجوه الخير كإعطائه للفقراء مثلا. كما يتوب مما تسبب فيه من صرف الحق عن أهله.
حكمــــــة
سؤال: لقد حصل والعياذ بالله أني ارتكبت الفاحشة، وعقدت على المرأة الزانية، وقد صار لنا سنوات وقد تبنا أنا وهي إلى الله توبة صادقة فماذا يجب عليَّ؟ الجواب: ما دامت التوبة قد صحت من الطرفين فعليكما إعادة العقد بشروطه الشرعية من الولي والشاهدين، ولا يلزم أن يكون ذلك في المحكمة بل لو حصل في البيت لكان كافيا.