الأخلاق والسير لابن حزم
فائدة
الأخلاق والسير - لابن حزم
مسامحة أهل الاستئثار والاستغنام ، والتغافل لهم ليس مروءة ولا فضيلة بل هو مهانة وضعف وتضرية لهم على التمادي على ذلك الخلق المذموم وتغبيط لهم به وعون لهم على ذلك الفعل السوء وإنما تكون المسامحة مروءة لأهل الإنصاف المبادرين إلى الإنصاف والإيثار فهؤلاء فرض على أهل الفضل أن يعاملوهم بمثل ذلك لا سيما إن كانت حاجتهم أمس وضرورتهم أشد.
فائدة
الأخلاق والسير - لابن حزم
المحبة كلها جنس واحد ورسمها أنها الرغبة في المحبوب وكراهة منافرته والرغبة في المقارضة منه بالمحبة وإنما قدر الناس أنها تختلف من أجل إختلاف الأغراض فيها وإنما اختلفت الأغراض من أجل إختلاف الأطماع وتزايدها وضعفها أو انحسامها فتكون المحبة لله عز وجل وفيه وللأتفاق على بعض المطالب وللأب والابن والقرابة والصديق وللسلطان ولذات الفراش وللمحسن وللمأمول وللمعشوق فهذا كله جنس واحد اختلفت أنواعه كما وصفت لك على قدر الطمع فيما ينال من المحبوب فلذلك اختلفت وجوه المحبة
فائدة
الأخلاق والسير - لابن حزم
قد رأينا من مات أسفاً على ولده كما يموت العاشق أسفاً على معشوقه. وبلغنا عمن شهق من خوف الله تعالى ومحبته فمات. ونجد المرء يغار على سلطانه وعلى صديقه كما يغار على ذات فراشه وكما يغار العاشق على معشوقه. فأدنى أطماع المحبة ممن تحب الحظوة منه والرفعة لديه والزلفة عنده إذا لم تطمع في أكثر.
فائدة
الأخلاق والسير - لابن حزم
من عجائب الدنيا قوم غلبت عليهم آمال فاسدة لا يحصلون منها إلا على إتعاب النفس عاجلاً ثم الهم والإثم آجلاً كمن يتمنى غلاء الأقوات التي في غلائها هلاك الناس. وكمن يتمنى بعض الأمور التي فيها الضرر لغيره وإن كانت له فيها منفعة فإن تأميله ما يؤمل من ذلك لايعجل له ذلك قبل وقته ولا يأتيه من ذلك بما ليس في علم الله تعالى تكونه. فلو تمنى الخير والرخاء لتعجل الأجر والراحة والفضيلة ولم يتعب نفسه طرفة عين فما فوقها فاعجبوا لفساد هذه الأخلاق بلا منفعة.