8. فوائد من كتاب بهجة المجالس
كان يقال: كل من الطعام ما اشتهيت، وألبس من الثياب ما اشتهى الناس. كان بكر بن عبد الله المزني، يقول: البسوا ثياب الملوك، وأميتوا قلوبكم بالخشية.
قال الحسن: إن قوماً جعلوا خشوعهم في لباسهم، وكبرهم في صدورهم، وشهروا أنفسهم بلباس هذا الصوف، حتى إن أحدهم بما يلبس من الصوف أعظم كبراً من صاحب المطرف بمطرفه.
قال الوليد بن مزيد: كان الناس عندنا يلبسون الأردية، وكان الأوزاعي يلبسها، فترك الناس لبسها ولبسوا السيجان، فرأيت الأوزاعي قد ترك لبس الأردية ولبس الساج، فقلت له: يا أبا عمرو! كنت تلبس الأردية فتركتها ولبست الساج، فما الذي دعاك إلى ذلك، فقال: يا ابن أخي! رأيت الناس يلبسون الأردية فلبستها معهم، وتركوها فتركتها معهم، ولبسوا السيجان فلبست معهم، ولو عادوا إلى الأردية لعدت معهم.
قيل لأعرابي: إنك لتديم لبس العمامة ؟ قال: إن عضواً فيه السمع والبصر لحقيق أن يوقى من الحر والقر.
قال أبو هريرة: إذا كان في الرجل ثلاث فهو الكامل، إذا فخر في المجلس وأحسن جوابات الكتب، وأحسن كور العمامة.
روى الرياشي وأبو حاتم عن الأصمعي، قال: ألا أدلك على لباس إن لبسته كان سريا، وإن رفعته كان بهيا، وإن ذخرته كان طرياً ؟ قال: نعم , قال: عليك بالتقوى. قال: ألا أدلك على خليلٍ إن صحبته صانك، وإن احتجت إليه مانك، وإن تجرت به أربحك، وإن ترحلت به حملك ؟ قال: نعم. قال: عليك بالأدب. ثم قال: ألا أدلك على بستانٍ تكون منه في أكمل روضة، وميت يخبرك عن المتقدمين، ويذكرك إذا نسيت، ويؤنسك إذا استوحشت، ويكف عنك إذا سئمت؟ قال: نعم. قال: عليك بالكتاب.
كان القاسم بن محمد يلبس الخز، وسالم بن عبد الله يلبس الصوف، وكانا يتجالسان في المجلس ويتحدثان الدهر، لا ينكر واحد منهما لباس صاحبه.
قال رجل للحسن بن أبي الحسن: يا أبا سعيد! إنا قد وسع الله علينا أفنناك من كسوة وعطر ما لو شئنا اكتفينا بدونه، فما نقول? قال: أيها الرجل! إن الله قد أدب أهل الإيمان فأحسن أدبهم، قال تعالى: "ليُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ من سَعَتِهِ، ومَنْ قُدِرَ عليه رِزْقُهُ فلينفِقْ مما آتاهُ اللهُ"، وإن الله ما عذب قوماً أعطاهم الدنيا فشكروه، وما عذر قوماً زوى عنهم الدنيا فعصوه.
قال رجل لإبراهيم النخعي: ما ألبس من الثياب؟ فقال: مالا يشهرك عند العلماء، ولا يحقرك عند السفهاء.
قال علي بن أبي طالب: الخيل المطلب والمهرب . قيل لأعرابي: صف لنا فرسك. قال: سوطه عنانه، وهمه أمامه، وما ضربته قط إلا ظالماً له .
خالد بن صفوان: الخيل للرغبة والرهبة، والبراذين للدعة، والبغال للسفر البعيد والأثقال، والإبل للتحمل، والحمير للزينة وخفة المؤونة.
بعث الحجاج بن يوسف إلى عبد الملك بفرس، وكتب إليه: قد وجهت إليك بفرس حسن المنظر، محمود المخبر، أسيل الخد، رشيق القد.
قال بعض الحكماء: أكرم الخيل أجزعها من الضرب، وأكرم الصفايا أشدها ولها إلى أولادها، وأكرم الإبل أشدها حنيناً إلى أوطانها، وأكرم المهار أشدها ملازمة لأمهاتها.
قال بعض البلغاء: البغل تواضع عن خيلاء الخيل، وارتفع عن ذلّة العير، فهو وسط، وخير الأمور أوساطها.
قال عمر بن الخطاب: إياكم واللحم، فإن له ضراوةً كضراوة الخمر. إنما كره الإدمان عليه، والله أعلم، لما فيه من التنعم والتشبه بالأعاجم، ألا ترى أنه كتب إلى عماله: اخشوشنوا، وإياكم والتنعم وزي العجم.
خطب عمر بن الخطاب يوماً، فقال: إياكم والبطنة، فإنها مكسلة عن الصلاة، مؤذية للجسم. وعليكم بالقصد في قوتكم، فإنه أبعد من الأشر، وأصح للبدن، وأقوى على العبادة، وإن امرءًا لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه.
مر علي بن أبي طالب بمجلسٍ من مجالس الأنصار، فسلم عليهم، فقاموا له وحفوا به ورحبوا وقالوا: لو نزلت فأكلت من طعامنا، فقال لهم: إما حلفتم علينا، وإما انصرفنا.
قال علي بن أبي طالب: المعدة حوض البدن، والعروق واردة عليها وصادرة عنها، فإذا صحت صدرت العروق عنها بالصحة، وإذا سقمت صدرت العروق بالسقم.
قال بعض الأطباء: اللحم ينبت اللحم، والشحم لا ينبت اللحم ولا الشحم. قال علي بن أبي طالب: الشحم يخرج مثله من المدا.
كان علي بن أبي طالب إذا دعى إلى طعام أكل شيئاً قبل أن يأتيه، ويقول: قبيح بالرجل أن يظهر نهمته في طعام غيره.
قال قيس بن أبي حازم: نزل بي أعرابي من أحمس، فلم آله تكرمةً، فقال لي: أكل الحي يجد مثل هذا الذي أرى عندك ؟ فقلت: إن أخبثهم عيشاً يشبع من الخبز والتمر، فقال: أقسم بالله لئن كنت صادقاً ليوشكن أن يقتتلوا، فإن العرب - والله - ما زالت إذا شبعت اقتتلت. قال قيس: فلم ألبث إلا أربعة أشهر حتى قتل عثمان، ثم كانت وقعة الجمل، ثم وقعة صفين والنهروان.
دعا عبد الملك بن مروان رجلاً إلى غدائه، فقال له قد تغديت. قال عبد الملك: ما أقبح بالرجل أن يأكل حتى لا تكون فيه بقية للطعام! فقال: يا أمير المؤمنين! بي فضل، ولكنى كرهت أن آكل فأصير إلى ما استقبح أمير المؤمنين.
دعا الحجاج رجلا إلى غدائه، فقال: قد تغدّيت. قال: إنك لتباكر الغداء قال: لخلالٍ ثلاث: إن ناجيتُ رجلا لم يجد في خلوفا، وإن شربت ماء شربته على ثقل، وإن حضرت قوماً على طعام حضرتهم ومعي بقية من غرض. فعجب منه.
قال سليمان بن عبد الملك لسالم بن عبد الله، وقد رآه حسن السحنة: أي شيء تأكل؟ قال: الخبر والزيت، وإذا وجدت اللحم أكلته. قال له: وتشتهيه ؟ قال: إذا لم أشتهه تركته حتى أشتهيه.
قيل لبعض العقلاء: أي الطعام أطيب ؟ قال: الجوع أعلم. كان يقال: نعم الإمام الجوع، ما ألقيت إليه شيئاً إلا قبله وطاب عنده.
عن جعفر بن محمد رحمه الله، أنه قال: الخلال بعد الطعام يشد اللثات، ويجلب الرزق، ويطيب نكهة الفم.
دخل جنادة بن أبي أمية على معاوية، وهو يأكل، فدعاه إلى الأكل، فقال: أنا صائم، قلم تزل الألوان تختلف بين يدي معاوية حتى جئ بجدي محنوذ سمين، فقال جنادة: ليأمر لي أمير المؤمنين بماء أغسل يدي وآكل من هذا الجدي. فقال له: ألم تقل إنك صائم ؟ قال: بلى. ولكنى على رد يوم أقدر منى على رد مثل هذا الجدي. فضحك معاوية وأمر بالماء، فغسل يده وأكل معه.
قال أبو بكر الهذلي: إذا جمع الطعام أربعاً كمل، إذا كان حلالاً، واجتمعت عليه الأيدي، وسمى الله في أوله، وحمد في آخره.
قال لقمان لابنه: يا بني! لا تأكل شيئاً على شبع، فإنك إن تركته للكلب خير لك من أن تأكله. كان الحسن بن علي رضى الله عنه، يقول: ائتونا بالخوان نأتنس به حتى يأتي الطعام.
روى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، أنه قال: رب البيت آخر من يغسل يديه. قال أبو الزناد: من إكرام الضيف وحسن الأدب في مؤاكلته، أن تغسل يديك قبله أولا، وبعده آخراً.
قال لقمان لابنه: يا بني! إياك وكثرة النوم والكسل والضجر، فإنك إذا كسلت لم تؤد حقا، وإذا ضجرت لم تصبر على حق. كتب عمر بن الخطاب إلى بعض عماله: بلغني أنك لا تقيل، وإن الشياطين لا تقيل.
قال علي: من الجهل النوم في أول النهار من غير سهر، والضحك من غير عجب، والقائلة تزيد في العقل. قال عبد الله بن مسعود: النوم - عند الموعظة من الشيطان-.
قال عبد الله بن عمرو بن العاص: النوم على ثلاثة أوجه، نوم خرق، ونوم خلق، ونوم حمق. فأما النوم الخرق، فنومة الضحى، يقضى الناس حوائجهم وهو نائم، وأما نوم الخلق، فنوم القائلة نصف النهار، وأما نوم الحمق، فالنوم حين تحضر الصلوات. قال غيره: نوم أول النهار خرق، ونوم القائلة خلق، ونوم العشى حمق، والنوم بين العشاءين يحرم الرزق.
قيل لأعرابي: ما يدعوك إلى نومه الضحى ؟ قال: مبردة في الصيف، مسخنة في الشتاء. قال بعض العلماء: النعاس يذهب العقل، والنوم يزيد فيه.
كان يقال: لإبليس لعوق وكحل وسعوط، فلعوقه الكذب، وكحله النعاس عند سماع الخير، وسعوطه الكبر.
قال أبو هريرة: بئس البيت الحمام، يكشف العورة، ويذهب الحياء. قال أبو الدرداء: نعم البيت الحمام، يذهب الدرن، ويذكر النار.
قال ابن القاسم: سئل مالك عن القراءة في الحمام. فقال: القراءة بكل مكان حسنة، وليس الحمام بموضع قراءة، فمن قرأ الآية والآيتين فليس بذلك بأس، وليس الحمام من بيوت الناس الأول.
كان الحسن إذا دخل الحمام أغمض مخافة أن تقع عينه على عورة أحد، وربما قادة غلامه. ودخل أبو حنيفة الحمام فرأى فيه قوماً لا مآزر لهم ، فأغلق عينيه، وجعل يتهدي بيديه. فقال له أحدهم: متى ذهب بصرك يا أبا حنيفة ؟ قال: منذ انكشفت عورتكم.
كان يقال: إذا جمع الحمام خمس خصال فقد كمل: أن يكون قديم البناء، عذب الماء، كثير الضياء، مرتفع الهواء، وأفضل ذلك كله: أن يكون الحوض نقياً معتدل الحر.
قال أصبغ: سألت ابن القاسم عن دخول الحمام، فقال: ما أن وجدته خالياً، أو كنت تدخل مع قوم يستترون ويتحفظون فلا أرى بذلك بأسا، وإن كان يدخله من لا يبالي ولا يتحفظ لم أر أن تدخله، وإن كنت متحفظاً. قال أصبغ: وأدركت ابن وهب يدخله مع العامة متحفظاً، ثم ترك ذلك، وكان لا يدخله إلا مختليا.
قال بعض الحكماء: لا مال لمن لا صبر له على خيانة الوكلاء وإضاعة الكفاة. قال نصر بن سيار: لا تتخذ الوكيل داهيةً أريباً، ولا ذا عشيرة منيعة، فإنك إن قاومته أيام حياتك، عجز عنه ولدك بعد وفاتك.
قال نصر بن سيار: لعن الله وكيل الضيعة، إن عشت أكلها دونك، وإن مت ادعاها بعدك، وإن كان عاجزاً جاهلا استهلكها، وإن كان قوياً ذا عارض أعملها فيك ولم يعملها لك. ذكر أن القحذمي مات وله ضيعة في يد وكيل، فكابر عليها .
قال أكثم بن صيفي: ما يسرني أني مكفي أمر الدنيا. قيل: ولم ؟ قال: أخاف عادة العجز. قال العرب: العادة أملك بالإنسان من الأدب.
كان يقال: ما دخل باللبن لم يخرج إلا مع الروح. قالوا: العادة طبيعة ثانية. قالوا: الخير عادة، والشر لجاجة
كان الحسن يقول: أصول الشر ثلاثة: الحرص والحسد والكبر، فالكبر منع إبليس من السجود لآدم، والحرص أخرج آدم من الجنة، والحسد حمل ابن آ دم على قتل أخيه.
عن ميمون بن مهران، قال: ثلاثة يؤدين إلى البر والفاجر، الأمانة تؤدي الى البر والفاجر والعهد يوفي به للبر والفاجر، والرحم توصل برةً كانت أو فاجرة . ثلاثة لا شيء أقل منهن، ولا يزددن إلا قلة: درهم حلال تنفقه في حلال وأخ في الله تسكن إليه، وأمين تستريح إلى الثقة به.
قال عمر بن الخطاب: الفواقر في ثلاث: جار سوء في دار مقام، إن رأى حسنةً سترها، وإن رأى سيئة أذاعها. وامرأة سوء إن دخلت لسنتك، وإن غبت عنها لم تأمنها. وسلطانٍ جائر إن أحسنت لم يحمدك، وإن أسأت قتلك.
قال الحسن: لولا ثلاث ما وضع ابن آدم رأسه: المرض والفقر والموت. قال الضحاك أو غيره من الحكماء: إذا ظفر إبليس من ابن آدم بثلاث لم يطلبه بغيرهن: إذا أعجب بنفسه، واستكثر عمله، ونسى ذنوبه.
قال مسلمة بن عبد الملك: العيش في ثلاث: سعة المنزل، وكثرة الخدم، وموافقة الأهل. قال الخليل بن أحمد: ثلاث ينسين المصائب: مر الليالي، والمرأة حسناء، ومحادثة الإخوان. وقال غيره: ليس لثلاثٍ حيلة: فقر يخالطه كسل، وخصومة يداخلها حسد، ومرض يداخله هرم. وقال غيره: ثلاثة تجب مداراتهم: الملك السليط، والمرأة، والمريض.
ثلاثة يعذرون في سوء الخلق: المريض، والمسافر، والصائم. ثلاثة لا يستخف بهم: عامل السلطان، والعالم، والصديق: لأن من استخف بالسلطان أفسد ونياة ومن استخف بالعالم أفسد دينه ومن استخف بالصديق أفسد مروءته.
ثلاثة أشياء تخلق العقل، وتفسد الذهن: طول النظر في المرآة، والاستغراق في الضحك، ودوام النظر في البحر. ومما يفسد الذهن ثلاثة: الهم والوحدة والفكر.
ثلاثة تهرم وربما قتلت صاحبها: الجماع على الامتلاء، ودخول الحمام على البطنة، وأكل القديد اليابس. ثلاثة يفرح بهن الجسد ويربو: الطيب، والثوب اللين، وشرب العسل. ثلاثة تورث الهزال: شرب الماء البارد على الريق، والنوم من غير وطاء، وكثرة الكلام برفع الصوت.
فال سليمان بن موسى: ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة: حليمٌ من سفيه، وبر من فاجر، وشريف من دنئ .
قال أبو الدرداء: ثلاث لا يحبهن غيري: أحب الموت اشتياقاً إلى ربي، وأحب المرض تكفيراً لخطيئتي، وأحب الفقر تواضعاً لربي، فذكر ذلك لابن شبرمة، فقال: ولكني لا أحب واحدة من الثلاث، أما الفقر فو الله للغني أحب إلى منه، لأن الغنى به توصل الرحم، ويحج البيت، وتعتق الرقاب، وتبسط اليد بالصدقة. وأما المرض فو الله لأن أعافي فأشكر أحب إلى من أن أبتلي فأصبر، وأما الموت فو الله ما يمنعنا من حبه إلا ما قدمناه وسلف من أعمالنا، فنستغفر الله.
يقال: ثلاث موبقات: الحرص، وهو أخرج آدم من الجنة: والحسد دعا ابن آدم إلى قتل أخيه، والكبر حط إبليس عن مرتبته.
قال سفيان الثوري: دخلت على جعفر بن محمد، فقال لي: يا سفيان! إذا أنعم الله عليك نعمةً فاحمد الله ، وإذا استبطأت رزقاً فاستغفر الله، وإذا حزبك أمر فقل: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال لي: يا سفيان! ثلاث وأي ثلاث.
ثلاث خصال من حقائق الإيمان: الاقتصاد في الإنفاق، والإنصاف من نفسك، والابتداء بالسلام. ثلاث لا يعرفون إلا في ثلاثة: الحليم عند الغضب، والشجاع عند الحرب، والأخ عند الحاجة.
ثلاث من لم تكن فيه لم يطعم الإيمان: حلم يرد به جهل الجاهل، وورع يحجزه عن المحارم، وخلق يداري به الناس.
قال ابن مسعود: ثلاث من كن فيه، ملأ الله قلبه إيماناً: صحبة الفقيه، وتلاوة القرآن، والصيام. قال عمر بن الخطاب: الرجال ثلاثة: رجل عاقل عفيف مسلم ينظر في الأمور فيوردها مواردها ويصدرها مصادرها إذا أشكلت على عجزة الرجال وضعفتهم، ورجل يلبس عليه رأيه، فيأتي ذوي الرأي والمقدرة فيستشيرهم، وينزل عند ما يأمرونه به، ورجل جاهل لا يهتدي لرشد، ولا يشاور مرشداً.
من فقد ثلاثاً ساء عيشه: النساء، والمال، والإخوان. ثلاث لا يأنف الكريم من القيام عليهن: أبوه، وضيفه، ودابته. ثلاث يسهرون: قرض فأر، وأنين مريض، ووكف بيت.
ثلاثة لا راحة منها إلا بالمفارقة لها: السن المتآكلة والمتحركة، العبد الفاسد على مولاه، والمرأة الناشز عن زوجها.
ثلاث إذا كن في الرجل لم يشك في عقله وفضله: إذا حمده جاره، ورفيقه، وقرابته. كدر العيش في ثلاث: الجار السوء، والولد العاق، والمرأة السيئة الخلق. ثلاث الإقدام عليهن غرر: شرب السم على التجربة، وركوب البحر للغناء، وإفشاء السر إلى النساء.
ثلاثة من عازهم عادت عزته ذلة: السلطان، والوالد، والعالم. وقد قيل: السلطان والوالد، والغريم. ثلاث لا يستحيا منهن: طلب العلم، ومرض البدن، وذو القرابة الفقير.
ثلاثة تبنو الموعظة عن قلوبهم كنبو الماء عن الصفاة: امرأة مغرمة برجل، وشيخ مغرم بشرب الخمر، وملك فاجر.
ثلاث لا يستحيا منهن: طلب العلم، ومرض البدن، وذو القرابة الفقير. ثلاث من أحسن شيءٍ فيمن كن فيه: جود لغير ثواب، ونصب لغير دنيا، وتواضع لغير ذل.
قال سفيان الثوري: ما بقي لي من نعيم الدنيا إلا ثلاث: أخٌ ثقة في الله أكتسب في صحبته خيراً، إن رآني زائغاً قومني، أو مستقيماً رغبني، ورزق واسع حلال ليست لله على فيه تبعة، ولا لمخلوق على فيه منة، وصلاة في جماعة أكفى سهوها وأرزق أجرها.
قال بزر جمهر: ثلاث نواطق وإن كن خرسا: كسوف البال دليل على رقة الحال، وحسن البشر دليل على سلامة الصدر، والهمة الدنية دليل على العزيزة الردية.
أربع خصال من السعادة، وأربع من الشقاوة، فأما التي من السعادة: فالمركب الهني. أو قال: الوطي، والزوجة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح. وأما التي من الشقاوة: فالمركب الصعب، والزوجة السوء، والمسكن الضيق، والجار السوء.
أربع تعرف بهن الأخوة: الصفح قبل الاستقالة، وتقدم حسن الظن قبل التهمة، ومخرج العذر قبل العتب، وبذل الود قبل المسألة.
قال الحسن: أربع من كن فيه ألقى الله عليه محبته، ونشر عليه رحمته. من بر والديه، ورفق بمملوكه. وكفل اليتيم. وأغاث الضعيف. أربع من سنن المرسلين: التعطر، والنكاح، والسواك، والختان.
أربع لا ينبغي للشريف أن يأنف منهن: قيامه عن مجلسه لأبيه، وحديثه ضيقه، وقيامه على فرسه - وإن كان له مائة عبد -، وخدمته العالم ليأخذ من علمه.
ذكر بعض قريش عبد الملك بن مروان، فقال: كان آخذاً لأربع، تاركا لأربع: يأخذ بأحسن الحديث إذا حدث، وبأحسن الاستماع إذا حدث، وبأيسر المئونة إذا خولف، وبأحسن البشر إذا لقى، وكان تاركاً لمحادثة اللئيم، ومنازعة اللجوج، ومماراة السفية، ومصاحبة المأفون.
قال الحسن البصري: لما هبط آدم آوحى الله إليه: أربع فيهن جماع الأمر لك ولولدك من بعدك، أما واحدة فلى، والثانية فلك، وأما الثالثة فبيني وبينك، وأما الرابعة فبينك وبين الناس. أما التي لي: فتعبدني ولا تشرك بي شيئاً، وأما التي لك فعملك أجزيكه أفقر ما تكون إليه، وأما الني بيني وبينك: فعليك الدعاء وعلى الإجابة، وأما التي بينك وبين الناس فتصاحبهم بما تحب أن يصاحبوك به.
أربعة تحتاج إلى أربعة: الحسب إلى الأدب، والسرور إلى الأمن، والقرابة إلى المودة، والعقل إلى التجربة. أربعة لا بقاء لها: مودة الأشرار، والبيت الذي ليس فيه تقدير، والمال الحرام، والكسب الذي ليس معه تقدير.
قال عبد الله بن عمر: أربع من كن فيه بوئ بهن بيتاً في الجنة: شهادة ألا إله إلا الله، وإن أصاب ذنباً استغفر الله، وإن جرت عليه نعمة، قال: الحمد الله، وإن أصابته مصيبة استرجع فقال: إنا الله وإنا إليه راجعون.
أربع تفسد العقل وتؤثر فيه: الإكثار من أكل البصل، ومن أكل الباقلاء، ومن الجماع، ومن السكر. أربع من كن فيه كان كاملا، ومن تعلق بواحدة منهن كان من صلحاء قومه: دين يرشده، وعقل يسدده، وحسب يصونه، وحياء يقوده.
أربع من سلم منهن سلم من مكاره الدنيا والآخرة في الأغلب: العجلة، والتواني، واللجاجة، والعجب. أربعة قالها جعفر بن محمد، لا تستقل القليل منها: الدين، والنار، والعداوة، والمرض .
أربعة تقبح وهي في أربعة أقبح البخل في الأغنياء والفحش في النساء والكذب في القضاة والظلم في الحكام.
الأذلاء أربعة: النمام، والكذاب، والمديان، والفقير. قالوا: أربعة تشتد معاشرتهم: الرجل المتواني، والرجل العالم، والفرس المرح، والملك الشديد المملكة.
أربعة تشتد مؤونتهم، النديم المعربد، والجليس الأحمق، والمغني التائه، والسفلة إذا أثرى. أربعة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والذاكر حتى يفتر، والإمام العدل، ودعوة المظلوم.
أربعة لا يقدرن على أن يشبعن: النار من الحطب، والبحر من الماء، والموت من الأرواح، والشره من المال.
أربعة يهدمن الجسم وربما قتلن: دخول الحمام على البطنة، وأكل القديد الجاف، والغشيان على الامتلاء، ومجامعة العجوز.
أربع لا يشبعن من أربع: عينٌ من نظر، وأذن من خبر، وأنثى من ذكر، وأرض من مطر. أربع إذا كن في الرجل أهلكنه: حب النساء، وحب الصيد، وحب الفخار، وحب الخمر.
قال عمر بن عبد العزيز: أحب الأشياء إلى الله أربعة: القصد عند الجدة، والعفو عند المقدرة، والحلم عند الغضب، والرفق بعباد الله في كل حال.
أربعة لا يستحيا من الختم عليها: المال لنفي التهمة، والجوهر لأمن البدل، والدواء للاحتياط، والطبب للصيانة.
قال العتبي: اجتمعت الحكماء على أربع كلمات، وهي: لا تحملن على قلبك مالا تطيق، ولا تعمل عملا ليس لك فيه منفعة، ولا تثقن بامرأة، ولا تغتر بالمال وإن كثر.
قال المأمون: الناس في تصرفهم ومعايشهم بين أربعة أمور، من لم يكن منها كان عيالا عليها وكلاّ: الإمارة، والتجارة، والزراعة، والصناعة.
قال بعض الحكماء: خمسة أشياء من أعطيها فقد كمل عيشه: صحة البدن، وهو الجزء الأكبر، والسعة في الرزق، وهو الثاني، والأمن وهو الثالث، والأنيس الموافق وهو الرابع، والدعة، فمن حرمها فقد حرم العيش.
قال الأحنف: لا ينبغي أن تنزل بلداً حتى يكون فيه خمس خصال، فذكرها سواء. خمسة لا يستحيا من خدمتهم: السلطان، والوالد، والعالم، والضيف، والدابة.
اجتمع الحكماء أنه لا ينبغي للمرء أن ينزل بلدةً ليس فيها خمسة أشياء: سلطان قاهر، وقاضٍ عادل، وسوق قائمة، وطبيب عالم، ونهر جارٍ.
عن الزهري، قال: الذل في خمسة أشياء: حضور المجلس بلا نسخة، وعبور المعبر بلا قطعة، ودخول الحمام بلا خادم، وتذلل الشريف للدنئ لينال منه، والتذلل للمرأة لينال من مالها.
خمسة أشياء تقبح في خمسة أصناف: الحدة في السلطان، وقلة الحياء في ذوي الأحساب، والبخل في ذوي الأموال، والفتوة في الشيوخ، والحرض في العلماء والقراء.
قال وبرة بن خداش: أوصاني عبد الله بن عباس بخمس كلماتٍ هي أحب إلى من الدهم الموقوفة في السبيل، قال لي: إياك والكلام فيما لا يعنيك أو في غير موضعه، فرب متكلم فيما لا يعنيه أو في غير موضعه قد عنت، ولا تمار سفيهاً ولا فقيها، فإن الفقيه يغلبك والسفيه يؤذيك، واذكر أخاك إذا غاب عنك أن يذكرك به، ودع ما تحب أن يدعه منك، واعمل بما تحب عمل رجل يعلم أنه يجازي بالإحسان ويكافى بالإجرام.
قال عمر بن الخطاب: من لم يكن فيه خمس فلا ترجوه لشيء من الدنيا والآخرة: من لم يعرف بالوثيقة في أرومته، والكرم في طبيعته، وبالدماثة في خلقه، وبالنبل في نفسه، وبالمخافة لربه.
خمس من طبيعة الجهال: الغضب في غير شيء، والإعطاء في غير حق، وإتعاب البدن في الباطل، وقلة معرفة الرجل لصديقه من عدوه، وتضييعه لسره.
خمسة أشياء أضيع شيءٍ في الدنيا: سراج يوقد في الشمس، ومطر وابل في أرض سبخة، وامرأة حسناء تزف إلى عنين، وطعام يستجاد ثم يقدم إلى سكران أو شبعان، ومعروف تصنعه عند من لا يشكرك.