1. فوائد من كتاب بهجة المجالس
حكمــــــة
قال الأحنف بن قيس:لو جلس إليّ مائةٌ لأحببت أن ألتمس رضى كلّ واحدٍ منهم. قال عبد الله بن عبّاس: أعز الناس عليّ جليسي الذي يتخطّى النّاس إليّ، أما والله إنّ الذّباب يقع عليه فيشقّ عليّ.قال كشاجم: وجليسٍ لي أخي ثقةٍ كأن حديثه خـبـره يسرّك حسن ظاهره وتحمد منه محتضره ويستر عيب صاحبـه ويستر أنّه سـتـره
حكمــــــة
قال معاوية لعرابة الأوسي:بأيّ شيءٍ استحققت أن يقول فيك الشّماّخ: رأيت عرابة الأوسيّ يسمـو إلى الخيرات منقطع القرين إذا ما رايةٌ رفعت لمـجـدٍ تلقاّها عـرابة بـالـيمـين فقال:عرابة: سماع هذا من غيري أولى بك وبي يا أمير المؤمنين،فقال: عزمت عليك لتخبرنّي.فقال: بإكرامي جليسي، ومحاماتي على صديقي. فقال معاوية: لقد استحققت.
حكمــــــة
قال ابن شبرمة لابنه: يا بنيّ! إياك وطول المجالسة، فإنّ الأسد إنما يجترىء عليها من أدام النظر إليها. من سوء الأدب في المجالسة: أن تقطع على جليسك حديثه، أو تبدره إلى تمام ما ابتدأ به خبراً كان أو شعراً، تتمّ له البيت الذي بدأ به، وتريه أنك أحفظ منه. فهذا غايةٌ في سوء المجالسة، بل يجب أن تصغي إليه كأنك لم تسمعه قط إلاّ منه.
حكمــــــة
قال حّسان بن عطّية: ما من قوم كانوا في مجلس لغوٍ فختموه بالاستغفار إلاّ كتب لهم مجلسهم ذلك استغفاراً كله. روي عن جماعةٍ من أهل العلم بتأويل القرآن، في قول الله عز وجل: " وسبح بحمد ربك حين تقوم "، منهم مجاهد وأبو الأحوص وعطاء ويحيى بن جعدة قالوا: حين تقوم من كل مجلس تقول فيه: سبحانك اللهم وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك، قالوا: ومن قالها غفر له ما كان منه في المجلس. قال عطاء: إن كنت أحسنت ازددت إحساناً، وإن كان غير ذلك كان كفارة. ومنهم من قال: تقول حين تقوم: سبحان الله وبحمده من كلّ مكانٍ ومن كلّ مجلس.
حكمــــــة
قال بعض قضاة عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- وقد عزله: لم عزلتني: قال: بلغني أنّ كلامك مع الخصمين أكثر من كلام الخصمين. تكلّم ربيعة الرأي يوماً فأكثر الكلام، فأعجبته نفسه، وإلى جنبه أعرابيّ فقال له: يا أعرابي ما تعدّون البلاغة فقال: قلة الكلام.قال: ما تعدون العيّ فيكم؟ فقال: ما كنت فيه منذ اليوم.
حكمــــــة
قيل لبشر بن مالك: ما البلاغة؟ قال: التقرّب من المعنى،والتباعد عن حشّو الكلام،ودلالةٌ بقليل على كثير. سئل عبيد الله بن عتبة: ما البلاغة؟فقال:القصد إلى عين الحجة بتقليل اللفظ. قال غيره: البلاغة معروفة الفصل من الوصل، وفرق ما بين المشترك والمفرد وفصل ما بين المقيّد والمطلق، وما يحتمل التأويل ويستغني عن الدليل.
حكمــــــة
عن عطاء: فضول الكلام ما عدا تلاوة القرآن، والقول بالسنة عند الحاجة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأن تنطق في أمر لا بدَّ لك منه في معيشتك، أما يستحي أحدكم أن لو نشرت عليه صحيفته التي أملاها صدر نهاره أن يرى أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه، ثم تلا: " وإنّ عليكم لحافظين. كراماً كاتبين " و " عن اليمين وعن الشِّمال قعيدٌ، ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيد ".
حكمــــــة
قال أبو العتاهية: من لزم الصَّمت نجا من قال بالخير غنم. اجتمع أربعة حكماء فقال أحدهم: أنا على ردِّ ما لم أقل، أقدر مني على ردّ ما قلت، وقال الآخر: لأن أندم على ما لم أقل، أحبّ إليّ من أن أندم على ما قلت، وقال الثالث: إذا تكلمت بالكلمة ملكتني، فإذا لم أتكلم بها ملكتها، وقال الرابع: عجبت ممن يتكلم بالكلمة، إن ذكرت عنه ضرته، وإن لم تذكر عنه لم تنفعه.
حكمــــــة
وصف أعرابيٌّ الأدب في مجلس معمر بن سليمان، فقال: الأدب أدب الدّين، وهو داعيةٌ إلى التوفيق، وسببٌ إلى السعادة وزادٌ من التقوى، وهو أن تعلم شرائع الإسلام، وأداء الفرائض، وأن تأخذ لنفسك بحظّها من النافلة، وتزيد ذلك بصحّة النية، وإخلاص النفس، وحبّ الخير، منافساً فيه، مبغضاً للشرّ نازعاً عنه، ويكون طلبك للخير، رغبةً في ثوابه، ومجانبتك للّشِّر رهبةٌ من عقابه، فتفوز بالثواب، وتسلم من العقاب، ذلك إذا اعتزلت ركوب الموبقات، وآثرت الحسنات المنجيات.