فوائـد من كتـاب القناعة والعفاف
حكمــــــة
جاء رجل إلى الحسن و الحسين عليهما السلام فسألهما فقالا له: إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لحاجة مجحفة أو لحمالة مثقلة أو دين فادح وأعطياه ثم أتى ابن عمر فأعطاه ولم يسأله عن شيء فقال: أتيت ابني علي وهما أصغر منك سنا فسألاني وقالا لي وأنت لم تسألني عن شيء؟ فقال جدهما رسول الله صلى الله عليه و سلم (إنما كانا يغران العلم غرا)
حكمــــــة
قال علي رضي الله عنه: إن الأمر ينزل من السماء إلى الأرض كقطرات المطر لكل نفس بما كتب الله لها من زيادة أو نقصان في نفس أو أهل أو مال فمن رأى نقصا في أهله أو نفسه أو ماله ورأى لغيره غفيرة فلا تكونن ذلك له فتنة فإن المسلم ما لم يغش دناءة تظهر فيخشع لها إذا ذكرت ويغرى بها لئام الناس كان كالفالح الياسر والذي ينتظر أول فوزة من قداحة توجب له المغنم وتدفع عنه المغرم وكدلك المرء المسلم البريء من الخيانة إحدى الحسنين إذا ما دعى الله فما عند الله خير له وإما أن يرزقه الله تعالى فإذا هو ذو أهل ومال ومعه حسبه ودينه الحرث حرثان فحرث الدنيا: المال والبنون وحرث الأخرة الباقيات الصالحات وقد يجمعها الله تعالى لأقوام قال سفيان: ومن ذا يتكلم بهذا الكلام إلا علي ! !
حكمــــــة
عن عبد الملك بن مروان قال: كنت جالسا عند معاوية فأتي بطعامه فأخذ لقمة فرفعها إلى فيه ثم حدث نفسه ثم أخذها فرفعها إلى فيه ثم حدث نفسه فوضعها فتناولها وأكلها فطلبها فلم يجدها فخطب الناس فيها فقال: أيها الناس اتقوا الله فإنه ما لامرئ منكم إلا ما كتب الله له ووالله إن أحدكم ليرفع اللقمة إلى فيه مرة ومرتين ثم تقضى لغيره.
حكمــــــة
قال أبو حازم المديني: وجدت الدنيا شيئين: فشيء منها هو لي فلن أعجله قبل آجله ولو طلبته بقوة أهل السموات والأرض وشيء منها: هو لغيري فذلك ما لم أنله فيما مضى ولا أرجوه فيما بقي فيمنع الذي لي من غيري كما يمنع الذي لغيري مني ففي أي هذين أفني عمري ووجدت ما أعطيته في الدنيا شيئين فشيء يأتي أجله قبل أجلي فأغلب عليه وشيء يأتي أجلي قبل أجله فأموت وأخلفه لمن بعدي ففي أي هذين أعصي ربي.
حكمــــــة
قال إسماعيل بن زياد: قدم علينا عبد العزيز بن أبي سلمان في بعض قدماته فأتيناه نسلم عليه فقال لنا صفوا للمنعم قلوبكم يكفيكم المؤن عند همكم ثم قال: أرأيت لو خدمت مخلوقا فأطلت خدمته ألم يكن يرعى لخدمتك حرمة فكيف بمن ينعم عليك وأنت تسيء إلى نفسك تتقلب في نعمه وتتعرض لغضبه هيهات همتك همة البطالين ليس لهذا خلقتم ولا بهذا أمرتم الكيس الكيس رحمكم الله تعالى.
حكمــــــة
كتب رجل من الحكماء إلى أخ له كان حريصا على الدنيا: أما بعد فإنك أصبحت تخدم الدنيا وهي تزجر عن نفسها بالإعراض والأمراض والآفات ولعلك كأنك لم تر حريصا محروما ولا زاهدا مرزوقا ولا ميتا عن كثير ولا متبلغا من اليسير حتى إذا خرجوا منها لم يألم فقير بفقره ولم ينتفع غني بغناه مهجورين تحت تراب الأرض منسيين فيها بعد النعمة فما تصنع بدار هذه صفتها وبلي إن استقصرت ليلها ونهارها واغتنمت مرور ساعتها فنعم الدار هي لك وإن امرءا حثه الليل والنهار واستقبل كل شيء منه بالفناء لحري أن يقيل نومه وأن يتوقع يومه والسلام.
حكمــــــة
عن عمرو بن شعيب عن أبيه: عن جده أنه قال: خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا ومن لم تكونا فيه لم يكتب لا شاكرا ولا صابرا من نظر إلى من فوقه في دينه فاقتدى به ونظر إلى من هو دونه في دنياه فحمد الله تعالى على ما فضله عليه كتب شاكرا صابرا ومن نظر إلى من هو دونه في دينه فاقتدى به ونظر إلى من هو فوقه في دنياه فأسف على ما فضله الله عليه لم يكتب شاكرا ولا صابرا.
حكمــــــة
قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: من وعظ أخاه بنصيحة له في دينه ونظر له في صلاح دنياه فقد أحسن صلته وأدى واجب حقه فاتقوا الله فإنها نصيحة لكم في دينكم فاقبلوها وموعظة منجية من العواقب فالزموها فالرزق مقسوم ولن يعدو المرء ما قسم له فأجملوا في الطلب فإن في القنوع سعة بلغة وكفا عن كلفة لا يحل الموت في أعناقكم وجهته أيامكم وما ترون ذاهب وما مضى كأن لم يكن وكل ما هو آت قريب وما رأيتم حالات المنيب وهو يشرف وبعد فراغه وقد ذاق الموت وعائلهم تعجيل إخراج أهله إياه من داره إلى قبره وسرعة انصرافهم إلى مسكنه وجهه مفقود وذكره منسي وبابه عن قليل مهجور كأن لم يخالط إخوان الحفاظ ولم يعمر الديار فاتقوا يوما لا تخفى فيه مثقال حبة في الموازن.
حكمــــــة
قرأ رجل عند عون بن عبد الله الآية " ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب " فقال عون: والله إنه ليرزقنا من حيث لا نحتسب ووالله إنه ليجعل لنا المخرج وما بلغنا كل التقوى وإنا نرجو إن شاء الله أن يفعل بنا في الثالثة كما فعل بنا في الاثنين: " ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا "
حكمــــــة
قال وهب بن منبه لعطاء الخراساني: ويحك يا عطاء ألم أخبر أنك تحمل علمك إلى أبواب الملوك وأبناء الدنيا ويحك يا عطاء تأتي من يغلق عنك بابه ويظهر لك فقره ويواري عنك غناه وتدع من يفتح لك بابه ويظهر لك غناه ويقول: { ادعوني أستجب لكم } يا عطاء أترضى بالدون من الدنيا مع الحكمة ولا ترضى بالدون من الحكمة مع الدنيا ويحك يا عطاء إن كان يغنيك ما يكفيك وإن أدنى ما في الدنيا يكفيك وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس في الدنيا شيء يكفيك ويحك يا عطاء إنما بطنك بحر من البحور وواد من الأودية ولا يملأه شيء إلا التراب.
حكمــــــة
قال: عيسى ابن مريم عليه السلام: اعملوا لله ولا تعملوا لبطونكم وإياكم وفضول الدنيا فإن فضول الدنيا عند الله رجس هذه الطير في السماء تغدو وتروح ليس معها من أرزاقها شيء لا تحرث ولا تحصد الله يرزقها فإن أبيتم وقلتم إن بطوننا أعظم من بطون الطير فهذه الوحوش من البقر والحمير تغدو وتروح ليس معها من شيء لا تحرث ولا تحصد والله يرزقها.
حكمــــــة
قرأ رجل هذه الآية { وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا } فأقبل على سليمان الخواص فقال: يا أبا قدامة ما ينبغي لعبد بعد هذه الآية أن يلجأ إلى أحد غير الله في أمره ثم قال: والله يا أبا قدامة لو عامل عبد الله بحسن التوكل عليه وصدق النية له بطاعته لاحتاجت إليه الأمراء فمن دونهم وكيف يكون هذا يحتاج ومؤمله وملجأه إلى الغني الحميد.