فوائد من كتاب الصمت
عن سالم بن أبي الجعد قال : قال عيسى عليه السلام : طوبى على من بكى خطيئته وخزن لسانه ووسعه بيته .
قال عبد الله بن مسعود رضي رضي الله عنه : والذي لا إله غيره ما على الأرض شيء أفقر و قال أبو معاوية : أحوج إلى طول سجن من لسان .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : لا يتقي الله عز و جل رجل أو أحد حق تقاته حتى يخزن من لسانه .
عن ابن مسعود رضي الله عنه : أنه كان على الصفا يلبي ويقول : يا لسان قل خيرا تغنم أو أنصت تسلم من قبل أن تندم ؟ قالوا : يا ابا عبد الرحمن هذا شيء تقوله أو شيء سمعته ؟ قال : لا بل سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إن أكثر خطايا ابن آدم في لسانه .
عن قيس قال : رأيت أبا بكر رضي الله عنه آخذا بطرف لسانه وهو يقول : هذا أوردني الموارد . قال عبد الله بن عمرو : دع ما لست منه في شيء ولا تنطق فيما لا يعنيك واخزن لسانك كما تخزن ورقك .
عن بكر بن ماعز عن الربيع بن خيثم قال : يا بكر بن ماعز اخزن لسانك إلا مما لك ومما عليك . عن وهب بن منبه قال في حكمة آل داود : حق على العاقل أن يكون عارفا بزمانه حافظا للسانه مقبلا على شانه .
عن يزيد بن حيان التيمي قال : كان يقال : ينبغي للرجل أن يكون أحفظ للسانه منه لموضع قدمه. عن حماد بن زيد قال : بلغني أن محمد بن واسع كان في مجلس فتكلم رجل فأكثر الكلام فقال محمد : ما على أحدهم لو سكت فتنقى وتوفى .
عن الحسن رضي الله عنه قال : ما عقل دينه من لم يحفظ لسانه . عن وهيب بن الورد رحمه الله قال : كان يقال : الحكمة عشرة أجزاء فتسعة منها في الصمت والعاشرة عزلة الناس .
عن الأوزاعي قال : كتب إلينا عمر بن عبد العزيز رحمه الله برسالة لم يحفظها غيري وغير مكحول : أما بعد فإنه من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير ومن عد كلامه من عمله قل كلامه فيما لا ينفعه .
عن عبد الله بن المبارك رحمه الله قال : قال بعضهم في تفسير العزلة : هو أن يكون مع القوم فإن خاضوا في ذكر الله فخض معهم وإن خاضوا في غير ذلك فاسكت .
عن وهيب بن الورد قال : وجدت العزلة في اللسان . عن سفيان قال : قال بعض الماضين : إنما لساني سبع إن أرسلته خفت أن يأكلني .
قال رجل لسلمان رضي الله عنه : أوصني ؟ قال : لا تتكلم قال : وكيف يصبر رجل على أن لا يتكلم ؟ قال : فإن كنت لا تصبر عن الكلام فلا تتكلم إلا بخير أو اصمت .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : يا لسان قل خيرا تغنم أو اسكت عن شر تسلم . عن الأوزاعي قال : قال سليمان بن داود صلى الله عليه و سلم : إن كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب .
عن سفيان قال : قالوا لعيسى ابن مريم عليه السلام دلنا على عمل ندخل به الجنة ؟ قال : لا تنطقوا أبدا قالوا : لا نستطيع ذلك ؟ قال : فلا تنطقوا إلا بخير .
قال مالك بن دينار رحمه الله : لو كلف الناس الصحف لأقلوا الكلام . قال وهيب بن الورد رحمه الله : إن الرجل ليصمت فيجتمع إليه لبه .
قال أبو إسحاق الفزاري : كان إبراهيم بن أدهم رحمه الله يطيل السكوت فإذا تكلم ربما انبسط قال : فأطال ذات يوم السكوت فقلت : لو تكلمت ؟ فقال : الكلام على أربعة وجوه : فمن الكلام كلام ترجو منفعته وتخشى عاقبته والفضل في هذا السلامة منه ومن الكلام كلام لا ترجو منفعته ولا تخشى عاقبته فأقل مالك في تركه خفة المؤنة على بدنك ولسانك ومن الكلام كلام ترجو منفعته وتأمن عاقبته فهذا الذي يجب عليك نشره قال خلف : فقلت لأبي إسحاق : أراه قد أسقط ثلاثة أرباع الكلام ؟ قال : نعم .
قال محمد بن النضر الحارثي : كان يقال : كثرة الكلام تذهب بالوقار . عن الأحنف بن قيس قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : من كثر كلامه كثر سقطه .
عن خلف بن إسماعيل قال : قال لي رجل من عقلاء الهند : كثرة الكلام تذهب بمودة الرجل . قال محمد بن عبد الوهاب الكوفي : الصمت يجمع للرجل خصلتين : السلامة في دينه والفهم عن صاحبه .
قال داود الطائي لمحمد بن عبد العزيز ذات يوم : أما علمت أن حفظ اللسان أشد الأعمال وأفضلها ؟ قال محمد : بلى ؟ وكيف لنا بذلك ؟ .
عن جعفر الخراز قال : سمعت محمد بن واسع يقول لمالك بن ديار : أبا يحيى حفظ اللسان على الناس أشد من حفظ الدنانير والدراهم .
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : اللسان قوام البدن فإذا استقام اللسان استقامت الجوارح وإذا اضطرب اللسان لم يقم له جارحة .
قال الحسن رضي الله عنه : اللسان أمير البدن فإذا جنى على الأعضاء بشيء جنت وإن عف عفت . قال يونس بن عبيد : ما من الناس أحد يكون لسانه منه على بال إلا رأيت صلاح ذلك في سائر عمله .
قيل لأحنف بن قيس يوم قطري : تكلم قال : أخاف ورطة لساني . عن عدي بن حاتم قال : أيمن أحدكم وأشأمه : بين لحييه يعني لسانه .
عن الحسن رضي الله عنه قال : كانوا يتكلمون عند معاوية رضي الله عنه و الأحنف ساكت فقالوا : ما لك لا تتكلم يا أبا بحر قال : أخشى الله إن كذبت وأخشاكم إن صدقت .
قال أبو بكر بن عياش رحمه الله : اجتمع أربع ملوك فرموا رمية واحدة بكلمة واحدة ملك الهند وملك الصين وكسرى وقيصر قال أحدهم : أنا أندم على ما قلت ولا أندم على ما لم أقل وقال الآخر : إني إذا تكلمت ملكتني ولم أملكها وإذا لم أتكلم ملكتها ولم تملكني وقال الثالث : عجبت للمتكلم إن رجعت عليه كلمته ضرته وإن لم ترجح لم تنفعه وقال الرابع : أناعلى رد ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت .
قال الشعبي : قلت للهيثم بن الأسود النخعي : أي الثلاثة أشعر منك ومن الأعور الشني وعبد الرحمن بن حسان بن ثابت حيث تقول أنت : ( وأعلم علما ليس بالظن أنه ... إذا زال مال المرء فهو ذليل ) ( وأن لسان المرء ما لم يكن له ... حصاة على عوراته لدليل ) أم الأعور الشني حيث يقول : ( لسان الفتى نصف فؤاده ... فهل بعد إلا صورة اللحم والدم ) ( وكأين ترى من ساكت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم ) أو عبد الرحمن بن حسان حيث يقول : ( ترى المرء مخلوقا وللعين حظها ... وليس بأحناء الأمور بخابر ) ( وذاك كماء البحر لست مسيغه ... ويعجب منه ساجيا كل ناظر ) فقال الهيثم : هيهات الأعور أشعرنا
قال سلمان رضي الله عنه : أكثر الناس ذنوبا يوم القيامة أكثرهم كلاما في معصية الله . عن حصين بن عقبة قال قال عبد الله : رضي الله عنه : إن أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أنذركم فضول الكلام بحسب أحدكم ما بلغ حاجته . عن علي رضي الله عنه قال : لسان الإنسان قلم الملك وريقه مداده .
عن يعلى بن عبيد قال : دخلنا على محمد بن سوقة فقال : أحدثكم بحديث لعله ينفعكم فإنه قد نفعني قال لنا عطاء بن أبي رباح يا بني أخي إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أن تقرأه أو تأمر بمعروف أو تنهى عن منكر أو تنطق بحاجتك في معيشتك التي لابد لك منها أتنكرون : ( وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين ) ( إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) أما يستحي أحدكم أنه لونشرت عليه صحيفة التي أملى صدر نهاره كان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه ! ! .
عن أبي تميمة السلمي قال : سمعت الأحنف بن قيس يقول : قال الله عز و جل : { عن اليمين وعن الشمال قعيد } فصاحب اليمين يكتب الخير وهو أمير على صاحب الشمال فإن أصاب العبد خطيئة قال : أمسك فإن استغفر الله نهاه أن يكتبها وإن أبى إلا أن يصر كتبها .
عن مجاهد فى قوله عز وجل: { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } قال : الملكان . عن مجاهد قال : إن الكلام ليكتب حتى إن الرجل ليسكت ابنه : أبتاع لك كذا وكذا وأفعل كذا وكذا فيكتب كذيبة .
عن زيد بن علي رضي الله عنه قال : إذا خرجت الكلمة من فم الإنسان نظر الملك فإن كان أراد شرا أمضاها وإن كان لم يرد شرا وإنما كان فلتة قال له صاحبه لا تعجل لعله أن يستغفر الله منها فإن استغفر لم تكتب وكتب له حسنات الاستغفار .
عن الأحنف بن قيس قال : يوحي الله تعالى إلى الحافظين اللذين مع ابن آدم : لا تكتبا على عبدي في ضجره شيئا .
عن الحسن قال : يا ابن آدم بسطت لك صحيفة ووكل بك ملكان كريمان يكتبان عملك فأكثر ما شئت أو أقل . عن شفي الأصبحي قال : من كثر كلامه كثرت خطيئته .
عن طارق بن شهاب قال : بعث سليمان بن داود عليهما السلام بعض عفاريته وبعث نفرا ينظرون ما يقول : ويخبرونه قال : فأخبروه أنه مر على السوق فرفع رأسه إلى السماء ثم نظر إلى الناس وهز رأسه فسأله سليمان لم فعل ذلك ؟ قال : عجبت من الملائكة على رؤوس الناس ما أسرع ما يكتبون ومن الذين أسفل منهم ما أسرع ما يملون .
عن بكر بن ماعز قال : كان الربيع بن خثيم يقول : لا خير في الكلام إلا في تسع : تهليل وتكبير وتسبيح وتحميد وسؤالك من الخير وتعوذك من الشر وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر وقراءتك للقرآن .
ذكر الحسن عن إبراهيم التيمي قال : المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر فإن كان كلامه له تكلم وإلا أمسك عنه والفاجر إنما لسانه رسلا رسلا .
عن الحسن رضي الله عنه قال : من كثر ماله كثرت ذنوبه ومن كثر كلامه كثر كذبه ومن ساء خلقه عذب نفسه .
قال عقيل بن مدرك : أن رجلا قال لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أوصني قال : عليك بالصمت إلا في حق فإنك به تغلب الشيطان .
كان طاوس يعتذر من طول السكوت ويقول : إني جربت لساني فوجدته لئيما راضعا . عن الشعبي قال : ما من خطيب يخطب إلا عرضت عليه خطبته يوم القيامة .
عن رجاء أبي المقدام عن نعيم كاتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال : قال عمر بن عبد العزيز : إنه ليمنعني من كثير الكلام مخافة المباهاة .
عن عبيد الله بن أبي جعفر وكان أحد الحكماء قال في بعض قوله : إذا كان المرء يحدث في مجلس فأعجبه الحديث فليسكت وإن كان ساكتا فأعجبه السكوت فليتحدث .
عن يزيد بن أبي حبيب رضي الله عنه قال : من فتنة العالم أن يكون الكلام أحب إليه من الاستماع وإن وجد من يكفيه فإن في الاستماع سلامة وزيادة في العلم والمستمع شريك المتكلم في الكلام إلا من عصم الله ترمق وتزين وزيادة ونقصان .
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : إن أحق ما طهر الرجل لسانه . رأى أبو الدرداء رضي الله عنه امرأة سليطة اللسان فقال لو كانت هذه خرساء كان خيرا لها .
عن عطاء فى قوله عز وجل : { وأصلحنا له زوجه } [ سورة الأنبياء : 90 ] قال : كان في لسانها طول . عن حماد عن إبراهيم رحمه الله قال : يهلك الناس في خلتين فضول المال وفضول الكلام .
عن إبراهيم التيمي رحمه الله قال : ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذبا . عن محمد بن سيرين قال : كان رجل من الأنصار يمر بمجلس لهم فيقول : توضئوا فإن بعض ما تقولون شر من الحدث .
عن منصور عن إبراهيم قال : الوضوء من الحدث وأذى المسلم . قيل للقمان الحكيم : ما حكمتك ؟ قال : لا أسأل عما كفيت ولا أتكلف ما لا يعنيني .
عن زيد بن أسلم قال : دخل على أبي دجانة وهو مريض ووجهه يتهلك فقال : ما من عملي شيء أوثق في نفسي من اثنين : لم أتكلم فيما لا يعنيني وكان قلبي للمسلمين سليما .
عن عمرو بن قيس : أن رجلا مر بلقمان والناس عنده فقال : ألست عبد بني فلان ؟ قال : بلى قال : الذي كنت ترعى عند جبل كذا وكذا ؟ قال : بلى قال : فما الذي بلغ ما أرى ؟ قال : صدق الحديث وطول السكوت عما لا يعنيني .
عن داود بن أبي هند قال : بلغني أن معاوية رضي الله عنه قال لرجل : ما بقي من حلمك ؟ قال : لا يعنيني ما لا يعنيني .
قال مروق العجلي : أمر أنا أطلبه منذ عشر سنين لم أقدر عليه ولست بتارك طلبه قالوا : ما هو يا أبا المعتمر ؟ قال : الصمت عما لا يعنيني .
عن جعفر بن سليمان قال : سمعت شميطا العنسي يقول : من لزم ما يعنيه أوشك أن يترك ما لا يعنيه . عن أبي جعفر قال : كفى عيبا أن يبصر العبد من الناس ما يعمى عليه من نفسه وأن يؤذي جليسه فيما لا يعنيه .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا تعرض لما لا يعنيك واعتزل عدوك واحذر صديقك من القوم إلا الأمين ولا أمين إلا من خشي الله تعالى ولا تصحب الفاجر فيعلمك من فجوره ولا تطلعه على سرك واستشر في أمرك الذين يخشون الله .
قال عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله : لا أماري صاحبي فإما أن أكذبه وإما أن أعصيه . عن محمد بن واسع قال : كان مسلم بن يسار يقول : إياكم والمراء فإنها ساعة جهل العالم وبها يبتغي الشيطان زلته قال حماد : فقال لنا محمد : هذا الجدال هذا الجدال .
عن محمد بن واسع قال : رأيت صفوان بن محرز في المسجد وقريبا منه ناس يتجادلون فرأيته قام فنفض ثيابه وقال : إنما أنتم جرب مرتين .
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : المراء لا تعقل حكمته ولا تؤمن فتنته . عن عمرو بن مهاجر قال : سمعت عمر بن عبد العزيز قال : إذا سمعت المراء فأقصر .
سمع الربيع بن خيثم رجلا يلاحي رجلا فقال : مه لا تلفظ إلا بخير ولا تقل لأخيك إلا ما تحب أن تسمعه من غيرك فإن العبد مسؤول عن لفظه محصي عليه ذلك كله { أحصاه الله ونسوه } [سورة المجادلة : 6 ] .
قال أبو الدرداء رضي الله عنه : كفى بك إثما أن لا تزال مماريا . عن محمد بن سيرين قال : كنا نتحدث أن أكثر الناس خطايا أفرغهم لذكر خطايا الناس .
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا يتعلم العلم لثلاث ولا يترك لثلاث : لا يتعلم ليمارى به ولا يباهى به ولا يراءى به ولا يترك حياء من طلبه ولا زهادة فيه ولا رضا بالجهل منه .
عن مجاهد رحمه الله قال : كان لي صديق من قريش فقلت له : تعالى حتى أواضعك الرأي فانظر أين تقع من رأيي وأين أقع من رأيك ؟ فقال : دع الود كما هو قال مجاهد : فغلبني القرشي .
عن عبد العزيز بن حصين قال : بلغني أن عيسى ابن مريم عليه السلام قال : من كثر كذبه ذهب جماله ومن لاحى الرجال سقطت مروءته ومن كثر همه سقم جسمه ومن ساء خلقه عذب نفسه .
عن شهر بن حوشب قال : قال لقمان عليه السلام لابنه : أي بني لا تعلم العلم تباهي به العلماء أو تماري به السفهاء أو ترائي به في المجالس .
عن مجاهد رضي الله عنه قال : لا تمار أخاك ولا تفاكهه يعني المزاح . عن علي بن بذيمة قال : قيل لميمون من مهران : ما لك لا يفارقك أخ لك عن قلى ؟ قال : إني لا أشاريه ولا أماريه.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن شقاشق الكلام من شقاشق الشيطان . عن محمد بن علي قال : لا تجالسوا أصحاب الخصومات فإنهم يخوضون في آيات الله .
قال أبو جعفر : إياكم والخصومة فإنها تمحق الدين وحدثني من سمعه يقول : وتورث الشنآن وتذهب الاجتهاد . عن عبد الكريم أبي أمية قال : ما خاصم ورع قط يعني في الدين .
عن صالح بن مسلم قال : قال عامر : لقد تركتني هذه الصعافقة وللمسجد أبغض إلي من كناسة داري يعني أصحاب القياس .
عن سلم ابن قتيبة قال : مر بي بشير بن عبيد الله بن أبي بكرة فقال : ما يجلسك ؟ قلت : خصومة بيني وبين ابن عم لي ادعى أشياء في داري قال : فإن لأبيك عندي يدا وإني أريد أن أجزيك بها وإني والله ما رأيت من شيء أذهب لدين ولا أنقص لمروءة ولا أضيع للذة ولا أشغل لقلب من خصومة قال : فقمت لأرجع فقال خصمي : مالك قلت : لا أخاصمك قال : عرفت أنه حقى ؟ قلت : لا ولكني أكرم نفسي عن هذا وسأبقيك بحاجتك قال : فإني لا أطلب منك شيئا هو لك قال : فمررت بعد ببشير وهو يخاصم فذكرته قوله : قال : لو كان قدر خصومتك عشر مرات فعلته ولكنه مرغاب أكثر من عشرين ألف ألف.
عن فضيل قال : : قال إبراهيم : ما خاصمت ؟ قلت : لا قال : قط ؟ قال قلت : قط ؟ قال ابن داود : كذا يعني . قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل .
عن قيس قال : مر عمرو بن العاص رضي الله عنه على بغل ميت فقال : والله لأن يأكل أحدكم من لحم هذا خير له من أن يأكل لحم أخيه .
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : من أكل لحم أخيه في الدنيا قرب إليه لحمه في الآخرة فقيل له : كله ميتا كما أكلته حيا فيأكله ويضج ويكلح .
عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني قال : اتقوا المفطرين : الغيبة والكذب . عن مجاهد فى قوله تعالى : { ويل لكل همزة لمزة } قال : الهمزة الطعان في الناس واللمزة : الذي يأكل لحوم الناس .
عن الربيع بن صبيح : أن رجلين كانا قاعدين عند باب من أبواب المسجد الحرام فمر بهما رجل كأنه مخنث فترك ذاك فقالا : لقد بقي فيه منه شيء فأقيمت الصلاة فدخلا فصليا مع الناس فحاك في أنفسهما مما قالا فأتيا عطاء رضي الله عنه فسألاه ؟ فأمرهما أن يعيدا الوضوء والصلاة وكانا صائمين فأمرهما أن يقضيا صيام ذلك اليوم .
عن خالد الربعي قال : دخلت المسجد فجلست إلى قوم فذكروا رجلا فنهيتهم عنه فكفوا ثم جرى بهم الحديث حتى عادوا في ذكره فدخلت معهم في شيء فلما كان من الليل رأيت في المنام كأن شيئا أسود طويلا جدا معه طبق خلاف أبيض عليه لحم خنزير فقال : كل قلت : آكل لحم خنزير والله لا آكله فأخذ بقفاي وقال : كل [ وانتهرني ] انتهارة شديدة ودسه في فمي فجعلت ألوكه ولا أسيغه وأفرق أن ألقيه واستيقظت قال : فمحلوفه لقد مكثت ثلاثين يوما وثلاثين ما آكل طعاما إلا وجدت طعم ذلك اللحم في فمي.
عن وهب بن منبه : أن ذا القرنين عليه السلام قال لبعض الأمم : ما بال كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة ؟ قالوا إنا من قبيل لا نتخادع ولا يغتاب بعضنا بعضا .
عن كعب قال : الغيبة تحبط العمل . عن قتادة قال : ذكر لنا عذاب القبر ثلاثة أثلاث : ثلث من الغيبة وثلث من البول وثلث من النميمة .
عن الضحاك في قوله تعالى : { ولا تلمزوا أنفسكم } قال : اللمز : الغيبة . قال الحسن : والله للغيبة أسرع في دين المؤمن من الأكلة في جسده .
عن عتاب بن بشير بن خصاف و خصيف و عبد الكريم بن مالك قالوا : أدركنا السلف وهم لا يرون العبادة في الصوم ولا في الصلاة ولكن في الكف عن أعراض الناس .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوبك . قال أبو هريرة رضي الله عنه : يبصر أحدكم القذى في عين أخيه وينسى الجذل في عينيه .
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : لا تشغلوا أنفسكم بذكر الناس فإنه بلاء وعليكم بذكر الله فإنه رحمة .
كتب سلمان إلى أبي الدرداء رضي الله عنهما : أما بعد فإني أوصيك بذكر الله فإنه دواء وأنهاك عن ذكر الناس فإنه داء . قال الأحنف بن قيس : ما ذكرت أحدا بسوء بعد أن يقوم من عندي .
كان الحسن رضي الله عنه يقول : ابن آدم إنك لن تصيب حقيقة الإيمان حتى لا تعيب الناس بعيب هو فيك وحتى تبدأ بصلاح ذلك العيب فتصلحه من نفسك فإذا فعلت ذلك كان شغلك في خاصة نفسك وأحب العباد إلى الله من كان هكذا .
عن عون بن عبد الله قال : ما أحسب أحدا تفرغ لعيوب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه . قال بكر بن عبد الله : إذا رأيتم الرجل مولعا بعيوب الناس ناسيا لعيبه فاعلموا أنه قد مكر به .
كان الأحنف بن قيس إذا ذكر عنده رجل قال : دعوه يأكل رزقه ويأتي عليه أجله. عن سنان بن سلمة قال : كنت مع أبي عند ابن عمر رضي الله عنهما فسئل عن الغيبة ؟ فقال ابن عمر رضي الله عنهما : الغيبة : أن تقول ما فيه والبهتان : أن تقول ما ليس فيه .
عن عون بن عبد الله قال : إذا قلت ما في الرجل وانت تعلم أنه يكره ذلك فقد اغتبته وإذا قلت ما ليس فيه فقد بهته .
كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : الغيبة : أن تذكر من أخيك ما تعلم فيه وإذا قلت ما ليس فيه فذلك البهتان . قال الحسن : يخشون أن يكون قولنا : حميد الطويل : غيبة .
ذكر ابن سيرين رجلا فقال : ذاك الرجل الأسود ثم قال : استغفر الله إني أراني قد اغتبته . عن هشام بن حسان قال : الغيبة أن يقول الرجل ما هو فيه مما يكره .
عن زيد بن أسلم قال : إنما الغيبة لمن لم يعلن بالمعاصي . عن إبراهيم قال : ثلاث كانوا لا يعدونهن من الغيبة : الإمام الجائر والمبتدع والفاسق المجاهر بفسقه .
عن إبراهيم قال : ثلاثة ليس لهم غيبة : الظالم والفاسق وصاحب البدعة . عن إبراهيم قال: كانوا لا يرونها غيبة ما لم يسم صاحبها .
عن الحسن قال : من دعا لظالم ببقاء فقد أحب أن يعصى الله عز و جل . عن الصلت بن طريف قال : قلت للحسن رضي الله عنه : الرجل الفاجر المعلن بفجوره ذكري له بما فيه غيبة ؟ قال : لا ولا كرامة .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ليس لفاجر حرمة وكان رجل قد خرج مع يزيد بن المهلب فكان الحسن إذا ذكره هرته .
عن حميد الطويل قال : ذكروا الغيبة عند سعيد بن جبير فقال : ما استقبلته به ثم قلته من ورائه فليس بغيبة . عن الحسن رضي الله عنه قال : إذا ظهر فجوره فلا غيبة له قال : نحو المخنث ونحو الحرورية .
عن الحسن رضي الله عنه قال : ثلاثة ليس لهم غيبة : صاحب هوى والفاسق المعلن بالفسق والإمام الجائر .
عن زائدة بن قدامة قال : قلت لمنصور بن المعتمر : إذا كنت صائما أنال من السلطان ؟ قال : لا قلت : فأنال من أصحاب الأهواء ؟ قال : نعم .
عن الصلت بن طريف المغولي قال : سألت الحسن رضي الله عنه قلت : رجل قد علمت عنه الفجور وقتلته علما أفذكري له غيبة ؟ قال : لا ولا نعمت عين للفاجر.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : من نصر أخاه المسلم بالغيب نصره الله في الدنيا والآخرة .
عن أبي وائل أن عمر رضي الله عنه قال : مايمنعكم إذا رأيتم السفيه يخرق أعراض الناس أن تعربوا عليه ؟ قالوا : نخاف لسانه ! قال : ذاك أدنى أن لا تكونوا شهداء .
كان بين سعد و خالد رضي الله عنهما كلام فذهب رجل يقع في خالد رضي الله عنه عند سعد رضي الله عنه فقال : مه إن ما بيننا لم يبلغ ديننا .
قال مولى لعمرو بن عتبة بن أبي سفيان : رآني عمرو بن عتبة وأنا مع رجل وهو يقع في آخر فقال لي : ويلك ولم يقلها لي قبلها ولابعدها نزه سمعك عن استماع الخنا كما تنزه لسانك عن القول به فإن المستمع شريك القائل وإنما نظر إلى شر ما في وعائه ولو ردت كلمة سفيه فيه لسعد بها رادها كما شقي بها قائلها .
عن حزم قال : كان ميمون بن سياه لايغتاب ولا يدع أحدا عنده يغتاب ينهاه فإذا إنتهى وإلا قام . عن علي رضي الله عنه قال : القائل الكلمة الزور والذي يمد بحبلها في الإثم سواء .
عن جبير بن نفير الحضرمي : أنه سمع أبا الدرداء رضي الله عنه يقول : أيما رجل أشاع على رجل كلمة وهو منها بريء ليشينه بها في الدنيا كان حقا على الله أن يذيبه بها يوم القيامة في النار .
عن أنس رضي الله عنه قال : من أكل بأخيه المسلم أكلة أطعمه الله بها أكلة من النار ومن لبس بأخيه المسلم ثوبا ألبسه الله به ثوبا من النار ومن قام بأخيه المسلم مقام سمعة ورياء أقامه الله مقام رياء وسمعة .
عن علي رضي الله عنه قال : القائل الكلمة الزور والذي يمد بحبلها في الإثم سواء . عن شبيل بن عوف رحمه الله قال : كان يقال : من سمع بفاحشة فأفشاها فهو كالذي أبداها .
عن أبي الجوزاء قال : قلت لابن عباس رضي الله عنهما : أخبرني من هذا الذي ندبه الله بالويل ؟ فقال : { ويل لكل همزة } ؟ قال : هو المشاء بالنميمة المفرق بين الإخوان والمغري بين الجميع .
عن مجاهد فى قوله تعالى : { حمالة الحطب } قال : كانت تشمي بالنميمة . عن يزيد بن كعب رضي الله عنه قال : اتقوا النميمة فإن صاحبها لا يستريح من عذاب القبر .
عن عمرو بن ميمون قال : لما تعجل موسى عليه السلام إلى ربه رأى تحت ظل العرش رجلا فغبطه بمكانه وقال : إن هذا لكريم على ربه فسأل ربه أن يخبره باسمه ؟ فلم يخبره فقال : أحدثك من أمره بثلاث : كان لا يحسد الناس على ما أتاهم الله من فضله وكان لا يعق والديه ولا يمشي بالنميمة .
عن عبد الرحمن بن يزيد قال : كانت لنا جارية أعجمية فحضرتها الوفاة فجعلت تقول : هذا فلان يمرغ في الحمأة فلما ماتت سألنا عن الرجل ؟ فقالوا : ما كان به بأس إلا أنه كان يمشي بالنميمة .
عن حميد : أن رجلا ساوم بعبد فقال مولاه : إني أبرأ إليك من النميمة ؟ فقال : نعم : أنت بريء منها قال : فاشتراه فجعل يقول لمولاه : إن امرأتك تبغي وتفعل وتفعل وإنها تريد أن تقتلك ويقول للمرأة : إن زوجك يريد أن يتزوج عليك ويتسرى عليك فإن أردت أن أعطفه عليك فلا يتزوج عليك ولا يتسرى فخذى الموسى فاحلقى شعره من حلقه إذا نام وقال للزوج إنها تريد أن تقتلك إذا نمت قال : فذهب فتناوم لها وجاءت بموسى لتحلق شعرة من حلقه فأخذها بيدها فقتلها فجاء أهلها فاستعدوا فقتلوه .
عن سليمان بن بريدة قال : سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول في قوله { فخانتاهما } قال : لم يكن زنا ولكن امرأة نوح كانت تخبر أنه مجنون وامرأة لوط تخبر بالضيف إذا نزل . عن بزيغ قال : سمعت الضحاك يقول : كانت خيانتهما النميمة .
عن مالك بن أسماء بن خارجة قال : كنت مع أبي أسماء إذ جاء رجل إلى أمير من الأمراء فأثنى عليه وأطراه ثم جاء إلى أبي اسماء فجلس إليه وهو جالس في جانب الدار فجرى حديثهما فما برح حتى وقع فيه فقال أبو اسماء : سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول : إن ذا اللسانين في الدنيا له يوم القيامة لسانان من نار .
عن عريب الهمذاني قال : قلت لابن عمر رضي الله عنهما : إنا إذا دخلنا على الأمراء زكيناهم بما ليس فيهم فإذا خرجنا دعونا عليهم ؟ قال كنا نعد ذلك النفاق .
عن إبراهيم رحمة الله عليه قال : إني أجد نفسي تحدثني بالشيء فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن أبتلى به .
عن صالح المري قال : سمعت الحسن رحمه الله يقول : كانوا يقولون : من رمى أخاه بذنب قد تاب إلى الله منه لم يمت حتى يبتليه الله به .
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز و جل : { يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها } [ سورة الكهف : 49 ] قال : الصغيرة : التبسم بالاستهزاء بالمؤمن والكبيرة : القهقهة بذلك .
عن مجاهد قال : كفارة أكلك لحم أخيك أن تثني عليه وتدعو له بخير . عن عطاء بن أبي رباح : أنه سئل عن التوبة من الفرية ؟ قال : تمشي إلى صاحبك فتقول : كذبت بما قلت لك وظلمت واسأت فإن أخذت فبحقك وإن شئت عفوت.
عن أبي حازم قال : من اغتاب أخاه فليستغفر له فإن ذلك كفارة لذلك . سمع المهلب بن أبي صفرة رجلا يغتاب رجلا فقال : أكفف فوالله لا ينقى فوك من سهكها .
عن مالك بن دينار رحمه الله قال : مر عيسى عليه السلام والحواريون على جيفة كلب فقال الحواريون : ما أنتن ريح هذا ! فقال عيسى عليه السلام : ما أشد بياض لسانه يعظهم وينهاهم عن الغيبة .
عن حسين قال : سمع علي بن حسين رجلا يغتاب رجلا فقال : إياكوالغيبة فإنها إدام كلاب الناس . سمع قتيبة بن مسلم رجلا يغتاب رجلا فقال : أما والله لقد تلمظت بمضغة طالما لفظتها الكرام .
قال منصور بن راذان : إن الرجل من إخواني يلقاني فأفرح إن لم يسؤني في صديقي ويبلغني الغيبة ممن اغتابني وإني لفي جهد من جليسي حتى يفارقني مخافة أن يأثم ويؤثمني .
عن الحسن رحمه الله : إياكم والغيبة والذي نفسي بيده لهي أسرع في الحسنات من النار في الحطب . عن سفيان سمع محمد بن المنكدر يقول : يمكنكم من الجنة إطعام الطعام وطيب الكلام .