فوائد من كتاب الصمت
حكمــــــة
قال أبو إسحاق الفزاري: كان إبراهيم بن أدهم رحمه الله يطيل السكوت فإذا تكلم ربما انبسط قال: فأطال ذات يوم السكوت فقلت: لو تكلمت؟ فقال: الكلام على أربعة وجوه: فمن الكلام كلام ترجو منفعته وتخشى عاقبته والفضل في هذا السلامة منه ومن الكلام كلام لا ترجو منفعته ولا تخشى عاقبته فأقل مالك في تركه خفة المؤنة على بدنك ولسانك ومن الكلام كلام ترجو منفعته وتأمن عاقبته فهذا الذي يجب عليك نشره قال خلف: فقلت لأبي إسحاق: أراه قد أسقط ثلاثة أرباع الكلام؟ قال: نعم.
حكمــــــة
قال أبو بكر بن عياش رحمه الله: اجتمع أربع ملوك فرموا رمية واحدة بكلمة واحدة ملك الهند وملك الصين وكسرى وقيصر قال أحدهم: أنا أندم على ما قلت ولا أندم على ما لم أقل وقال الآخر: إني إذا تكلمت ملكتني ولم أملكها وإذا لم أتكلم ملكتها ولم تملكني وقال الثالث: عجبت للمتكلم إن رجعت عليه كلمته ضرته وإن لم ترجح لم تنفعه وقال الرابع: أناعلى رد ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت.
حكمــــــة
قال الشعبي: قلت للهيثم بن الأسود النخعي: أي الثلاثة أشعر منك ومن الأعور الشني وعبد الرحمن بن حسان بن ثابت حيث تقول أنت: (وأعلم علما ليس بالظن أنه... إذا زال مال المرء فهو ذليل) (وأن لسان المرء ما لم يكن له... حصاة على عوراته لدليل) أم الأعور الشني حيث يقول: (لسان الفتى نصف فؤاده... فهل بعد إلا صورة اللحم والدم) (وكأين ترى من ساكت لك معجب... زيادته أو نقصه في التكلم) أو عبد الرحمن بن حسان حيث يقول: (ترى المرء مخلوقا وللعين حظها... وليس بأحناء الأمور بخابر) (وذاك كماء البحر لست مسيغه... ويعجب منه ساجيا كل ناظر) فقال الهيثم: هيهات الأعور أشعرنا
حكمــــــة
عن يعلى بن عبيد قال: دخلنا على محمد بن سوقة فقال: أحدثكم بحديث لعله ينفعكم فإنه قد نفعني قال لنا عطاء بن أبي رباح يا بني أخي إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أن تقرأه أو تأمر بمعروف أو تنهى عن منكر أو تنطق بحاجتك في معيشتك التي لابد لك منها أتنكرون: (وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين) (إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) أما يستحي أحدكم أنه لونشرت عليه صحيفة التي أملى صدر نهاره كان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه ! !.
حكمــــــة
عن طارق بن شهاب قال: بعث سليمان بن داود عليهما السلام بعض عفاريته وبعث نفرا ينظرون ما يقول: ويخبرونه قال: فأخبروه أنه مر على السوق فرفع رأسه إلى السماء ثم نظر إلى الناس وهز رأسه فسأله سليمان لم فعل ذلك؟ قال: عجبت من الملائكة على رؤوس الناس ما أسرع ما يكتبون ومن الذين أسفل منهم ما أسرع ما يملون.
حكمــــــة
عن سلم ابن قتيبة قال: مر بي بشير بن عبيد الله بن أبي بكرة فقال: ما يجلسك؟ قلت: خصومة بيني وبين ابن عم لي ادعى أشياء في داري قال: فإن لأبيك عندي يدا وإني أريد أن أجزيك بها وإني والله ما رأيت من شيء أذهب لدين ولا أنقص لمروءة ولا أضيع للذة ولا أشغل لقلب من خصومة قال: فقمت لأرجع فقال خصمي: مالك قلت: لا أخاصمك قال: عرفت أنه حقى؟ قلت: لا ولكني أكرم نفسي عن هذا وسأبقيك بحاجتك قال: فإني لا أطلب منك شيئا هو لك قال: فمررت بعد ببشير وهو يخاصم فذكرته قوله: قال: لو كان قدر خصومتك عشر مرات فعلته ولكنه مرغاب أكثر من عشرين ألف ألف.
حكمــــــة
عن الربيع بن صبيح: أن رجلين كانا قاعدين عند باب من أبواب المسجد الحرام فمر بهما رجل كأنه مخنث فترك ذاك فقالا: لقد بقي فيه منه شيء فأقيمت الصلاة فدخلا فصليا مع الناس فحاك في أنفسهما مما قالا فأتيا عطاء رضي الله عنه فسألاه؟ فأمرهما أن يعيدا الوضوء والصلاة وكانا صائمين فأمرهما أن يقضيا صيام ذلك اليوم.
حكمــــــة
عن خالد الربعي قال: دخلت المسجد فجلست إلى قوم فذكروا رجلا فنهيتهم عنه فكفوا ثم جرى بهم الحديث حتى عادوا في ذكره فدخلت معهم في شيء فلما كان من الليل رأيت في المنام كأن شيئا أسود طويلا جدا معه طبق خلاف أبيض عليه لحم خنزير فقال: كل قلت: آكل لحم خنزير والله لا آكله فأخذ بقفاي وقال: كل [وانتهرني] انتهارة شديدة ودسه في فمي فجعلت ألوكه ولا أسيغه وأفرق أن ألقيه واستيقظت قال: فمحلوفه لقد مكثت ثلاثين يوما وثلاثين ما آكل طعاما إلا وجدت طعم ذلك اللحم في فمي.
حكمــــــة
عن حميد: أن رجلا ساوم بعبد فقال مولاه: إني أبرأ إليك من النميمة؟ فقال: نعم: أنت بريء منها قال: فاشتراه فجعل يقول لمولاه: إن امرأتك تبغي وتفعل وتفعل وإنها تريد أن تقتلك ويقول للمرأة: إن زوجك يريد أن يتزوج عليك ويتسرى عليك فإن أردت أن أعطفه عليك فلا يتزوج عليك ولا يتسرى فخذى الموسى فاحلقى شعره من حلقه إذا نام وقال للزوج إنها تريد أن تقتلك إذا نمت قال: فذهب فتناوم لها وجاءت بموسى لتحلق شعرة من حلقه فأخذها بيدها فقتلها فجاء أهلها فاستعدوا فقتلوه.
حكمــــــة
عن مالك بن أسماء بن خارجة قال: كنت مع أبي أسماء إذ جاء رجل إلى أمير من الأمراء فأثنى عليه وأطراه ثم جاء إلى أبي اسماء فجلس إليه وهو جالس في جانب الدار فجرى حديثهما فما برح حتى وقع فيه فقال أبو اسماء: سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: إن ذا اللسانين في الدنيا له يوم القيامة لسانان من نار.