تعظيم قدر الصلاة - 3
تعظيم قدر الصلاة - 3
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
قال أبو عبد الله: وأما احتجاجهم بأن الله جعل اسم مؤمن اسم ثناء وتزكية، وأوجب عليه الجنة ثم أوجب النار على الكبائر فدل بذلك على أن اسم الإيمان زائل عن كل من أتى كبيرة، فإنا نقول: إن اسم المؤمن قد يطلق على وجهين: اسم بالخروج من ملل الكفر والدخول في الإسلام وبه تجب الفرائض التي أوجبها الله على المؤمنين ويجري عليه الأحكام والحدود التي جعلها الله بين المؤمنين، واسم يلزم بكمال الإيمان وهو اسم ثناء وتزكية يجب به دخول الجنة والفوز من النار، فالمؤمنون الذين خاطبهم الله بالفرائض والحلال والحرام والأحكام والحدود الذين لزمهم الاسم بالدخول في الإسلام بالإقرار والتصديق والخروج من ملل الكفر، والمؤمنون الذين زكاهم وأثنى عليهم، ووعدهم الجنة هم الذين أكملوا إيمانهم باجتناب كل المعاصي واجتناب الكبائر دل على ذلك في آيات كثيرة نعت فيها المؤمنين ثم وعدهم الجنة على تلك النعوت، قال الله: {بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله} [التوبة: 71]. ثم قال: {وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار} [التوبة: 72] يريد هؤلاء الذين نعتهم بهذه النعوت. وقال: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم} [الأنفال: 3] فوصفهم بالأعمال الصالحة ثم أوجب لهم الجنة، وقال: {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون} [المؤمنون: 1] إلى قوله: {أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون} [المؤمنون: 10] فأوجب لهم الجنة بعدما وصفهم بالأعمال التي بها يكمل الإيمان، وقال: {ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا} [الكهف: 2]. وقال: {ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى} [طه: 75].