انواع الفسق والشرك والكفر
انواع الفسق والشرك والكفر
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي
قال أبو عبد الله: وقالت طائفة ثالثة وهم الجمهور الأعظم من أهل السنة والجماعة وأصحاب الحديث: الإيمان الذي دعا الله العباد إليه، وافترضه عليهم هو الإسلام الذي جعله دينا وارتضاه لعباده ودعاهم إليه، وهو ضد الكفر الذي سخطه فقال: {ولا يرضى لعباده الكفر} [الزمر: 7] وقال: {ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة: 3] وقال: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} [الأنعام: 125] وقال: {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه} [الزمر: 22] فمدح الله الإسلام بمثل ما مدح به الإيمان، وجعله اسم ثناء وتزكية، فأخبر أن من أسلم فهو على نور من ربه، وهدى، وأخبر أنه دينه الذي ارتضاه، فقد أحبه وامتدحه، ألا ترى أن أنبياء الله ورسله رغبوا فيه إليه، وسألوه إياه، فقال إبراهيم خليل الرحمن، وإسماعيل ذبيحه: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} [البقرة: 128]. وقال يوسف: {توفني مسلما وألحقني بالصالحين} [يوسف: 101] وقال: {ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [البقرة: 132] وقال: {وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا} [آل عمران: 20] وقال في موضع آخر: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم} [البقرة: 136]. إلى قوله: {ونحن له مسلمون فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا} [البقرة: 137]. فحكم الله بأن من أسلم فقد اهتدى، ومن آمن فقد اهتدى فقد سوى بينهما قال أبو عبد الله: وقد ذكرنا تمام الحجة في أن الإسلام هو الإيمان وأنهما لا يفترقان، ولا يتباينان من الكتاب والأخبار الدالة على ذلك في موضع غير هذا، فتركنا إعادته في هذا الموضع كراهية التطويل والتكرير غير أنا سنذكر ههنا من الحجة في ذلك ما لم نذكره في غير هذا الموضع، ونبين خطأ تأويلهم، والحجج التي احتجوا بها من الكتاب والأخبار التي استدلوا بها على التفرقة بين الإسلام والإيمان قال الله عز وجل: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} [الحجرات: 17] فدل ذلك على أن الإسلام هو الإيمان.