ثانيا : في موكب مفاتيح الخير
ثانيا : في موكب مفاتيح الخير
مفاتيح الخير - بدر عبدالحميد هميسه
يروى أيضاً عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حينما فرغ من دفن سليمان بن عبد
الملك الخليفة الذي كان قبله، وانتهى من الخطبة التي افتـتح بهـا حكمه بعد أن بايعه الناس، ينزل عن المنبر ويتجه إلى بيته، ويأوي إلى حجرته يبتغي أن يصيب ساعة من الراحة بعد هذا الجهد، وذلك العناء اللذين كان فيهما منذ وفاة الخليفة سليمان بن عبد الملك. وما يكاد يسلم جنبه إلى مضجعه حتى يقبل عليه ولده عبد الملك - وكان يومئذ يتجه نحو السابعة عشرة من عمره - ويقول له: ماذا تريد أن تصنع يا أمير المؤمنين؟ فقال: يا بني، أريد أن أغفو قليلا، فلم تبق في جسدي طاقة، فقال: أتغفو قبل أن ترد المظالم إلى أهلها يا أميـر المؤمنين؟ فقال: أي بني، إني قد سهرت البارحة في عمك سليمان،
وإني إذا حان الظهر صليت في الناس، ورددت المظالم إلى أهلها إن شاء الله، فقال: ومن لك يا أمير المؤمنين بان تعيش إلـى الظهـر؟ فألهبت هذه الكلمة عزيمة عمر، وأطارت النوم من عينيـه وبعثـت القوة والعزم في جسده المتعب، وقال: ادن مني أي بني، فدنا منـه،
فضمه إليه، وقبل ما بين عينيه، وقال: الحمدلله الذي أخـرج مـن صلبي، من يعينني على ديني، ثم قام، وأمر أن ينادي في الناس: ألا من كانت له مظلمة فليرفعها.