الزواجر عن اقتراف الكبائر - 6
الزواجر عن اقتراف الكبائر - 6
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
كان بعض الصلحاء يجلس بجانب ملك ينصحه ويقول له: أحسن إلى المحسن بإحسانه فإن المسيء ستكفيه إساءته، فحسده على قربه من الملك بعض الجهلة وأعمل الحيلة على قتله، فسعى به للملك فقال له: إنه يزعم أنك أبخر، وأمارة ذلك أنك إذا قربت منه يضع يده على أنفه لئلا يشم رائحة البخر، فقال: له انصرف حتى أنظر، فخرج فدعا الرجل لمنزله وأطعمه ثوما فخرج الرجل من عنده وجاء للملك وقال له مثل قوله السابق: أحسن للمحسن كعادته، فقال له الملك: ادن مني فدنا منه فوضع يده على أنفه مخافة أن يشم الملك منه رائحة الثوم، فقال الملك في نفسه: ما أرى فلانا إلا قد صدق، وكان الملك لا يكتب بخطه إلا بجائزة أو صلة فكتب له بخطه لبعض عماله: إذا أتاك صاحب كتابي هذا فاذبحه واسلخه واحش جلده تبنا وابعث به إلي فأخذ الكتاب وخرج فلقيه الذي سعى به فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال: خط الملك لي بصلة، فقال: هبه مني فقال: هو لك فأخذه ومضى إلى العامل فقال العامل في كتابك أن أذبحك وأسلخك: فقال: إن الكتاب ليس هو لي، الله الله في أمري حتى أراجع الملك، قال: ليس لكتاب الملك مراجعة، فذبحه وسلخه وحشا جلده تبنا وبعث به، ثم عاد الرجل إلى الملك كعادته وقال مثل، قوله، فعجب الملك وقال: ما فعل الكتاب؟ فقال: لقيني فلان فاستوهبه مني فدفعته له، فقال الملك: إنه ذكر لي أنك تزعم أني أبخر، قال: ما قلت ذلك، قال: فلم وضعت يدك على أنفك وفيك؟ قال: أطعمني ثوما فكرهت أن تشمه، قال: صدقت ارجع إلى مكانك فقد كفى المسيء إساءته.