فوائد من كتاب إيقاظ أولي الهمم العالية
فوائد من كتاب إيقاظ أولي الهمم العالية
عن وهب بن منبه قال: قال الحواريون: يا عيسى، من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؟ فقال: الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، والذين نظروا إلى آجل الدنيا حين نظر الناس إلى عاجلها فأماتوا ما خشوا أن يميتهم، وتركُوا ما علموا أن سيتركهم، فصار استكثارهم منها استقلالاً، وذكرهم إياها فواتًا، وفرحُهم بما أصابوا منها حُزنًا، فما عارضهم منها رفضوه، أو من رفعتها بغير الحق وضعوه. خلقت الدنيا عندهم فلم يجددوها، وخربت بينهم فلم يعمروها، وماتت في صدورهم فليسوا يُحْيُوها. يهدمُونها فيبنون بها آخرتهم، ويبيعونها فيشترون بها ما يبقى لهم، رفضوها وكانوا برفضها فرحين، وباعوها وكانوا ببيعها رابحين. نظروا إلى أهلها صرعى قد حلت بهم المثلات، فأحيوا ذكر الموت وأماتوا ذكر الحياة، يحبون الله ويحبون ذكره ويستضيئون بنوره. لهم خبر عجيب، و عندهم الخبر العجيب، بهم قام الكتاب وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب، وبه نطقوا، وبهم عُلم الكتاب وبه علموا فليسوا يرون نائلاً مع ما نالوا ولا أمانًا دون ما يرجون ولا خوفًا دُونَ ما يحذرون