15 وصية للحجاج
الخامس عشر : تذكر الآخرة
تذكر يا عبدالله عندما تفارق أهلك و أحبابك في حال سفرك للحج، تلك الساعة التي تفارقهم فيها إلى الدار الآخرة و تذكر بياض إحرامك ببياض كفنك و تذكر أنه ليس لك من هذه الدنيا إلا ما قدمته من الأعمال الصالحة.
يذكر عن بعض الصالحين حين ركب دابَّته في سفر الحجِّ أخذه البكاء فقيل: لعلَّه ذكر عياله ومفارقته إياهم، فسمعهم فقال: والله ما هو ذاك، وما هو إلاَّ لأنِّي ذكرت بها الرحلة إلى الآخرة، وعلا صوته بالنحيب والبكاء، وهيَّج من حوله بالبكاء.
اللهم وفقنا للعمل الصالح الذي يقربنا إليك و يقودنا إلى مرضاتك و جنانك يا رب العالمين،،
الحادي عشر : وصية للمرأة المسلمة
هنيئاً لك أيتها الغالية على تلبية النداء و السير إلى طاعة ربك و مولاك وقد تركت خلفك الأهل و الأولاد و الأصحاب و متاع الدنيا الزائلة كل ذلك طمعاً فيما عند ربك الرحمان التواب، فأبشري يا من تريدين مغفرة الذنوب و العصيان و رضى الرحيم الرحمان أبشري فقد قال عليه الصلاة و السلام " من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه "
ومع ذلك فإنني أوصيك أيتها الغالية بالابتعاد عن الزينة والروائح الطيبة، و الالتزام بالحجاب الشرعي و عدم مزاحمة الرجال حتى يكون حجك مبرورا و ذنبك مغفورا.
فأنتِ جوهرةٌ ثمينة ودرّة مكنونة، وذات خلق مصونة.
عاشراً : الحذر من الذنوب
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجح كيوم ولدته أمه. البخاري
فالواجب على الحاج الحرص على تحقيق أسباب المغفرة بالاستقامة على الطاعة، وحفظ الحج وصونه عما ينقص أجره من الرفث والفسوق والجدال، والحذر كل الحذر مما يتساهل فيه الناس.
تاسعا: حسن الظن بالله و انه واسع المغفرة
عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفات وقد كادت الشمس أن تؤوب، فقال - صلى الله عليه وسلم: يا بلال، أنصت لي الناس، فقام بلال فقال: أنصتوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنصت الناس فقال: معشر الناس، أتاني جبريل عليه السلام آنفًا فأقرأني من ربي السلام وقال: إن الله - عز وجل - غفر لأهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات، فقام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: يا رسول الله، لنا خاصة، قال: هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة، فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كثر خير الله وطاب. صحيح الترغيب و الترهيب للألباني.
يقول عبدالله بن المبارك جئت إلى سفيان الثوري - رحم الله الجميع - عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه في عرفة، وعيناه تُهمِلان من الدموع، فقال ابن المبارك لسفيان الثوري: من أسوأ هذا الجمع حالًا، فقال: الذي يظن أن الله لا يغفر له.
ثامناً : مساعدة الآخرين
ولا ريب أن هذا العمل عظيم عند الله، و عظيم في نفوس الناس، إذ الحياة مليئة بالمشقات والصعوبات، ومطبوعة على التعب والكدر، وقد تستحكم كربها على المؤمن، حتى يحار قلبه وفكره عن إيجاد المخرج.
وحينها، ما أعظم أن يسارع المسلم في بذل المساعدة لأخيه، ومد يد العون له، والسعي لإزالة كربته أو تخفيفها، وكم لهذه المواساة من أثر في قلب المحتاج.
ففي الحديث قوله عليه الصلاة و السلام: " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.. " رواه مسلم
سابعاً : أن تعلم أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: " من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه ". البخاري
قال الصنعاني:
الحج المبرور: هو الذي لا يخالطه شيء من الإثم ورجحه النووي، وقيل: المقبول، وقيل: الذي تظهر ثمرته على صاحبه بأن يكون حاله بعده خيراً من حاله قبل. سبل السلام ج/2 - ص457
خامسا: حفظ الوقت
عليك أيها الحاج أن تحفظ وقتك بالطاعات و القربات التي تقربك إلى الله تعالى من الدعاء و الذكر و الصلاة و الإستغفار و قراءة القرآن.
وعليك أيضاً ضد ذلك أن تحفظ لسانك عن كثرة القيل والقال، والخوض فيما لا يعنيك والإفراط في المزاح، وصون اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة وسائر قول الزور.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه: " من حجّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ". متفق عليه
قال الحسن البصري: " يا ابن آدم، نهارك ضيفك فأحسِن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمِّك، وكذلك ليلتك ".
قال ابن مسعود: " ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي”.
قال ابن القيم: " إضاعة الوقت أشد من الموت ؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها ".
رابعا: الصحية الصالحة
يقول الله تعالى: " الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ "
أيها الحاج المبارك عليك بالأصحاب الصالحين الطيبين، من الأتقياء والعباد والزهاد، وأهل العلم والخير، وأصحاب الفضل والهمة، الذين يذكرونك إذا نسيت، ويعلمونك إذا جهلت، وينشطونك إذا كسلت، فتكتسب منهم أخلاقا وآدابا صالحة، وهمة عالية، وذلك لأن المرء على دين خليله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المرءُ على دِين خليله، فلينظرْ أحدُكُم مَن يُخَالِلْ " رواه أبو داود.
ثالثاً : النفقة الطيبة في الحج
لتعلم أيها الحاج أن طيب النفقة في الحج أصلٌ في قبول العمل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: " يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ " وقال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ " ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك. رواه مسلم
و ما أجمل ما قاله القائل في أبياته:
إذا حججــــت بمـــــال أصلــــه ســــحت
فمــــا حججـــت ولكـــن حجـــت العـــير
لا يقبــــــل اللــــــه إلا كــــــل طيبــــــة
مـا كـــل مـــن حـــج بيــت اللــه مــبرور
ثانياً : المتابعة للنبي عليه الصلاة و السلام
فالعمل الذي لا يوافق سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهو مردود على صاحبه، قال عليه الصلاة و السلام " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ".
قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: " اتَّبِعوا ولا تبتدِعُوا؛ فقد كُفِيتُم ".
وكان عُمرُ - رضي الله عنه - يهُمُّ بالأمر ويعزِمُ عليه، فإذا قِيلَ له: لم يفعلهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم ؛ انتَهَى - أي تركه.
قال الإمام مالك بن أنس - رحمه الله: " من إبتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة ؛ فقد زعم أن محمداً خان الرسالة ؛ لأن الله يقول: " اليوم أكملت لكم دينكم " فما لم يكن يومئذٍ ديناً ؛ فلا يكون اليوم ديناً ".
أولاً : إخلاص النية لله تعالى
يقول الله تعالى " فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدى ".
ويقول تعالى " هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ".
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال الله تعالى " أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه " رواه مسلم
قال سهل بن عبد الله: " ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب ".
وقال ابن القيم: " العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً يثقله ولا ينفعه ".
وسئل الإمام أحمد بن حنبل عن الصّدق والإخلاص فقال: بهذا ارتفع القوم.
قال شريح: " الحاج قليل والركبان كثير "، فما أكثر الذين يعلمون الخير، ولكن ما أقل الذين يريدون وجه الله.
اذاً ماهي نيتك يا من تريد الحج؟
هل تريد ثناء الناس لك على أنك تحج كل عام؟
أو أنك حججت خمسين حجه ام ماذا؟
لقد كان بعض السلف يعرض له العمل فيتأخر فيه فإن كان لله تقدم وإن كان غير ذلك تأخر.