الترغيب في الأضحية وبيان فضلها
الترغيب في الأضحية وبيان فضلها
عن أنس رضي الله عنه قال: (ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين … الحديث) أخرجه البخاري ومسلم.
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: (أقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين يضحي) أخرجه أحمد والترمذي، وسنده حسن.
* * *
في الحديثين دليل على مشروعية الأضحية والترغيب فيها والحث على فعلها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا فعل شيئاً على وجه الطاعة والقربة ولم يكن مختصاً به كان ذلك مستحباً في حق أمته على أرجح الأقوال.
وقد اختلف أهل العلم في وجوب الأضحية أو كونها سنة مؤكدة، والأحوط للمسلم أن لا يترك الأضحية مع قدرته عليها، لأن أداءها هو الذي يتعين به براءة ذمته، والخروجُ من عهدة الطلب أحوطُ، وأما غير القادر الذي ليس عنده إلا مؤنة أهله فإن الأضحية لا تلزمه، ومن كان عليه دين فإنه يقدمه على الأضحية لوجوب إبراء الذمة عند الاستطاعة.
وأما الاقتراض لشراء الأضحية، فإن كان الإنسان يرجو وفاءً، كمن له مرتب أو نحوه فإنه يقترض ويضحي، وإن كان لا يرجو وفاءً، فإنه لا يقترض لئلا يشغل ذمته بشيء لا يلزمه في مثل حاله.
فعلى الإنسان أن يضحي عن نفسه وأهل بيته، فيشركهم في ثواب الأضحية لينال بذلك عظيم الأجر امتثالاً لأمر الله تعالى، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث ضحى عن نفسه وأهل بيته.
وفي الأضحية إحياءُ سنةِ أبينا إبراهيم عليه السلام، وفيها تقرب إلى الله تعالى بإراقة الدم، وفي الأضحية توسعة على الأهل والفقراء يوم العيد، والإهداء لذوي القربى والجيران.
وذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها، لما فيها من تعظيم الله تعالى بذبحها تقرباً إليه، وإظهارَ شعائرِ دينه، وغير ذلك من المصالح التي تربو على مصلحة الصدقة بثمنها.
وإذا كان المقصود بالأضحية هو الذبح تقرباً إلى الله، فإنه ينبغي للإنسان أن يذبح أضحيته في بيته، وأن يأكل منها، ويطعم، قال تعالى عن الهدي: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ } [الحج/28] والمراد به: شديدُ الحاجة، المعدمُ من المال.
وعليه فلا أرى نقل الأضحية إلى البلاد التي تظهر فيها الحاجة بأن يرسل دراهم ليضحى بها عنه، لأمرين:
الأول: أن الأضحية شعيرة من شعائر الدين التي تتعلق بالإنسان، وفي ذبحها في البيت إحياء لهذه الشعيرة، وإدخال السرور على الأهل والأولاد، وإرسالها يفوت ذلك.
الثاني: أنه بإمكان الإنسان القادر أن يبعث إلى تلك البلاد دراهم أو أطعمة أو أكسية أو نحو ذلك وقد يكون نفعها أكثر من لحم الأضحية.
اللهم رحمتك نرجو، فلا تَكِلْنا إلى أنفسنا طرفة عين، وأصلح لنا شأننا كله، لا إله إلا أنت، واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وصلّى الله وسلم على نبينا محمد …