فصل:
فصل:
إذا تَكرّرَ العطاسُ من إنسان متتابعاً، فالسنّة أن يشمِّته لكل مرّة إلى أن يبلغ ثلاث مرّات.
روينا في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي، عن سلمة بن الأكوع رضي اللّه عنه؛
أنه سمعَ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، وَعَطَسَ عندَه رجلٌ، فقال له: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، ثم عَطَسَ أخرى فقال له رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " الرَّجُلُ مَزْكُومٌ " هذا لفظ رواية مسلم. وأما رواية أبي داود والترمذي فقالا: قال سلمة: عَطَسَ رجل عندَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأنا شاهدٌ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " يَرْحَمُكَ اللَّهُ " ثم عَطَسَ الثانية أو الثالثة، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " يَرْحَمُكَ اللَّهُ، هَذَا رَجُلٌ مَزْكُومٌ " قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأما الذي رويناه في سنن أبي داود والترمذي، عن عبيد اللّه بن رفاعة الصحابيّ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " يُشَمَّتُ العاطِسُ ثَلاثاً، فإنْ زَادَ فإنْ شِئْتَ فَشَمِّتْهُ وَإنْ شِئْتَ فَلا " فهو حديث ضعيف، قال فيه الترمذي: حديث غريب وإسناده مجهول.
وروينا في كتاب ابن السني، بإسناد فيه رجل لم أتحقق حاله، وباقي إسناده صحيح عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: سمعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: " إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيُشَمِّتهُ جَلِيسُهُ، وَإِنْ زَاد على ثَلاثَة فَهُوَ مَزْكُومٌ، وَلا يُشَمَّتُ بَعْدَ ثَلاثٍ " .
واختلف العلماء فيه، فقال ابن العربي المالكي: قيل يقال له في الثانية: إنك مزكوم، وقيل يقال له في الثالثة، وقيل في الرابعة، والأصحّ أنه في الثالثة. قال: والمعنى فيه أنك لست ممّن يُشمَّت بعد هذا، لأن هذا الذي بك زكامٌ ومرض لا خفّة العطاس. فإن قيل: فإذا كان مرضاً فكان ينبغي أن يُدعى له ويُشمّت، لأنه أحقّ بالدعاء من غيره؟ فالجواب أنه يُستحبّ أن يُدعى له لكن غير دعاء العطاس المشروع، بل دعاء المسلم للمسلم بالعافية والسلامة ونحو ذلك، ولا يكون من باب التشميت.