ما جاء في الاستسقاء بالأنواء
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
قول الله تعالى : ﴿ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ﴾ . الواقعة ( 82 )
----------------
روى الإمام أحمد والترمذي وحسنه ، عن علي قال : قال رسول الله : ( ﴿ وتجعلون رزقكم .. ﴾ يقول : شكركم ﴿ أنكم تكذبون ﴾ يقول : مطرنا بنوء كذا وكذا وبنجم كذا وكذا “ . ورٌوي هذا التفسير عن علي وابن عباس وقتادة والضحاك وعطاء الخراساني وغيرهم ، وهو قول جمهور المفسرين . وبهذا يظهر استدلال المصنف بالآية على الترجمة . فالمعنى على هذا : وتجعلون شكركم لله على ما أنزل إليكم من الغيث والمطر والرحمة أنكم تكذبون ، أي تنسبونه إلى غيره .
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
وعن أبي مالك الأشعري أن رسول الله قال : ( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر بالأحســاب ، والطعن في الأنسـاب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة ، وقال : النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ) . رواه مسلم ( 934 )
----------------
( أمتي ) أي أمة الإجابة . ( من أمر الجاهلية لا يتركونهن ) أي من شأن الجاهلية ، والغرض من إضافتها للجاهلية المقصود منه التنفير والتقبيح ، والمراد بالجاهلية هنا : ما قبل المبعث ، سمّوا بذلك لفرط جهلهم ( لا يتركونهن ) إما مع العلم بتحريمها ، أو مع الجهل بذلك . ( الفخر بالأحساب ) أي التعاظم على الناس بالآباء ومآثرهم ، كأن يقول : أنا ولد فلان ويفتخر بذلك ( والطعن في الأنساب ) الطعن : العيب . الأنساب : جمع نسب ، وهو أصل الإنسان وقرابته . فيطعن في نسبه كأن يقول : أنت ابن الدباغ ، وهذا الفعل من أمر الجاهلية . ( والاستسقاء بالنجوم ) أي نسبة المطر إلى النوء . ( والنياحة ) أي رفع الصوت بالندب على الميت
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
عن زيد بن خالد قال : ( صلى لنا رسول الله الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل ، فلما انصرف أقبل على الناس فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مُطرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب ، وأما من قال : مُطرنا بنوء كذا وكذا ، فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب ) . البخاري ( 846 ) ومسلم ( 71 )
----------------
( صلى لنا ) أي صلى بنا . ( الحديبية ) مكان معروف عند حدود الحديبية من جهة جدة . ( على إثر سماء ) أي عقب مطر ، وأطلق على المطر سماء لكونه ينزل من جهة السماء . ( فلما انصرف ) أي من صلاته لا من مكانه ، كما يدل عليه قوله : ( اقبل على الناس ) . ( هل تدرون ) لفظ استفهام ، ومعناه التنبيه . وفي رواية النسائي : ( ألم تسمعوا ما قال ربكم الليلة ) . ( فأما من قال مطرنا بفضل الله ... ) وفي رواية : ( فأما من حمدني على سقياي وأثنى علي ، فذاك من آمن بي ) أي من نسبه إلى الله أنه أنزله بفضله ورحمته من غير استحقاق من العبد على ربه . ( وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا ... ) المراد هنا : الكفر الأصغر بنسبة ذلك إلى غير الله وكفران نعمته ، وإن كان يعتقد أن الله ســــبحانه وتعالى هــــــو الخالق للمطر المنزل له ، بدليل قوله في الحديث : ( فأما من قال مطرنا بفضل الله ... ) فلو كان المراد هو الأكبر لقال : ( أنزل علينا المطر نوء كذا وكذا ) .
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
لهما من حديث ابن عباس معناه ، قال : ( قال بعضهم : لقد صدق نوء كذا وكذا ، فأنزل الله هذه الآية : ﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ـ إلى قوله ـ تكذبون ﴾ ) .
----------------
( ولهما ) الحديث لمسلم فقط ، ولفظه : عن ابن عباس قال : ( مُطر الناس على عهد النبي فقال النبي : أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر ، وقالوا هذه رحمة الله ، وقال بعضهم : لقد صدق نوء كذا وكذا ، قال : فنزلت هذه الآية : ﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ﴾ ) . أقسم بمواقع النجوم ، ويكون جوابه : ﴿ إنه لقرآن كريم ﴾ . فعلى هذا تكون ( لا ) صلة لتأكيد النفي . ومواقع النجوم : قيل الكواكب ومواقعها مساقطها عند غروبها . قال مجاهد : ” مطالعها ومشارقها ، واختاره ابن جرير “ . ﴿ وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ﴾ قال ابن كثير : ” أي وأن هذا القسم الذي أقسمت به لقسم عظيم ، لو تعلمون عظمته لعظمتهم المقسم عليه . ﴿ إنه لقرآن كريم ﴾ هذا هو المقسم عليه ـ وهو القرآن ـ أي أنه وحي الله وتنزيله وكلامه ، لا كما يقول الكفار : إنه سحر وكهانة أو شعر ، بل هو قرآن كريم ، أي عظيم كثير الخير . ﴿ في كتاب مكنون ﴾ قال ابن القيم : ” اختلف المفسرون في هذا : فقيل : هو اللوح المحفوظ . والصحيح أنه الكتاب الذي بأيدي الملائكة ، وهو المذكور في قوله : ﴿ في صحف مكرمة . مرفوعة مطهرة . بأيدي سفرة كرامٍ بررة ﴾ . ويدل على أنه الكتـاب الذي في أيدي الملائكة قوله : ﴿ لا يمسه إلا المطهرون ﴾ فهذا يدل على أنه بأيديهم يمسونه . ﴿ لا يمسه إلا المطهرون ﴾ لا يمسه : الضمير يعود على الكتاب المكنون . المطهرون : هم الذين طهرهم الله ، وهم الملائكة ، طهروا من الذنوب وأدناسها .