قول الله تعالى : ﴿ حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ﴾
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
قول الله تعالى: ﴿ حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ﴾
----------------
(حتى إذا فزع عن قلوبهم) أي زال النزع عنها. [قاله ابن عباس وابن عمر والشعبي] والفزع: الخوف المفاجئ، لأن الخوف المستمر لا يسمى فزعاً. (عن قلوبهم) أي الملائكة، وهذا ما اختاره ابن جرير وغيره. وقال ابن كثير: ” وهو الحق الذي لا مرية فيه لصحة الأحاديث فيه والآثار “. وقال أبو حيّان: ” تظاهرت الأحاديث عن رسول الله أن قوله ﴿ حتى إذا فزع عن قلوبهم ﴾ إنما هي في الملائكة “. (قال ماذا قال ربكم) أي قال بعضهم لبعض. ولم يقولوا ماذا خلق ربكم، ولو كان كلام الله مخلوقاً لقالوا: ماذا خلق ربكم. (قالوا الحق) أي قالوا: قال الله الحق، وذلك لأنهم إذا سمعوا كلام الله وصعقوا، ثم قاموا، أخذوا يتساءلون فيقولون: ماذا قال ربكم؟ فيقولون: قال الحق. (وهو العلي الكبير) علو القدر وعلو القهر وعلو الذات، فله العلو الكامل من جميع الوجوه، قال تعالى: ﴿ الرحمن على العرش استوى ﴾. الكبير: الذي لا أكبر منه ولا أعظم تبارك وتعالى.
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
عن أبي هريرة أن النبي قال: (إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله، كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك، حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض، وصفه سفيان بكفه، فحرفها وبدد بين أصابعه، فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سُمعت من السماء). رواه البخاري
----------------
(إذا قضي الأمر في السماء) أي إذا تكلم الله بالأمر الذي يوحيه إلى جبرائيل بما أراده. (ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله) أي لقول الله عز وجل. قال الحافظ: ” خَضَعاناً: بفتحتين من الخضوع “. (كأنه سلسلة على صفوان) أي كأن الصوت المسموع سلسلة على صفوان وهو الحجر الأملس. وقد روى ابن مردويه من حديث ابن مسعود رفعه: (إذا تكلم الله بالوحي، سمع أهل السموات صلصلة كصلصلة السلسلة على الصفوان...). (ينفذهم ذلك) بفتح الياء وسكون النون وضم الفاء. ذلك: أي القول، والضمير في: ينفذهم: للملائكة، أي: ينفذ ذلك القول الملائكة، أي يخلص ذلك القول ويمضي فيهم حتى يفزعوا منه. (حتى إذا فزع عن قلوبهم) أي أزيل عنها الخوف والغشي. (قالوا الحق) أي قالوا: قال الله الحق، علموا أن الله لا يقول إلا حقاً. (فيسمعها مسترق السمع) أي يسمع الكلمة التي قضاها الله مسترق السمع، وهم الشياطين يركب بعضهم بعضاً، فيسمعون أصوات الملائكة بالأمر يقضيه الله، كما قال تعالى: ﴿ وحفظناها من كل شيطان رجيم. إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين ﴾. (فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته) أي يسمع الفوقاني الكلمة فيلقيها إلى آخر تحته، ثم يلقيها إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن. السحر: عزائم ورقى وتعوذات تؤثر في بدن المسحور وقلبه وعقله وتفكيره. الكاهن: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل. (فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها) الشهاب: هو شعلة من نار قد تدرك الشيطان فتحرقه، وقد يفلت منها. (فيكذب معها مائة كذبة) أي يكذب الساحر أو الكاهن مع الكلمة التي ألقاها إليه وليّه من الشياطين مائة كذبة. (مائة) هل هذا على سبيل التحديد؟ أو المعنى أنه يكذب معها كذبات كثيرة؟ الثاني هو الصحيح.