باب آداب السير والنزول والمبيت
باب آداب السير والنزول والمبيت
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سافرتم في الخصب، فأعطوا الإبل حظها من الأرض، وإذا سافرتم في الجدب، فأسرعوا عليها السير، وبادروا بها نقيها، وإذا عرستم، فاجتنبوا الطريق؛ فإنها طرق الدواب، ومأوى الهوام بالليل». رواه مسلم.
----------------
معنى «أعطوا الإبل حظها من الأرض» أي: ارفقوا بها في السير لترعى في حال سيرها، وقوله: «نقيها» هو بكسر النون وإسكان القاف وبالياء المثناة من تحت وهو: المخ، معناه: أسرعوا بها حتى تصلوا المقصد قبل أن يذهب مخها من ضنك السير. و «التعريس»: النزول في الليل.
باب آداب السير والنزول والمبيت
تطريز رياض الصالحين
عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في سفر، فعرس بليل اضطجع على يمينه، وإذا عرس قبيل الصبح نصب ذراعه، ووضع رأسه على كفه. رواه مسلم.
----------------
قال العلماء: إنما نصب ذراعه لئلا يستغرق في النوم، فتفوت صلاة الصبح عن وقتها أو عن أول وقتها. قوله: «اضطجع على يمينه»، النوم على اليمين أشرف جهة، ولئلا يستغرق في النوم لكون القلب يكون حينئذ معلقا فلا ينغمر في النوم.
باب آداب السير والنزول والمبيت
تطريز رياض الصالحين
عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بالدلجة، فإن الأرض تطوى بالليل». رواه أبو داود بإسناد حسن.
----------------
«الدلجة»: السير في الليل. تقطع الدواب من المسافة في الليل خصوصا آخره ما لا تقطعها في... النهار، لنشاطها ببرود الليل، وبركة آخره. قال الشاعر:؟؟... عند الصباح يحمد القوم السري... وتنجلي عنهم غيابات الكرى
باب آداب السير والنزول والمبيت
تطريز رياض الصالحين
عن أبي ثعلبة الخشني - رضي الله عنه - قال: كان الناس إذا نزلوا منزلا تفرقوا في الشعاب والأودية. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان!» فلم ينزلوا بعد ذلك منزلا إلا انضم بعضهم إلى بعض. رواه أبو داود بإسناد حسن.
----------------
يعني: أن التفرق ناشئ من وسواس الشيطان وإغوائه، وذلك أن المراد من الرفقة دفع ما يعرض في السفر، والتعاون على نوائبه، والتفرق مانع من ذلك.
باب آداب السير والنزول والمبيت
تطريز رياض الصالحين
عن سهل بن عمرو - وقيل: سهل بن الربيع بن عمرو - الأنصاري المعروف بابن الحنظلية، وهو من أهل بيعة الرضوان - رضي الله عنه - قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: «اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة». رواه أبو داود بإسناد صحيح.
----------------
سميت البهيمة عجماء لأنها لا تتكلم. وفي هذا الحديث: الأمر بتقوى الله فيها. ونص على صفتها بأنها معجمة للاستعطاف عليها، ومزيد الشفقة بها، ولأنها لا تقدر على الفرار، ولا الشكوى إلا إلى الله. وقد ورد في بعض الآثار: أن الملك يمسح خاصرتها كل ليلة، فإن كانت شابعة دعى لصاحبها بالبركة، وإن كانت جائعة دعا عليه بالفقر وهذا مشاهد بالحس
باب آداب السير والنزول والمبيت
تطريز رياض الصالحين
عن أبي جعفر عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، قال: أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم خلفه، وأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجته هدف أو حائش نخل. يعني: حائط نخل. رواه مسلم هكذا مختصرا.
----------------
وزاد فيه البرقاني بإسناد مسلم - بعد قوله: حائش نخل - فدخل حائطا لرجل من الأنصار، فإذا فيه جمل، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرجر وذرفت عيناه، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فمسح سراته - أي: سنامه - وذفراه فسكن، فقال: «من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟» فجاء فتى من الأنصار، فقال: هذا لي يا رسول الله. فقال: «أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟ فإنه يشكو إلي أنك تجيعه وتدئبه». رواه أبو داود كرواية البرقاني. قوله «ذفراه»: هو بكسر الذال المعجمة وإسكان الفاء، وهو لفظ مفرد مؤنث. قال أهل اللغة: الذفرى: الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن، وقوله: «تدئبه» أي: تتعبه. في هذا الحديث: معجزة من معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - الدالة على صدقة. وفيه: تواضعه - صلى الله عليه وسلم - وكمال شفقته، ومزيد رحمته. وفيه: جواز قولهم: رب هذا الجمل، ورب الإبل، يعني مالكها. وفي رواية لأحمد: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «انظر لمن هذا الجمل». قال: فخرجت ألتمس صاحبه، فوجدته لرجل من الأنصار فدعوته له. فقال: «ما شأن جملك هذا»؟ فقال: ما شأنه لا أدري، والله ما شأنه عملنا عليه ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية فائتمرنا البارحة أن ننحره، ونقسم لحمه. قال: «فلا تفعل». قوله: «أفلا تتق الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه يشكوا إلي أنك تجيعه وتدئبه». وفي رواية لأحمد: «شاكيا كثرة العمل، وقلة العلف». قال الأزهري: البهيمة في اللغة معناها المبهمة عن العقل، والتمييز. والمعنى: ألا تتقي الله في ما لا لسان له فتشكو ما بها من جوع، وعطش، ومشقة.
باب آداب السير والنزول والمبيت
تطريز رياض الصالحين
عن أنس - رضي الله عنه - قال: كنا إذا نزلنا منزلا، لا نسبح حتى نحل الرحال. رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم.
----------------
وقوله: «لا نسبح»: أي لا نصلي النافلة، ومعناه: أنا - مع حرصنا على الصلاة - لا نقدمها على حط الرحال إراحة الدواب. في هذا الحديث: استحباب إراحة البهائم بالحط عنها قبل الاشتغال بعبادة أو غيرها لما لحقها من التعب. وفيه: استحباب التنفل في السفر.