باب آداب السير والنزول والمبيت
باب آداب السير والنزول والمبيت
تطريز رياض الصالحين
عن أبي جعفر عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، قال: أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم خلفه، وأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجته هدف أو حائش نخل. يعني: حائط نخل. رواه مسلم هكذا مختصرا.
----------------
وزاد فيه البرقاني بإسناد مسلم - بعد قوله: حائش نخل - فدخل حائطا لرجل من الأنصار، فإذا فيه جمل، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرجر وذرفت عيناه، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فمسح سراته - أي: سنامه - وذفراه فسكن، فقال: «من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟» فجاء فتى من الأنصار، فقال: هذا لي يا رسول الله. فقال: «أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟ فإنه يشكو إلي أنك تجيعه وتدئبه». رواه أبو داود كرواية البرقاني. قوله «ذفراه»: هو بكسر الذال المعجمة وإسكان الفاء، وهو لفظ مفرد مؤنث. قال أهل اللغة: الذفرى: الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن، وقوله: «تدئبه» أي: تتعبه. في هذا الحديث: معجزة من معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - الدالة على صدقة. وفيه: تواضعه - صلى الله عليه وسلم - وكمال شفقته، ومزيد رحمته. وفيه: جواز قولهم: رب هذا الجمل، ورب الإبل، يعني مالكها. وفي رواية لأحمد: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «انظر لمن هذا الجمل». قال: فخرجت ألتمس صاحبه، فوجدته لرجل من الأنصار فدعوته له. فقال: «ما شأن جملك هذا»؟ فقال: ما شأنه لا أدري، والله ما شأنه عملنا عليه ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية فائتمرنا البارحة أن ننحره، ونقسم لحمه. قال: «فلا تفعل». قوله: «أفلا تتق الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه يشكوا إلي أنك تجيعه وتدئبه». وفي رواية لأحمد: «شاكيا كثرة العمل، وقلة العلف». قال الأزهري: البهيمة في اللغة معناها المبهمة عن العقل، والتمييز. والمعنى: ألا تتقي الله في ما لا لسان له فتشكو ما بها من جوع، وعطش، ومشقة.