كتاب الصيام
حديث شريف
المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج
اختلف العلماء في صوم رمضان في السَّفر، فقال بعض أهل الظاهر: لا يصح صوم رمضان في السفر، فإن صامه لم ينعقد، ويجب قضاؤه، لظاهر الآية، ولقوله ﷺ: «ليس من البر الصيام في السفر» ولحديث «أولئك العصاة» وقال جماهير العلماء وجميع أهل الفتوى: يجوز صومه في السَّفر وينعقد ويجزيه.
حديث شريف
اتفق العلماء على أن صوم يوم عاشوراء اليوم سنة ليس بواجب، واختلفوا في حكمه في أول الإسلام حين شُرِع صومه قبل صوم رمضان، فقال أبو حنيفة: كان واجبًا واختلف أصحاب الشافعي فيه على وجهين مشهورين، أشهرهما عندهم أنه لم يزل سنة من حين شُرِع ولم يكن واجبًا قط في هذه الأمة ولكنه كان متأكِّد الاستحباب.
حديث شريف
والحكمة في النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم أنه يوم دعاء، وذكر، وعبادة، من الغسل، والتبكير إلى الصلاة وانتظارها واستماع الخطبة، وإكثار الذكر بعدها، وغير ذلك من العبادات في يومها فاستُحبَّ الفِطر فيه فيكون أعون له على هذه الوظائف، وأدائها بنشاط وانشراح لها والتذاذ بها، من غير ملل ولا سآمة. هذا هو المعتمد في الحكمة من النهي عن إفراد صوم الجمعة.
حديث شريف
قوله ﷺ: «لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي» احتج به العلماء على كراهة هذه الصلاة المبتدعة التي تُسمَّى الرغائب قاتل الله واضعها ومخترعها، فإنها بدعة منكرة، من البدع التي هي ضلالة وجهالة، وفيها منكرات ظاهرة، وقد صنف جماعة من الأئمة مصنفات نفيسة في تقبيحها، وتضليل مصليها ومبتدعها، ودلائل قُبحها وبطلانها وتضلل فاعلها أكثر من أن تحصر.
حديث شريف
اختلف العلماء فيمن مات وعليه صوم واجب من رمضان أو قضاء أو نذر أو غيره هل يُقضَى عنه؟ للشافعي في المسألة قولان مشهوران أشهرهما لا يُصاَم عنه ولا يصح عن ميت صوم أصلًا، والثاني يستحب لوليه أن يصوم عنه ويصح، صومه عنه، ويبرأ به الميت، ولا يحتاج إلى إطعام عنه وهذا القول هو الصحيح المختار الذي نعتقده وهو الذي صححه محققو أصحابنا الجامعون بين الفقه والحديث.
حديث شريف
قوله ﷺ: «قال الله تعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به» اختلف العلماء في معناه مع كون جميع الطاعات لله تعالى، فقيل: سبب إضافته إلى الله تعالى أنه لم يُعبَد أحد غير الله تعالى به، فلم يعظم الكفار في عصرٍ من الأعصار معبودًا لهم بالصيام وإن كانوا يعظمونه بصورة الصلاة والسجود والصدقة والذكر وغير ذلك.
حديث شريف
قالت عائشة: «لم يكن رسول الله ﷺ في الشهر من السنة أكثر صيامًا منه في شعبان» فإن قيل قال النبي ﷺ: «أفضل الصوم بعد رمضان صوم المحرم» فكيف أكثر النبي من الصيام في شعبان دون المحرم؟ فالجواب: لعله لم يعلم فضل محرم إلا في آخر الحياة، أو كان يعرض فيه أعذار تمنع من إكثار الصوم فيه كسفر ومرض وغيرهما.
حديث شريف
اختلف العلماء في حكم سرد الصوم، فذهب أهل الظاهر إلى منع صيام الدهر لظواهر الأحاديث، وذهب جماهير العلماء إلى جوازه إذا لم يصم الأيام المنهي عنها وهي العيدان والتشريق، ومذهب الشافعي وأصحابه أنَّ سرد الصيام إذا أفطر العيدين والتشريق لا كراهة فيه بل هو مستحب بشرط أن لا يلحقه به ضرر ولا يفوت حقًا فإن تضرر أو فوَّت حقًا فمكروه.
حديث شريف
قال القاضي واختلفوا في تعيين هذه الأيام الثلاثة المستحبة من كل شهر، ففسره جماعة من الصحابة والتابعين بأيام البيض وهي: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر. منهم عمر بن الخطاب وابن مسعود، واختار النخعي وآخرون آخر الشهر، واختار آخرون ثلاثة من أوله، منهم الحسن. واختارت عائشة وآخرون صيام السبت والأحد والاثنين من شهر ثم الثلاثاء والأربعاء والخميس من الشهر الذي بعده. واختار آخرون الاثنين والخميس، وفي حديث رفعه ابن عمر أول اثنين في الشهر وخميسان بعده، وعن أم سلمة أول خميس والاثنين بعده ثم الاثنين، وقيل أول يوم من الشهر والعاشر والعشرين وقيل إنه صيام مالك بن أنس وروي عنه كراهة صوم أيام البيض وقال ابن شعبان المالكي أول يوم من الشهر والحادي عشر والحادي وعشرون والله أعلم.