باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده
باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده
شرح كتاب التوحيد للهيميد
عن جندب عن جندب بن عبد الله قال: (سمعت النبي قبل أن يموت بخمس وهو يقول: إني أبرأ إلى الله أن يكون لي خليل، فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك). رواه مسلم (532)
----------------
(إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل) أي امتنع من هذا وأنكره. والخليل: هو المحبوب غاية المحبة. قال القرطبي: ” وإنما كان ذلك لأن قلبه قد امتلأ من محبة الله وتعظيمه ومعرفته، فلا يسع لمخالفة غيره “. (فإن الله قد اتخذني خليلاً) هـذا تعليل لقوله: (إني أبرأ...) فالنبي ليس في قلبه خلة لأحد إلا الله عز وجل، وهذا دليل على أن الخلة أكمل من المحبة. (ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً) فيه دليل على أن الصديق أفضل الصحابة. (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون... فإني أنهاكم عن ذلك) قال صاحب فتح المجيد: ” قلت: وكيف يسوغ مع هذا التغليظ من سيد المرسلين أن تعظم القبور، ويبنى عليها، ويصلى عندها وإليها، وهذا أعظم مشاقة ومحادة لله تعالى ولرسوله لو كانوا يعقلون “.