باب تحريم الرياء
باب تحريم الرياء
تطريز رياض الصالحين
عن جندب بن عبد الله بن سفيان - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به». متفق عليه. ورواه مسلم أيضا من رواية ابن عباس رضي الله عنهما.
----------------
«سمع» بتشديد الميم، ومعناه: أظهر عمله للناس رياء. «سمع الله به» أي: فضحه يوم القيامة. ومعنى: «من راءى» أي: من أظهر للناس العمل الصالح ليعظم عندهم. «راءى الله به» أي: أظهر سريرته على رؤوس الخلائق. قال الحافظ: ولابن المبارك من حديث ابن مسعود: «من سمع سمع الله به، ومن راءى رءاى الله به، ومن تطاول تعاظما خفضه الله، ومن تواضع تخشعا رفعه الله». وفي الحديث: استحباب إخفاء العمل الصالح، لكن قد يستحب إظهاره ممن يقتدى به على إرادته الاقتداء به، ويقدر ذلك بقدر الحاجة. قال ابن عبد السلام: يستثنى من استحباب إخفاء العمل، من يظهره ليقتدى به، أو لينتفع به ككتابة العلم. ومنه حديث: «لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي». قال الطبري: كان ابن عمر وابن مسعود وجماعة من السلف يتهجدون في مساجدهم، ويتظاهرون بمحاسن أعمالهم ليقتدى بهم. قال: فمن كان إماما يستن بعمله، عالما بما لله عليه، قاهرا لشيطانه، استوى ما ظهر من عمله وما خفي، لصحة قصده، ومن كان بخلاف ذلك فالإخفاء في حقه أفضل. وعلى ذلك جرى عمل السلف. فمن الأول: حديث أنس قال: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يقرأ ويرفع صوته بالذكر فقال: «إنه أواب». قال: فإذا هو المقداد بن الأسود. أخرجه الطبري. ومن الثاني: حديث أبي هرير قال: قام رجل يصلي فجهر بالقراءة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسمعني وأسمع ربك». أخرجه أحمد.