باب تحريم الرياء
باب تحريم الرياء
تطريز رياض الصالحين
قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين... حنفاء}. [البينة (5)].
----------------
أي: ما أمروا إلا بإخلاص العبادة لله، موحدين حنفاء، مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام، ويقيموا الصلاة المكتوبة في أوقاتها، ويؤتوا الزكاة عند محلها، وذلك الذي أمروا به. {وذلك دين القيمة} [البينة (5)]، أي: الملة والشرعية المستقيمة.
باب تحريم الرياء
تطريز رياض الصالحين
قال تعالى: {لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس} [البقرة (264)].
----------------
أي: لا تبطلوا أجور صدقاتكم بالمن والأذى، كما تبطل صدقة من راءي بها الناس فأظهر لهم أنه يريد وجه الله، وإنما قصده مدح الناس له. {ولا يؤمن بالله واليوم الآخر} [البقرة (264)]، يريد أن الرياء يبطل الصدقة، ولا تكون النفقة مع الرياء من فعل المؤمنين. ثم ضرب تعالى مثل ذلك المرائي فقال: {فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين} [البقرة (264)]. وفيه: إيماء إلى أن الرياء من صفة الكفار، فعلى المؤمن أن يحذر منها.
باب تحريم الرياء
تطريز رياض الصالحين
قال تعالى: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يرآؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا} [النساء (142)].
----------------
قال ابن كثير: يراؤون الناس: أي: لا إخلاص لهم، ولا معاملة مع الله، بل إنما يشهدون الناس تقية لهم ومصانعة، ولهذا يتخلفون كثيرا عن الصلاة، التي لا يرون فيها غالبا، كصلاة العشاء، وصلاة الصبح. وقوله: {ولا يذكرون الله إلا قليلا} [البقرة (142)]، أي: في صلاتهم لا يخشعون، ولا يدرون ما يقولون، بل هم في صلاتهم ساهون لاهون، وعما يراد بهم من الخير معرضون. وروى الإمام أحمد، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يجلس فيرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا».
باب تحريم الرياء
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتي به، فعرفه نعمته، فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء! فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت ليقال: عالم! وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ؛ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال، فأتي به فعرفه نعمه، فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد! فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار». رواه مسلم.
----------------
«جريء» بفتح الجيم وكسر الراء والمد: أي شجاع حاذق. يشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون} [هود (15، 16)].
باب تحريم الرياء
تطريز رياض الصالحين
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن ناسا قالوا له: إنا ندخل على سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم؟ قال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. رواه البخاري.
----------------
قال البخاري: باب ما يكره من ثناء السلطان، وإذا خرج قال غير ذلك. وذكر الحديث. وحديث أبي هريرة: «إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه». قال القرطبي: إنما كان ذو الوجهين شر الناس؛ لأن حاله حال المنافق. إذ هو متملق بالباطل وبالكذب، ومدخل للفساد بين الناس.
باب تحريم الرياء
تطريز رياض الصالحين
عن جندب بن عبد الله بن سفيان - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به». متفق عليه. ورواه مسلم أيضا من رواية ابن عباس رضي الله عنهما.
----------------
«سمع» بتشديد الميم، ومعناه: أظهر عمله للناس رياء. «سمع الله به» أي: فضحه يوم القيامة. ومعنى: «من راءى» أي: من أظهر للناس العمل الصالح ليعظم عندهم. «راءى الله به» أي: أظهر سريرته على رؤوس الخلائق. قال الحافظ: ولابن المبارك من حديث ابن مسعود: «من سمع سمع الله به، ومن راءى رءاى الله به، ومن تطاول تعاظما خفضه الله، ومن تواضع تخشعا رفعه الله». وفي الحديث: استحباب إخفاء العمل الصالح، لكن قد يستحب إظهاره ممن يقتدى به على إرادته الاقتداء به، ويقدر ذلك بقدر الحاجة. قال ابن عبد السلام: يستثنى من استحباب إخفاء العمل، من يظهره ليقتدى به، أو لينتفع به ككتابة العلم. ومنه حديث: «لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي». قال الطبري: كان ابن عمر وابن مسعود وجماعة من السلف يتهجدون في مساجدهم، ويتظاهرون بمحاسن أعمالهم ليقتدى بهم. قال: فمن كان إماما يستن بعمله، عالما بما لله عليه، قاهرا لشيطانه، استوى ما ظهر من عمله وما خفي، لصحة قصده، ومن كان بخلاف ذلك فالإخفاء في حقه أفضل. وعلى ذلك جرى عمل السلف. فمن الأول: حديث أنس قال: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يقرأ ويرفع صوته بالذكر فقال: «إنه أواب». قال: فإذا هو المقداد بن الأسود. أخرجه الطبري. ومن الثاني: حديث أبي هرير قال: قام رجل يصلي فجهر بالقراءة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسمعني وأسمع ربك». أخرجه أحمد.
باب تحريم الرياء
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله - عز وجل - لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة» يعني: ريحها. رواه أبو داود بإسناد صحيح
----------------
فيه: وعيد شديد لمن تعلم العلم الشرعي لأجل الدنيا فقط.